رفع النائب ميشال عون سقف التحدي بإعلانه المضي في خوض انتخابات المتن الشمالي حيث «سيكون مجلس الشورى الشعبي الذي سنطعن فيه بقرارات مجلس الشورى الذي أصبح أداة في يد الحكومة»، لكنه ترك الباب موارباً بالقول إنه مستعدّ لإعادة النظر في موقفه «عندما يصار إلى إصلاح الموقف السياسي وتكون هناك شجاعة والتزام»، وأضاف أن «أي تسوية يجب أن تصحح الوضع الدستوري» وبدون ذلك «تصبح صعبة جداً وربما مستحيلة».جاء ذلك في كلمة ألقاها عون أمام وفد شعبي زاره أمس في الرابية، استهلها بتجديد هجومه على ما يراه «دعارة القلم» وترويج الشائعات، مذكّراً بشروطه للعلاقة مع سوريا. ودعا إلى عدم المتاجرة بهذا الموضوع. ثم عرض الدورات الانتخابية بعد الحرب، منتقداً «التهميش» و«الأباطيل» وبقاء «ذهنية الحاكمين والمتعاملين مع سوريا» بعد الانسحاب السوري. كذلك تطرّق إلى انفراط التحالف الرباعي وانسحاب الوزراء من الحكومة، وصولًا إلى طاولة الحوار.
وتوقف بإسهاب أمام كيفية التعاطي مع رئيس الجمهورية، متهماً الأكثرية بالتعامل «مع السفراء بتواطؤ، والخروج عن أصول الاتفاقات الدولية التي ترعى العلاقات الدبلوماسية في البلد، وقاطعوا الرئيس في مؤتمر الفرنكفونية (...) ثم إمرار المحكمة الدولية في شكل أعوج، وأخيراً وليس آخراً، تجاوز صلاحيته في مرسوم دعوة الناخبين». ورأى أن «هذه المواضيع التي تتجاوز الدستور والقوانين، أصبحت تضع رئيس الجمهورية في موقع أدنى من موقع رئيس البروتوكول».
وقال: «ركضنا في اتجاه القضاء حيث هناك اجتهاد عام 2002، بعد شكوى قدمت إلى المجلس الدستوري، فردّها لكونها تتعلق بصلاحيات مجلس الشورى، وعلى هذا الأساس تقدمنا بالطعن أمام مجلس الشورى فردّها مجلس الشورى باعتبار أن بتّ هذا الطعن من صلاحيات المجلس الدستوري. يلعبون معنا كرة طاولة، كأن حقوق الناس وحقوق الوطن والمواقع الدستورية طابة يلعبون بها على الطاولة».
وبعدما قال: «نحن اليوم محكومون من شبكة مافيوية»، أضاف مؤكداً: «لا يمكن أن نقبل بعد اليوم بهذا الموضوع (...) ونقول لهم «لكم سواعد وأصوات المتنيين الذين سيكونون الحكم الأخير. في المتن الشمالي: سيكسر التعسف الحكومي، ستسقط الحكومة اللاشرعية، سيقهر المال السياسي، وسيكون الموقع الرائد في تحرير لبنان من الأمراض الباقية في المجتمع اللبناني. المتن الشمالي سيكون هو مجلس الشورى الشعبي الذي سنطعن فيه بقرارات مجلس الشورى الذي اصبح اداة في يد الحكومة».
وهاجم «الأقلام المريضة والنفوس المتخلفة» التي تتحدث عن «الانقسام» و«المعركة» و«الخطر»، سائلًا: «وهل هناك ديموقراطية من دون انقسام في الرأي؟ كيف تكون ديموقراطية إذا كان 99.99% مع الحاكم». وأضاف: «كل من لا يريد الخضوع والاحتكام إلى قرار الناس لا يحق له أن يدّعي أنه يحترم الديموقراطية ولا يحق له أن يشترك حتى في العملية الديموقراطية. يجب أن يكون هناك قبول مسبق برأي الناس ورأي الأكثرية، وإلا فكلما كانت هناك انتخابات نهدّد ونحجب الدم ونحجب الانقسام «ويا تعتيرنا ويا ويلنا»، فليعودوا عندها إلى زمن الإقطاع وليختاروا رئيس قبيلة ليترأسهم».
