strong>حسن عليق
بدأ القضاء العسكري أمس محاكمة أفراد مجموعة متهمين بالقيام بأعمال إرهابية وحيازة أسلحة والاتجار بها، فيما يؤكد المتهمون أن هدفهم كان تخزين السلاح تمهيداً لنقله إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة لدعم الانتفاضة، معترفين بإطلاق صواريخ عام 2004 من الناقورة باتجاه بارجة حربية إسرائيلية

بدأت المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن نزار خليل محاكمة عدد من الأشخاص بتهمة «تشكيل عصابة مسلحة تهدف إلى القيام بأعمال إرهابية وحيازة الأسلحة والذخائر والاتجار بها». ويُتّهم أفراد المجموعة بإطلاق صواريخ من منطقة الناقورة على بارجة حربية إسرائيلية عام 2004، وإطلاق عدد من الصواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية.
وتضم هذه المجموعة الضابط في منظمة التحرير الفلسطينية عبد الحكيم علاء الدين الملقّب بالخميني، ويوسف الحاج وبلال عبد المجيد وجعفر مهنا وإبراهيم صالح وعباس أبو حمدان وقاسم خليفة وجمال دحروج.
وخلال التحقيقات الأولية والاستنطاقية الملخّصة في قرار ظني صادر عن قاضي التحقيق رشيد مزهر، ذكر علاء الدين أنه ضابط برتبة عقيد في منظمة التحرير الفلسطينية، وأنه كان يهدف إلى مساعدة الشعب الفلسطيني والانتفاضة الفلسطينية في الأراضي المحتلة. وعام 2001، انتقل إلى الأردن للقاء الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي كلّفه شراء الأسلحة وتخزينها في لبنان، ليصار بعد ذلك إلى تهريبها إلى داخل فلسطين المحتلة، على أن يقوم بتغطية نفقات الشراء والنقل المسؤول المالي في منظمة التحرير فؤاد الشوبكي وأحد ضباط المنظمة في الأردن، أبو ثائر. وذكر علاء الدين أن أبو ثائر استطلع المنطقة الحدودية بين الأردن والضفة الغربية حيث اختار قطعة من الأرض حيث يجب تخزين الأسلحة قبل نقلها إلى الضفة الغربية.
ويشير القرار القضائي إلى أن كلّاً من يوسف الحاج وبلال عبد المجيد واللبناني جعفر مهنا، تربطهم علاقة صداقة بالمدعى عليه أحمد علاء الدين، بسبب إقامتهم جميعاً في مخيم عين الحلوة، وانخراطهم في التنظيمات الفلسطينية، ما دفعه إلى تجنيدهم للعمل له. وقد انحصرت مهمتهم بداية في تأمين تنقلات علاء الدين بسياراتهم. وقد استدان مهنا من علاء الدين مبلغ 3000 دولار لشراء سيارة من طراز مرسيدس يستخدمها في عمله بالأجرة ولتأمين تنقلات علاء الدين، الذي كان يقصد تجار الأسلحة في لبنان، ومن بينهم محمد الشعار المعروف بمحمد الطل والمقيم في النبطية، وناصر إسماعيل وشقيقه وائل في مخيم نهر البارد، وحسن طليس في البقاع، وشخص معروف باسم الحاج هلال في بيروت.
وكان علاء الدين يبتاع مدافع هاون وصواريخ وقذائف وذخائر وقنابل يدوية ومواد متفجرة TNT وبنادق قناصة. وكان أفراد المجموعة ينقلونها ويخبئونها، في مخيم شاتيلا داخل منزل أحد أقارب علاء الدين، أو في بيت عصام أبو غوش (فلسطيني أردني)، أو في منزل قاسم خليفة في أحد بساتين بلدة زغدريا، أو في منزل شقيق جعفر مهنا في بلدة جبال البطم، أو في منزل إبراهيم صالح في مجدل عنجر. وكان السلاح يُهَرَّب براً عبر المصنع أو عبر القاع إلى سوريا، ومنها إلى الأردن، أو عن طريق البحر بواسطة زوارق.
واعترف عباس أبو حمدان أنه اشترى من دريد صالح 500 رمانة يدوية، وكمية من المتفجرات من أحد مسؤولي الجبهة الشعبية ـــــ القيادة العامة في مخيم برج البراجنة، وسلّمها إلى علاء الدين الذي طلب منه تأمين المزيد من السلاح. فعاود أبو حمدان الاتصال بدريد صالح لهذه الغاية، واشترى الأخير عدداً من الصواريخ من مسؤول القيادة العامة المذكور ونقلها إلى مرأب والده في محلة برج البراجنة. وفي اليوم التالي، دهمت قوة من الجيش الكاراج وصادرت محتوياته وأوقفت دريد صالح الذي حوكم أمام المحكمة العسكرية، وصدر بحقه حكم بجرم الاتجار بالأسلحة الحربية بتاريخ 21/1/2004.
كذلك، جرى تخزين كمية من صناديق الذخيرة ومدفع هاون مع قاعدته وقذائف ب 7 في بلدة المرج البقاعية بمنزل جمال دحروج. ولاحقاً تسلمها علاء الدين وعصام أبو غوش. أما يوسف الحاج، فذكر أنه عرض بندقيتي قناصة على المدعو رامي ورد من «عصبة الأنصار الإسلامية»، لكن الأخير رفض شراءها.
