صيدا - خالد الغربي
النازحــون عــادوا لتفقّــد الأضــرار والحريــري تعــد بالتعويــض

العصمة في يد «العصبة» (عصبة الأنصار الإسلامية) فهل من مصلحتها الإسراع في انتشار القوة الأمنية الفلسطينية لتشاركها مناطق نفوذها وسيطرتها في مخيم الطوارئ؟ وخصوصاً أن العصبة التي باتت تمثّل ثقلاً سياسياً وشعبياً وعسكرياً وازناً في عين الحلوة قادرة على مسك زمام الأمور في مخيم الطوارئ وتقييد حركة جند الشام وضبط الأوضاع دون مشاركة أحد، حتى لو كانت القوة الأمنية تتألف من النسيج الإسلامي المشابه للعصبة.
هذه التساؤلات التي تبدو مشروعة طرحت في معرض «الرمادية» المرافقة لتشكيل وانتشار القوة الأمنية التي انبثقت فكرتها في اجتماعات القوى الفلسطينية لضمان عدم تجدد الاشتباكات العنيفة التي اندلعت مساء وليل الأحد ـــــــ الاثنين بين الجيش اللبناني وعناصر جند الشام، على الرغم من تأكيدات فلسطينية أن «الشغل» في موضوع القوة الأمنية جار على قدم وساق ويخضع لإجراء الترتيبات اللازمة التي تضمن نجاحه. هذا فيما الحذر يبقى سيد الموقف في التعمير ومحيط مخيم عين الحلوة رغم التطمينات التي يبدد بها المسؤولون هواجس الناس القلقة. وهي تصريحات وإن أظهرت ملامح وجوه المسؤولين بأنهم يسيطرون على الأمور برمتها لا تعكس حقيقة ما يشعر به المتجوّل في المنطقة التي كانت مسرحاً للاشتباكات التي تبدو آثارها أينما جال المرء ولو كان للجدران التي هشمتها القذائف والرصاص فم لنطقت بما جرى في تلك الليلة الليلاء.
في التعمير كان أبو عدنان صوصة وهو «جار» آخر نقطة للجيش اللبناني يستند على طاولة نخرها الرصاص ينفث النرجيلة قائلاً «الوضع لا يطمئن وإن شاء الله تنحل ع السريع». بينما داوود الصوص يندب حظه العاثر ويقول 42 عاماً أمضيتها عاملاً في بلدية صيدا لأفتح محلاً في التعمير لكن المعارك قضت على كل شيء مين بعوض علينا «سجلوا وصوروا بلكي منقبض». أحلام تحمل ولديها وتجتاز الأسلاك الشائكة قرب حاجز الجيش مسرعة متفقدةً منزلها الذي غادرته قبل يومين لكنها تتأفف لدى سؤالها عن عودتها بشكل نهائي أم إنها في جولة استطلاع، وبعفوية تقول، لا لن أعود قبل أن يعم الهدوء الشامل، سأتزوّد ببعض الحاجيات وأعود الى منزل أقربائي، آخرون عادوا وكلمة «حمداً لله على سلامتكم» كانت على كل شفة. ووفاء تواسي جارة لها من آل عكنان لما حل من خراب في منزلها وتقول الله يشفيه (صاحب المنزل) الذي يرقد جراء إصابته في غرفة العناية الفائقة. هذا بينما عناصر الكفاح المسلح الفلسطيني الذين أمرتهم قيادتهم بالالتصاق بحاجز الجيش اللبناني في محاولة لمنع أي اعتداء يوقفون بائع القهوة الذي يطقطق بفناجينه ليأخذوا منه «شفة مرة» مثل هذه الإيام يقول أكبرهم الذي يزيد عمره على الستين عاماً فيما عناصر من فتح جلست خارج مهجعها لتناول الفول المدمّس والبيض المقلي في مقهى صغير زُيّن بصورة لأبو عمار وأخرى للرئيس رفيق الحريري، وبدت العناصر سعيدة بفطورها الذي حُرمته ليومين. شارع مخيم الطوارئ حيث الثقل «العصباوي» يلفت الانتباه بالزحمة الخانقة فيسود الاعتقاد بأن القوة الأمنية قد شرعت في الانتشار، لكن يتبيّن أن الأمر لا يعدو كونه أن مشايخ عصبة الأنصار كانوا يتقبّلون التعازي بمقتل أحد عناصرهم خطأً خلال العمل على وقف إطلاق النار.
القوة الأمنية التي انبثقت عن سلسة اجتماعات، أضحت حديث الساعة، لم تنتشر كما تردّد إلا أن عناصر من «أنصار الله» (بقيادة جمال سليمان) وهو فصيل من فصيلين آخرين (عصبة الأنصار والحركة الإسلامية المجاهدة) من المفترض مشاركتهم في عداد القوة الأمنية، شوهدوا داخل مقرهم الملاصق لمستشفى القدس، وكانوا على استعداد تام لتلقي الأوامر، وقال المسؤول العسكري ماهر عويد بعد قرار لجنة المتابعة بتشكيل القوة الأمنية: قمنا بتجهيز ما هو مطلوب منا وفرزنا مندوباً أمنياً وعدداً من العناصر وقد توافقنا مع عصبة الأنصار على عدم سلق الأمور، ومنطق العصبة يقول بعدم التعجيل وإن منطقة الطوارئ مضبوطة أمنياً من جانب العصبة. وأردف بالقول قد يجري الانتشار بعد وضع آلية وطريقة عمل القوة، مبدياً استعداد فصيله للمشاركة بخمسين عنصراً وتوفير دعم لوجستي لمئة وخمسين عنصراً. ويعكس هذا التصريح أجواء العصبة غير الراغبة في تغلغل بقية أفراد القوة الأمنية من غير المحسوبين عليها إلى مناطق نفوذها. أحد عناصر جند الشام في مخيم الطوارئ قال: «على الجيش احترام الناس وعدم إطلاق النار عليهم»، معتبراً أن تفجير الاشتباكات سببه الخلافات السياسية في ما بين فريقي 14 و 8 آذار ويحاولون حرف ذلك بتفجير القتال معنا.
سياسياً، عقد «اللقاء التشاوري الصيداوي» اجتماعاً طارئاً في مجدليون، تلبية لدعوة النائبة بهية الحريري، خصّص للبحث في تطورات الوضع في منطقة عين الحلوة على أثر الأحداث التي شهدتها أخيراً. وتبلّغ المجتمعون من النائبة الحريري أنها أجرت اتصالاً برئيس الحكومة فؤاد السنيورة وبالهيئة العليا للإغاثة من أجل المباشرة فوراً بعملية مسح سريع وشامل للأضرار في عين الحلوة تمهيداً لتعويض المتضررين لبنانيين وفلسطينيين. كما أشارت الى أنها أجرت اتصالاً بالمسؤولين في مؤسسة كهرباء لبنان من أجل المباشرة بإصلاح الأعطال والأضرار التي طرأت على الشبكة في المنطقة جراء الأحداث. من جهتها زارت لجنة المتابعة الفلسطينية في مخيم عين الحلوة، مركز «الجماعة الإسلامية» في صيدا، وتركّز البحث، على «الأحداث الأليمة والخطيرة التي جرت في اليومين الماضيين وضرورة إيجاد الحلول المناسبة والكفيلة بإنهائها وعدم تكرارها».