فيما تتواصل الاستعدادات للقوى المعنية بالانتخابات الفرعية في المتن الشمالي، وتحضير الماكينات الانتخابية الاستحقاق الذي تحوّل إلى معركة سياسية لفرز الأحجام في الشارع، توالت الدعوات للفاعليات البيروتية لإلغاء مرسوم الانتخابات.ورأى الرئيس أمين الجميّل في حديث تلفزيوني «أن الفريق الآخر هو الذي أغلق الباب، لا سيما أمام مساعي بكركي، وهو ما أبلغني إياه الأساقفة». وأشار إلى «أن الطرح الوحيد كان عشية إقفال باب الترشيحات، وحمله النائب ميشال المر، ويقضي بعقد اجتماع مصالحة في بكركي، وأبديت تجاوبي معه، إلا أنه عاد ليؤكد أن العماد عون لم يتجاوب مع هذا الطرح».
وعن القول إن بعض حلفاء الرئيس الجميّل دفعوه إلى خوض هذه المعركة لتحجيمه سياسياً وإلغائه من معادلة الاستحقاق الرئاسي، قال إن قرار ترشّحه اتخذه بملء إرادته، واضعاً «علامات استفهام على خلفية ترشّح الفريق الآخر في هذا الاستحقاق».
وترأس الجميل الاجتماع الموسع لأعضاء المكتب السياسي والمجلس المركزي، في بكفيا، وجرى البحث في الترتيبات الإدارية واللوجستية، استعداداً للانتخابات. وأوضح الجميل «الظروف التي قادت الحزب الى خوض هذه الانتخابات»، معتبراً «أن قرار خوضها كان بمثابة رسالة وواجب ووفاء للشهيد بيار، ولإثبات الحضور الكتائبي في المتن والتزاماً منا بالثوابت التي قام الحزب على أساسها منذ 70 عاماً، لا من أجل نزوات أو شعارات عابرة تتبدل مع كل استحقاق». وشدّد على «خوض هذه الانتخابات في شكل حضاري»، وعلى «ضبط النفس وقطع الطريق على هواة دور الطابور الخامس وتفويت الفرصة على الساعين إلى الإساءة للمتنيين ورفض الخارجين عن إرادة أبنائها وعائلاتهم».
من جهته، جمع رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع الماكينة الانتخابية القواتية في المنطقة، ورأى في كلمة له «أن معركتنا الفعلية هي رئاسة الجمهورية، ولم تكن معركة الانتخابات الفرعية في البال، والجميع يعرف أننا حاولنا تجنّبها، ولكن للأسف، الفريق الآخر لم يرض بذلك». وأكد «أن هذه المعركة سياسية بامتياز، وليست مجرد مقعد نيابي بالزائد أو بالناقص». ورأى أن «الذي قتل بيار أمين الجميّل لم يكن دافعه انتقامياً، بل كان الهدف إنقاص واحد منا، ولن نسمح لهم بذلك مهما كلّف الأمر، فضلاً عن أننا، ولا سيما أهالي المتن، سنلقّنهم درساً بأنهم مهما حاولوا فلن يفلحوا في تحقيق هدفهم المذكور، لا بل كلما أنقصتم منا واحداً سنزيد اثنين».
وحيا جعجع الجميّل «الذي للّحظة الأخيرة، لم تكن لديه النية للترشح للانتخابات، التي فرضت عليه فرضاً»، وقال: «نحن جميعاً ساهمنا في إقناعه».
كما عقد رئيس «حركة التجدد الديموقراطي» النائب السابق نسيب لحود، لقاءً مع كوادر الحركة في المتن، دعاهم فيه إلى الجهوزية للمعركة «بكل قوتنا لدعم الرئيس الجميّل، وتأمين الفوز له في هذه الانتخابات»، وعدم «تفويت أي فرصة لتحقيق ذلك، بالتزكية أو التوافق إذا أمكن».
ووسط هذه الأجواء المحمومة، رأت الرابطة المارونية في بيان أمس، أن الانتخابات الفرعية في المتن الشمالي «مصدر قلق، بدلاً من أن تكون عملية ديموقراطية، وإطاراً لتنافس شريف على نحو ما يجب أن تكون عليه الانتخابات في دولة راقية تتبع النظام البرلماني». وإذ أشارت الرابطة إلى أنها لم تدّخر جهداً في سبيل تقريب المسافات بين الفرقاء المتصارعين، أسفت لوصول «الحرب الاعلامية إلى هذا الحد من الضراوة، ولأن تبلغ حدود الصدام المباشر بين الأنصار والمحازبين، وهو ما يتنافى مع التقاليد اللبنانية العريقة وأخلاقيات المنافسة، ويتسبب بشروخ وصدوع يصعب أن تُرأب».
من جهته، رأى رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون، بعد زيارته مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، أن المزعج في موضوع انتخابات المتن، «وبعد حديث مع جماعة من «العونيين»، الذين قالوا إن ميشال عون لديه الحق في أن يخوض الانتخابات الفرعية ضد الرئيس أمين الجميّل، لأنه عندما استشهد بيار الجميّل رفض آل الجميّل استقبال ميشال عون كمعزٍّ، وأنا أودّ أن أقول لم إن هذا ليس عذراً، وأذكّر أيضاً بأن دماء بيار الجميّل وقتها، كانت لا تزال ساخنة عندما قرر ميشال عون أن يبرّئ سوريا من حادث من هذا النوع».
واستقبل قباني المرشح في بيروت، محمد رشيد قردوحي، الذي أطلعه على برنامجه الانتخابي، مؤكداً «أن ترشحه هو من أجل وحدة بيروت والوحدة الوطنية ومحاربة الفتن الطائفية والمذهبية». وزار قردوحي لهذه الغاية أيضاً الرئيس سليم الحص.
وعلى الساحة البيروتية أيضاً، حثّ رئيس حزب الحوار الوطني فؤاد مخزومي المؤسسات القانونية على «إبطال مرسوم دعوة الناخبين إلى الانتخابات الفرعية في بيروت والمتن، «الذي بات أكثر من ضروري في ظل الأجواء المحمومة التي يعيشها البلد، فضلاً عن إشغال الجيش في معارك نهر البارد، وبالتالي، فإن هذا التدخل قد يعيد الأمور إلى سكّتها القانونية والدستورية، وقد يُغلق بوابة من بوابات الشرذمة».