وذكر في القرار الظني أن علاء الدين باع شحنة صواريخ إلى المدعو طه الشريدي من «عصبة الأنصار»، وأنه أقدم مع يوسف الحاج وشخص سوري يدعى حسن ديبو منتصف عام 2004 على إطلاق صواريخ من منطقة الناقورة باتجاه إحدى البوارج الحربية الإسرائيلية بقرار ذاتي، فقامت إسرائيل بشن غارات جوية على تلال منطقة الناعمة. كما أقدم علاء الدين والحاج، بالاشتراك مع بلال عبد المجيد وتوفيق طه على نصب عدد من الصواريخ في أحد بساتين منطقة الناقورة، وجرى توجيهها نحو الأراضي الفلسطينية، فانطلق عدد منها، فيما لم ينطلق العدد الباقي الذي صادره الجيش اللبناني.
وبتاريخ 21/2/2006، استقلّ علاء الدين ويوسف الحاج سيارة قاسم خليفة متوجهين نحو النبطية لشراء أسلحة وذخائر من محمد الشعار، فأوقفوا، وعثر على بطاقة هوية باسم شقيقه التوأم عبد الناصر علاء الدين، اعترف باستعمالها في تنقلاته بعد توقيف إحدى المجموعات التي تعمل لمصلحته. كما دُهم كاراج منزل إبراهيم صالح في مجدل عنجر، حيث عثر على قوارير غاز تحتوي على مواد متفجرة من مادة TNT و58 بندقية كلاشنيكوف وذخائر مختلفة.
المحاكمة
وخلال محاكمة الأمس، أنكر علاء الدين ما ورد في إفادته الأولية في مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، مدّعياً أنها انتزعت منه ولم يكن بكامل وعيه، وأنه تعرض للتعذيب. وذكر علاء الدين أنه انتقل إلى الأردن عام 2001 لمقابلة الرئيس الراحل أبو عمار بتكليف من أمين سر فصائل منظمة التحرير في لبنان سلطان أبو العينين. لكنه أكّد على الإفادة التي أدلى بها أمام قاضي التحقيق العسكري، مشيراً إلى أنه كان يتلقى الأموال من منظمة التحرير عبر وفد رسمي يأتي إلى لبنان، من أجل شراء السلاح وإرساله إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة دعماً للانتفاضة.
وقال علاء الدين إنه لم يكن يشتري سوى الصواريخ والقذائف المضادة للدروع والمدافع التي من شأنها خلق حالة توازن رعب عسكري بين الانتفاضة وقوات الاحتلال. ونفى علاء الدين أن يكون قد باع أي قطعة سلاح داخل الأراضي اللبنانية، أو أن يكون قد أطلق صواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية وأنه ذهب مع محمد الشعار إلى ميس الجبل من أجل استطلاع قطعة أرض يملكها الأخير من أجل استخدامها في تخزين السلاح. من جهة أخرى اعترف بأنه أطلق صواريخ من الناقورة باتجاه البارجة الإسرائيلية التي كانت داخل المياه الإقليمية اللبنانية، وذلك بهدف إبعادها عن الشاطئ تمهيداً لنقل السلاح بحرية عبر البحر. وقال علاء الدين إنه كان قد نسّق مع حزب الله قبل إطلاق الصواريخ على البارجة، وذلك عبر أحد مسؤولي حزب الله ويدعى السيد مصطفى. وادعى أن عصام الغوش كان أحد ضباط منظمة التحرير، إلا أنه فصل لأسباب أمنية، حيث تبين أنه يعمل على مراقبة المجموعة لحساب إحدى الدول العربية. وأكّد علاء الدين أنه نجح بإيصال السلاح إلى فلسطين ثلاث أو أربع مرات.
أما يوسف الحاج، فنفى ما ورد في إفادته أمام المخابرات، مدّعياً أنه تعرّض للتعذيب وأنه بعد التحقيق معه لدى قاضي التحقيق العسكري، سأله عناصر من المخابرات في وزارة الدفاع عن تفاصيل ما جرى، فخاف بالتالي من التحدّث بصراحة أمام القاضي، مدّعياً أن هدف المخابرات كان توريط علاء الدين. واعترف الحاج في المحكمة بأنه أسهم في نقل قذائف وصواريخ وقنابل من الجنوب إلى مخيم نهر البارد بتكليف من علاء الدين.
بدوره، اعترف بلال عبد المجيد بما نسب إليه، مؤكداً إفادته الأولية وأقواله أمام قاضي التحقيق، بأنه أسهم بتخزين الصواريخ والمتفجرات ونقلها من النبطية وزغدريا إلى نهر البارد بواسطة سيارة «الفان» التي يملكها والمستخدمة عادة لنقل الطلاب. كذلك، اعترف بأنه اشترى سلاحاً من ناصر إسماعيل (أحد القادة العسكريين لـ«فتح الإسلام»).
واعترف جعفر مهنا بأنّه كان يقوم بنقل علاء الدين وعدد من أفراد المجموعة بسيارته الخاصة، وأن من مهامه مراقبة الطريق بين الجنوب ونهر البارد، نافياً أن يكون قد شارك في شراء السلاح أو تخزينه، باستثناء تقديمه منزل شقيقه في بلدة جبال البطم الجنوبية لعلاء الدين بهدف تخزين السلاح بداخله.
وبنهاية جلسة الأمس، تأجّلت المحاكمة حتى 24/9/2007 تمهيداً لاستدعاء عدد من الشهود.