البداوي ـ عبد الكافي الصمد
تفاعلت الأحداث والتطورات الأمنية الجارية في مخيم نهر البارد، وانعكست على أجواء مخيم البدّاوي سلبياً، وخصوصاً في صفوف النازحين اليه، ما جعل الوضع يتوتر ويبلغ حد الغليان، لو لم تسارع الفصائل والأحزاب الفلسطينية الى ضبط الأمور وتهدئتها، خوفاً من أن تخرج عن السيطرة، وأن يتكرر ما حدث قبل أيام عندما خرجت مسيرة احتجاجية من مخيم البداوي وأغلقت الطريق الدولي في المنطقة، ما تسبّب بتوتر أمني شديد مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية ومع أهالي المنطقة على السواء.
وكان عدد من نازحي مخيم نهر البارد قد نفّذوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام أمام مدرسة الأونروا في مخيم البداوي، «احتجاجاً على ما يتعرض له المدنيون في مخيم نهر البارد من قصف وقتل»، حسب ما أوضحت مسؤولة منظمة «ريستارت» المعنية بـتأهيل ضحايا العنف والتعذيب سوزان جبور، التي أشارت إلى أن «الإضراب يهدف حسب المشاركين فيه الى لفت أنظار الرأي العام المحلي والدولي والإعلام الى معاناتهم، وضرورة عودتهم الى منازلهم التي هجروها».
إلا أن الأخبار التي كانت تصل عن القصف العنيف الذي كان يدور في مخيم نهر البارد، والذي كانت تبث وقائعه وسائل الإعلام المحلية والعربية مباشرة، ساهم في زيادة حدة التوتر، وهو ما دفع خطباء المساجد في مخيم البداوي الى الدعوة لوقف إطلاق النار في مخيم نهر البارد، وتجنيب المدنيين ما يحصل فيه.
هذه الأجواء كانت ظاهرة بوضوح في مسجد «زمزم» المواجه لمركز حركة «حماس» في المخيم، حيث ناشد الشيخ وليد ابو حيط المسؤولين اللبنانيين «إيقاف قصف مخيم نهر البارد، وإعادة النظر بالقرار المتعلق بالحسم العسكري»، وسأل: «هل فشلت المساعي السياسية والسلمية لحل الأزمة، أم أُفشلت؟»، مناشداً أصحاب «الحل والعقد أن يقوموا بواجبهم ودورهم لأن الزمن لا يعمل لمصلحتنا».
وفي حمأة حال الهيجان والغضب التي كانت سائدة في المخيم، نبّه ابو حيط من أن «أي تحرك احتجاجي خارج مخيم البداوي ضرره أعظم وأكبر من نفعه»، محذراً من أنه «لا نريد أن تنفلت الأمور الأمنية في لبنان، ولا نريد أن نكون شرارة الفتنة في هذا البلد».
وإثر صلاة الجمعة عقدت الهيئة الوطنية الفلسطينية مؤتمراً صحافياً في باحة مسجد زمزم، ناشدت فيه المسؤولين في لبنان والدول العربية والصديقة «إيجاد حل سلمي للأزمة التي يذهب ضحيتها المدنيون». وترافق المؤتمر الصحافي مع اتصالات هاتفية جرت مع أشخاص لا يزالون موجودين داخل مخيم نهر البارد، عرضوا في اتصالاتهم التي بُثّت عبر مكبرات الصوت معاناتهم الشديدة داخله، بسبب «القصف الذي لم يوفر حياً أو منزلاً فيه» حسب قولهم، مناشدين الجيش اللبناني «إيقاف القصف الذي يذهب المدنيون ضحيته الأولى»، وداعين الى «إيجاد حل يحفظ سلامة من بقي في المخيم، ويؤمّن الهدوء والاستقرار الذي يسعى الى ترسيخه الجيش اللبناني».
وساد هرج ومرج كبيرين في أوساط الذين تجمهروا في باحة المسجد، الذين كانوا يتفاعلون سريعاً مع دعوات المناشدة التي كان يطلقها المتصلون من داخل مخيم نهر البارد، إن كان بالتكبير والتهليل تارة، او بإطلاق الانتقادات والشتائم والسباب بحق مسؤولين فلسطينيين ولبنانيين وعرب، حمّلوهم مسؤولية ما يحصل، الأمر الذي دفع منظمي المؤتمر الى التدخل تكراراً من أجل ضبط الأوضاع التي كاد يفلت زمامها أكثر من مرة.