عمر نشابة
«إن الحالة التي يواجهها المدنيون في المخيم حالة بالغة الصعوبة» قال وكيل الأمين العام للشؤون السياسية لين باسكو لأعضاء مجلس الأمن في 24 أيار الماضي تعليقاً على قصف مخيم نهر البارد. كما أبلغ باسكو عن «تدمير عشرات المنازل، وتزايد الخسائر في أرواح المدنيين والمسائل المتعلقة بالصحة العامة»، وتحدّث عن «قطع الكثير من إمدادات المخيم من الأدوية والمياه والكهرباء»، وقال إنه «بسبب القتال العنيف، لم تتمكن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين إلا من إرسال قافلة واحدة إلى المخيم بغية تقديم المساعدة الإنسانية». وسبق لمجلس الأمن أن تعامل مع تعرّض مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان للقصف في أيار 1985، وعملت يومها عناصر ميليشياوية إلى جانب عناصر عسكرية رسمية على تدمير ممتلكات العائلات الفلسطينية مستخدمةً القنابل المدفعية من العيار الثقيل. ومنعت الميليشيات وصول المؤن ودخول المساعدات الطبية إلى الأطفال والنساء والشيوخ المحاصرين واعتدوا على الأطبّاء والمسعفين أثناء قيامهم بواجبهم الإنساني. وكان قد تخلّل القصف آنذاك (أيضاً) دعوة المدنيين إلى مغادرة المخيمات «لأن الهدف من قصفها لم يكن التعرّض للشعب الفلسطيني، بل القضاء على مجموعات مسلّحة» كما ردّد مسؤولون سياسيون وعسكريون يومها. وروى أحد الأطباء المحاصرين داخل مخيم شاتيلا، الدكتور كريستوفر جيانو (من التابعية الكندية) يوميات حصار مخيم شاتيلا في كتاب «الحياة والموت في بيروت» وصف فيه الدمار الهائل الذي تعرّضت له المستشفيات والمدارس وأماكن العبادة، كما تحدّث عن معاناة الجرحى والنقص الحاد في المستلزمات الطبّية والماء والغذاء، وكأن الشعب الفلسطيني لا تكفيه معاناة تهجيره من بلاده لتنصبّ عليهم حمم مدافع الأشقّاء...
استدعى الهجوم على المخيمات الفلسطينية تدخّل مجلس الأمن فاعتمد بالإجماع القرار 564 في 31 أيار 1985 الذي أعرب عن «بالغ قلقه للثمن الباهظ من الأرواح البشرية والدمار المادي الذي يتكبده السكان المدنيون في لبنان، ويطلب إلى جميع من يعنيهم الأمر وضع حد لأعمال العنف ضد السكان المدنيين في لبنان، وبخاصة، في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وما حولها»، كما طلب القرار «من جميع الأطراف اتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من المعاناة الناجمة عن أعمال العنف، وخاصة بتسهيل عمل وكالات الأمم المتحدة».
لكن مجلس الأمن لن يصدر قراراً مشابهاً اليوم فهو مشغول بأمور أخرى...