strong>الجيــش يُحكــم سيطرتــه ويدمّــر مراكــز ويدعــو «فتح الإســلام» إلى الاستســلام
مثّل اليوم الثالث عشر من الاشتباكات الدائرة في مخيم نهر البارد بين الجيش اللبناني ومسلحي حركة «فتح الإسلام»، واحداً من أعنف أيام القصف حيث أعلنت وكالة رويترز أن حصيلته الأولية 18 قتيلاً وأكثر من 60 جريحاً غالبيتهم من المدنيين.
وسبّب القصف العنيف الذي انطلق عند الساعة السابعة من صباح أمس تعذر إدخال المؤن وسيارات الإسعاف التابعة للصليب الأحمر إلى المخيم، أو في خروج مدنيين منه. كما دفعت شدة القصف ورصاص القناصة المنطلق من داخل المخيم إلى طلب الجيش اللبناني من الصحافيين الموجودين قرب المخيم الابتعاد مسافات أكثر حرصاً على حياتهم.
وتتزايد المخاوف على حياة المدنيين بسبب الاشتباكات العنيفة حيث أفاد أحد متطوعي الهلال الأحمر الفلسطيني من داخل المخيم «العثور على عشر جثث وإصابة أكثر من 30 شخصاً غالبيتهم من المدنيين». وقال المتطوع الذي رفض ذكر اسمه لوكالة الأنباء الألمانية أن عدداً من قتلى مسلحي فتح الإسلام شوهدوا في شوارع المخيم خاصة بالقرب من المدخل الشمالي. وأضاف «هناك ضحايا كثر بين صفوف المسلحين. رأيت ثلاث جثث على الأقل في الشوارع».
وناشدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر «جميع الأفرقاء تحييد المدنيين من تبعة أعمال العنف». وأكدت اللجنة «وجوب تحييد المدنيين والمرافق المدنية داخل المخيم، وأن الطواقم الطبية والإنسانية يجب أن يُسمح لها بدخول المخيم بأمان من أجل أن تقوم بعملها الإنساني والوصول الى الجرحى والمدنيين المحتاجين الى المساعدة الإنسانية والطبية». وقالت مصادر بالجيش اللبناني إن القوات الخاصة في الجيش التي تُستخدم في اقتحام المواقع قد وضعت في حال تأهب وتحركت للمواقع الأمامية حول المخيم. وقالت المصادر إن هذا قد يكون مقدمة لعملية اقتحام للمخيم. ونفى المصدر أن يكون هناك شيء مؤكد بعد، لكن القصف العنيف الذي يشنه الجيش يشير إلى أنه يجري تنفيذ هجوم بري. ونعت قيادة الجيش ـــــ مديرية التوجيه كلاً من «المعاون أول الشهيد علي موسى والعريف محمود الرحمون، اللذين استشهدا بتاريخ اليوم (أمس) أثناء قيامهما بواجبهما العسكري». وكانت محاور مخيم نهر البارد شهدت اعتباراً من السابعة صباحاً مواجهات إثر تعرض مواقع الجيش لنيران المسلحين، مما اضطّر وحداته إلى الرد بالأسلحة المناسبة، وتمكنت من السيطرة على مبان رئيسية في المدخل الشمالي كانت تستعملها عناصر «فتح الإسلام» للقنص والاعتداء على الجيش والمدنيين. كذلك أحبط الجيش محاولة تسلّل نفّذها 10 من عناصر «فتح الإسلام» عند المدخل الجنوبي للمخيم. واستخدمت في المعارك العنيفة جميع أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، وسمعت أصوات المدافع والقذائف في مناطق بعيدة عن مواقع الاشتباكات. وفي معلومات أمنية خاصة بـ«الأخبار» فإن عناصر من فتح الإسلام قاموا بتفخيخ قنوات المياه والصرف الصحي المحيطة بمكان وجودهم، كما يستخدمون العبّارات كمستودعات للأسلحة ويستعملون فوهاتها لجهة البحر كمتاريس وللتنقل بين الأحياء الداخلية وشاطئ البحر والحي الجديد لجهة منطقة العبدة. وذكرت معلومات أمنية أن عناصر من «فتح الإسلام» استولوا على ثلاثة مبان داخل المخيم تتوافر فيها ملاجئ من طابقين تحت الأرض. كما أنهم أقدموا على نزع بطاريات عدة سيارات من أجل استخدامها في تحضير عبوات ناسفة.
وفي التفاصيل فإن المعارك اندلعت قرابة الساعة السابعة صباحاً في محيط مخيم نهر البارد، وعلى مداخله الرئيسية الثلاثة العبدة والمحمرة وبحنين ـــــ تلة حكمون، حيث قام الجيش بقصف مدفعي مركّز استهدف تحديداً مواقع «فتح الإسلام» في الخان، مركز صامد، محيط مدارس الأونروا. كما استهدف الجيش في قصفه المركّز مركز التعاونية حيث يتحصّن عناصر فتح الاسلام، وقصف الأبنية العالية التي يستخدمها عناصر «فتح الإسلام» للقنص في اتجاه مواقع الجيش. وتمكنت وحدات من الجيش من التقدم والتوغل أكثر في عمق المخيم، واستطاعت السيطرة على عدد من الأبنية الرئيسية التي كانت تستخدم من جانب القناصة على جانبي الطريق الرئيسية داخل المخيم من الجهة الشمالية. كما تمكنت وحدات من الجيش مدعومة بالآليات والدبابات من التقدم أكثر نزولاً، وإن ببطء، إلى أحياء المخيم الشرقية، وصولاً الى مدخل السكة الحديد لتأمين السيطرة بالنار على وسط المخيم وتطويق مجموعات «فتح الإسلام». وتمكن الجيش من قطع طرق الإمداد والتواصل بين هذه المجموعات. أما من الجهة الجنوبية فإن العمليات العسكرية تركزت على قصف الجيش للمواقع العسكرية والتحصينات التي كانت حركة «فتح الإسلام» قد أقامتها في هذه النقطة. ولاحقاً، حقق الجيش تقدماً داخل المخيم على ثلاثة محاور، من مداخل المخيم الشمالي والشرقي والجنوبي حيث أحكم الطوق على المواقع العسكرية لـ«فتح الإسلام» وبدت حركة السير في الشوارع الرئيسية من طرابلس حتى المنية ومن عكار حتى مفترق برقايل شبه خالية من الحركة.
وذكر أن عدداً من الفلسطينين وخصوصاً المطلوبين الى العدالة وفي حقهم مذكرات توقيف عدة انضموا الى حركة «فتح الاسلام» في معركتها في مواجهة تقدم الجيش. وكانت بضع قذائف مصدرها من داخل مخيم نهر البارد قد استهدفت قرى بحنين والمنية والمحمرة والعبدة المحيطة به من دون الافادة عن أي إصابات بالأرواح واقتصرت الاضرار على الماديات.
كما اصدرت قيادة الجيش بياناً دعت فيه «المسلحين الضالين الى تسليم انفسهم للعدالة». وأكدت «إصرارها على مواصلة ملاحقتهم حتى تحقيق ذلك». وطالبت «الفلسطينيين بعدم تأمين أي ملاذ لهؤلاء المجرمين، والعمل على طردهم من بين المدنيين الأبرياء».
(الأخبار، وطنية، د ب أ، ا ف ب، رويترز)