وقال: «معركتنا ليست معركة ضد شخص، قد يكون في هذه المعركة الرئيس الجميل أو غيره، ليس لدينا ملف شخصي لنصفّيه في الانتخابات. لكن هناك ملفّاً سياسياً، الرئيس الجميل ركن منه، ومن يتجاوز صلاحيات الرئيس ويهمّش الوضع المسيحي يستخدم الرئيس الجميل ومسيحيي الفريق الحاكم للتهميش عبر تأمين الغطاء لهم. من هنا لا نقبل أن نعطي أصواتنا لهم، وإذا كانوا يتحدثون عن تسوية فأي تسوية يجب أن تصحح الوضع الدستوري، ومن يرد أن يربح المعركة فليتفضل ويصلح علاقاته مع الناس».
ودعا الجميل إلى التوقف عن مهاجمته، وإلى إعادة النظر «في سياسته المرفوضة متنياً والتي لا تشترى بالمال لأن هناك قناعة ووجوداً وكرامة». وختم بإبداء الاستعداد لإعادة النظر في موقفه «عندما يصار إلى إصلاح الموقف السياسي ويكون هناك شجاعة والتزام، وإلا فسنكمل المعركة. هناك تمنيات عدة من بعض الشخصيات التي نجلّ من أجل هذا الموضوع، لكن بدون إصلاح الموقف في شكل سليم وحقيقي وبدون أن يكون الموقف السياسي منسجماً مع موقف المتنيين الذي ندافع عنه، فالتسوية تصبح صعبة جداً وربما مستحيلة. إذا كان هناك من مجال لإعادة النظر في الموضوع فهناك قضية مرفوعة أمام مجلس الشورى، فليتفضلوا وينظروا فيها وفقاً للقوانين ووفقاً للأعراف للفصل في الموضوع، وإلا فالموعد معكم يوم الاحد في الخامس من آب».
وكان عون قد التقى المطارنة رولان أبو جودة وبولس مطر وسمير مظلوم، موفدين من البطريرك الماروني نصر الله صفير، وذكر أبو جودة بعد اللقاء أن الزيارة في إطار المساعي لتجنّب «الشجار أو أي معركة» في الانتخاب الفرعية، مشيراً إلى أن المبادرة لا تزال في إطار «استعراض الحلول»، وأضاف «نحن نعمل ونصلّي في الوقت نفسه». وأعلن عن «بشائر أمل»، ملمحاً إلى أن «مجلس الشورى من الحلول المقترحة التي يتحدثون بها».
وانتقد بطريقة غير مباشرة التخوف من الاستحقاق المقبل، قائلًا: «للأسف أن الديموقراطية في لبنان لا تمارس كما يجب. وعندما يكون هناك اثنان يخوضان المعركة الانتخابية، تصدر أصوات تطالب بمصالحتهما، بمعنى أنه يجب أن يكون هناك واحد فقط، لماذا واحد فقط؟ أين الاختيار وأين الديموقراطية؟ لنتكلم بالمشبرح».
ومن الرابية انتقل المطارنة إلى بكفيا حيث التقوا الرئيس أمين الجميل، ونقل أبو جودة عنه استعداده للتجاوب مع رغبة صفير، وأنه وضع ترشيحه وشخصه وإمكاناته في تصرفه. وذكر أن الوفد كان قد خرج من عند عون «بانطباع أكثر إيجابية مما سمعنا في المؤتمر الصحافي الذي عقده (كلمة عون أمام الوفد الشعبي)». وأبدى تخوفه من صدامات «قوية» بين الشعب إذا حصلت الانتخابات، وقال إن من سيرفض التوافق «سيفشّل المهمة ويتحمل النتائج».
والتقى عون وفداً من الرابطة المارونية برئاسة جوزف طربيه.
(الأخبار، وطنية)