strong> كامل جابر
تُجمع مختلف المرجعيات الصيداوية على أن «جند الشام» هي الوجه الآخر لعملة تحمل صورة «فتح الإسلام». ولا تبتعد بعض المصادر عن وضع مختلف الجهات السلفية السنية الفلسطينية في خانة واحدة، عنوانها الأكبر «القاعدة». لذلك تتوقع مصادر متابِعة استمرار «المناوشات» جنوباً، في تعمير عين الحلوة، طالما لم تنته بعد فصول المعركة شمالاً في نهر البارد.
ويعلم الجميع في مخيم عين الحلوة بأن هذه الجماعة ما كانت لتكبر وتتسع لولا الدعم المتوافر لها من جهات لبنانية بالدرجة الأولى، وفّرت لها الغطاء المعنوي قبل المادي، في مواجهة جهات حزبية لبنانية في مدينة صيدا، وجهات مذهبية جنوبية. هي نمت وترعرعت في حي التعمير الذي نشأ بعد زلزال عام 1956، بتشجيع من نائب صيدا الراحل معروف سعد، من طبقة شعبية عمالية، من سنّة مدينة صيدا وشيعتها.
وما يساعد «جند الشام» على الاستمرار ليس قوتها الهائلة، بل عدم توافر الظروف الموضوعية لاجتثاثها، واتساع الحضن السلفي السني المحيط بها. ويدرك الجميع أن لإزالة هذه المنظمة تبعات أمنية وعسكرية ومدنية، ليس باستطاعة أي من الفصائل، الفلسطينية وغير الفلسطينية، تحمّلها بسبب انعكاساتها الكبيرة على الواقع الفلسطيني، إذ قد تقف «عصبة الأنصار»، هي الأخرى، الى جانبها في أي صراع، ما يعني نمو عدد المقاتلين إلى نحو ألف بدلاً من أربعين، تحت عنوان الدفاع عن حمية «حالة النمو الإسلامي».
من هم جند الشام؟
أُعلن تأسيس «جند الشام» إثر اندماج ثلاث مجموعات إسلامية متفرقة: الأولى المعروفة بـ«مجموعة الضنية» ومسؤولها أبو رامز السحمراني، وغالبية أفرادها من اللبنانيين السنّة، ممن صدرت في حقهم مذكرات توقيف على خلفية أحداث الضنية عام 1997 بين المجموعات الإسلامية السلفية والجيش اللبناني. أما المجموعة الثانية فانشقّت عن «عصبة الأنصار الإسلامية» بقيادة المسؤول العسكري السابق فيها عماد ياسين. والثالثة من أفراد إسلاميين كعبد الله الشريدي (الذي اغتالته حركة «فتح» قبل نحو ثلاث سنوات) وموسى طحيبش. وجاء إعلان «إمارة جند الشام» في مؤتمر صحافي عقده «الأمير» أبو يوسف شرقية الذي جاء إلى النشاط الإسلامي السلفي من جماعة «أبو نضال» (فتح ــ المجلس الثوري).
لم تكن انطلاقة «جند الشام» سهلة، إذ ترافقت مع سلسلة إشكالات مع حركة «فتح»، وكذلك مع صدور بيانات قيل إنها «زُوّرت» باسم «جند الشام» تتبنّى عمليات تخريبية واغتيالات، أخطرها بيان تبنّى اغتيال القيادي في «حزب الله» غالب عوالي. بيد أن الجماعة نفت مسؤوليتها، وبعد شهر من الحادثة أعلن أبو شرقية تخلّيه عن «الإمارة» بعد «نصائح تلقّاها من مراجع إسلامية»، ولا يزال منذ ذلك الوقت متوارياً عن الأنظار.
خاضت «جند الشام» اشتباكات دامية مع الفصائل الفلسطينية في مخيم عين الحلوة، وأصدرت «فتاوى» تبيح قتل العديد ممن تعتبرهم «زنادقة»، ونفذت «حكم الله» في أكثر من عنصر في «فتح». ومن أكثر المعارك التي خاضتها قساوة، تلك التي جرت قبل أقل من ثلاثة أعوام في حي الصفوري، بعدما نفذت «فتح» عملية عسكرية ضد معاقلها في الحي، أفضت إلى طردها منه في اتجاه حي «السكة» ومخيم الطوارئ، بعد إحراق منزل المسؤول الأمني والعسكري في «الجند» عماد ياسين.
وتعتمد «جند الشام» في صراعها من أجل تحقيق «دولة الخلافة» على نحو 40 عنصراً يتمتعون بمهارات قتالية عالية تجعلهم متميزين بين أترابهم المقاتلين الفلسطينيين. ومنذ انطلاقتها، لم تنهكها الصراعات والصدامات المتفجرة هنا وهناك، بل ظلت تقبض على الموضوع الأمني في صيدا ومخيم عين الحلوة، مجنّدةً بعض العناصر اللبنانية من محلة التعمير، ممن تعتمد عليهم في إيجاد التوترات وفي نقل «الدعوة الجهادية». إلا أن البعض يرى أن القرار الفعلي لـ«جند الشام» هو في يد «عصبة الأنصار» التي تحرّكها عملياً.