إبراهيم عوض
فيما كانت الشموع تضاء في أكثر من منطقة في لبنان وأصوات المفرقعات والرصاص تدوّي ليل الأربعاء الماضي ابتهاجاً بإقرار المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان المشهد في دمشق وفي العديد من المدن السورية احتفالياً بإعادة انتخاب الرئيس بشار الأسد لولاية ثانية.
وفي بهو «فندق الشام» وسط العاصمة السورية، ليس بعيداً عن ساحة الأمويين، حيث كان عدد من النجوم اللبنانيين يشاركون غناءً في المناسبة، جلست مجموعة تضم محامين وكتاباً لبنانيين وسوريين، وسمع المحامي الدمشقي يقول لزميله البيروتي: «ليت النائب وليد جنبلاط يأتي ليتحقق بنفسه من فشل المحاولات التي تحاول أن تفرّق بين الشعب السوري ورئيسه، وليسمع بأذنيه ردة فعل المواطن على من يتطاول على رمز الدولة، وللتثبت من أن العاطفة التي يظهرها أبناء سوريا لمن يدير الدفة في بلادهم ليست بأمر عمليات أو بفعل رشوة وإغراءات أو خوفاً من تهديد ووعيد كما يحلو للبعض أن يصوّر الأمر».
في المشهد السياسي تبدو دمشق كأنها اعتادت الاتهامات التي تطلق ضدها، محملة إياها ما يحصل في لبنان، لذلك ترى المسؤولين فيها لا يعيرون اهتماماً كبيراً للأخبار التي تتحدث عن علاقة بعض أجهزتها بـ«فتح الإسلام»، ولا ما نشر أخيراً عن التحقيقات التي أجريت مع موقوفين من هذه الحركة قيل انهم اعترفوا بوجود خطة لديهم كانت تقضي بتفجير فنادق وسفارات وأنفاق بعد أن تزودوا بالمتفجرات من سوريا.
واكتفى مصدر سوري مسؤول بالرد على هذا الخبر بالقول: «لن نتعب أنفسنا بعد الآن، ما دام هناك في لبنان من يرمي كل شيء على سوريا حتى لو ساءت حالة الطقس أو نفقت بقرة». وذكّر بما أوردته صحيفة لبنانية قبل أكثر من أسبوع عن أن الرئيس الأسد أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، خلال اتصال هاتفي قبل إقرار مشروع المحكمة الدولية، من أن المنطقة ستشتعل من البحر المتوسط إلى بحر قزوين». ولفت إلى أن القيادة السورية آثرت يومها عدم التعاطي مع هذا الخبر الذي وجدته ملفقاً ولا يستأهل حتى النفي، علماً بأن عدداً من وسائل الإعلام أكد عدم صحته استناداً إلى تصريحات صدرت عن مسؤولين في مكتب بان كي مون.
وتوقف المصدر عند كلام رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري الأخير، وخصوصاً لجهة تساؤله عن كيفية الإفراج عن قائد حركة «فتح الإسلام» شاكر العبسي، وإشارته إلى إمكان دخول عناصر ممن يحملون جنسيات خليجية وعربية عبر مطار دمشق الدولي قبل أن يلتحقوا بالحركة في مخيم «نهر البارد».
وأوضح المصدر السوري أن العبسي خرج من السجن بعد أن نفذ الحكم الصادر بحقه والقاضي بحبسه ثلاث سنوات بعد ادانته بتهمة تهريب السلاح، لافتاً إلى أن أحداً لم يسمع يومها بـ«فتح الإسلام»، أو بعزم العبسي على إنشاء مثل هذه الحركة. «أما في ما يخص استخدام عناصر من الحركة لمطار دمشق الدولي فهذا من رابع المستحيلات باعتبار أن لدينا مراقبة أمنية مشددة على موانئنا وهناك تنسيق أمني قائم بيننا وبين السلطات المعنية في الأقطار العربية، بحيث لا يمكن أي مطلوب في إحدى هذه الدول دخول سوريا من دون الإمساك به وتسليمه لسلطات بلاده. وقد فعلنا ذلك مرات عدة». وأضاف: «على من يطرح مثل هذه الأسئلة أن يسائل نفسه كيف تمكن هؤلاء العناصر من الهبوط في لبنان والوصول إلى نهر البارد ونجحوا في اختراق أمن (الوزيرين أحمد) فتفت و(حسن) السبع».
وعلمت «الأخبار» أن الخارجية السورية أجرت تقويماً لبعض المواقف السورية التي صدرت عشية إقرار المحكمة، ورأت أنها بحاجة إلى «تصويب»، وخصوصاً لربطها إنشاء المحكمة بازدياد الوضع اضطراباً في لبنان. وقد شدد وزير الخارجية وليد المعلم في المؤتمر الصحافي الذي عقده أخيراً مع نظيره الإيراني منوشهر متكي على أن «كل قطرة دم تسال في لبنان عزيزة على سوريا»، متمنياً توصل اللبنانيين إلى تفاهم بشأن المحكمة، مكرراً موقف بلاده الرسمي منها.
وفيما ذكرت المعلومات أن لا تحرك سعودياً مرتقباً بشأن الأزمة اللبنانية، تشهد الأيام القليلة المقبلة حركة اتصالات نشطة بين دمشق ودول أوروبية، إذ من المقرر أن تزور وزيرة خارجية اليونان العاصمة السورية في 12 من الجاري، كما يتوجه المعلم إلى مدريد الأسبوع المقبل، وتأتي هاتان الزيارتان بعد استقبال وزير الخارجية السوري لنظيره الإيطالي ماسيمو داليما.