طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
لم يكتم مرجع فلسطيني معني بالمفاوضات الجارية مع الجيش والحكومة من جهة، وتنظيم «فتح الإسلام» من جهة أخرى، مخاوفه من أن «لا تصل الجهود المبذولة إلى نتيجة إيجابية قريبة، تضع حدّاً لأزمة مخيّم نهر البارد، التي يزداد وضعها تعقيداً وصعوبة مع كل يوم يمرّ، من غير أن يلوح في الأفق، أقله في العلن، أيّ أمل إن بالنسبة إلى إيجاد مخرج مشرّف للجيش، أو وضع حدّ لمعاناة المدنيين والنازحين التي تتزايد يومياً».
ويعرب المرجع عن خيبة أمله، جرّاء عدم القدرة على التوصل إلى هدنة موقتة، من أجل إجلاء الجرحى والمدنيين، ودفن القتلى وإدخال مؤن الإغاثة والمساعدات إلى مخيم نهر البارد، مشيراً إلى أنّ «مساعي التسوية متوقفة نهائياً في الوقت الحالي، والاتصالات مقطوعة تماماً مع الأطراف المعنية، أقله من جهتنا، نتيجة تمسّك كل طرف بمواقفه».
وتلفت مصادر فلسطينية متابعة إلى أنّ وصول مساعي التسوية إلى طريق مسدود، كان «بسبب عدم قبول الجيش أيّ حلّ لا يتضمن تسليم المسلحين أنفسهم وسلاحهم إلى السلطات اللبنانية، لأنّ هيبته وكرامته باتتا حرجتين جدّاً، بعدما سقط له عدد لا يُستهان به من الشهداء والجرحى، وهو أمر نقدّره ونتفهمه، لأننا لا نرضى أن يتعرض الجيش لأيّ انتكاسة في هذا المجال». غير أنّ هذه المصادر تشير إلى معضلة أخرى في الجهة المقابلة، أيّ لدى حركة «فتح الإسلام» التي «ترفع ثلاث لاءات في وجه كلّ المساعي والمبادرات المطروحة، والمتمثّلة في رفض تسليم السلاح، أو المسلحين، أو الخروج من المخيم، الأمر الذي يجعل أيّ مسعى لخفض الحرارة المرتفعة في مخيم نهر البارد، أشبه ما يكون بالدوران في حلقة مفرغة».
في موازاة ذلك، وفي ضوء المعلومات التي تتحدث عن طرح مبادرات جديدة، يجري العمل عليها بصمت، وبعيداً من الأضواء حتى لا تلقى مصير سابقاتها من الفشل أو التعثر، أبدت مصادر فلسطينية مطّلعة قلقها البالغ من أن «يدفع المنعطف الجديد للأحداث الذي يشهده لبنان والمنطقة، التطورات الأمنية نحو محطات غير واضحة المعالم». ويزيد من قلق هذه المصادر الخشية من أن يؤدّي «تعثر الحلّ السياسي للأزمة من جهة، وعدم حسم الأمر عسكرياً من جهة أخرى، إلى توريط الجيش أكثر، وإدخاله في حرب مخيمات جديدة، لم تغب بعد عن الأذهان انعكاساتها السلبية السابقة، التي سيضاف إليها هذه المرّة دخول الحركات الإسلامية الأصولية على خطّها، بشكل أعنف وأشدّ خطورة».
وتطرح المصادر سؤالين ترى أنهما مشروعان، هما:
ــ لماذا تمّ القبول، على مضض، ببقاء مسلحي عصبة الأنصار في مخيم عين الحلوة، ولم يتم التعامل بالأسلوب ذاته في مخيم نهر البارد مع حركة فتح الإسلام، برغم أنّ مسلحي «العصبة» مطلوبون للقضاء اللبناني بتهم متعددة، شأنهم شأن «الحركة»؟
ــ كيف رضي الأطراف اللبنانيون المعنيون بأن تكون «عصبة الأنصار» قوة فصل بين الجيش وتنظيم «جند الشام» في عين الحلوة، ولم يقبلوا اقتراح قوى التحالف الفلسطيني، منذ بداية أزمة نهر البارد، بوضع قوة فصل مكوّنة منها، لتجنيب اللبنانيين والفلسطينيين حمّام الدّم الذي لا يخدم أيّاً منهما؟.