صباح أيوب
بعد ليلة صاخبة في سدّ البوشرية، استفاق «الشارع الطويل»، كما يسمّيه أهل المنطقة، على مشاهد جديدة لا تمتّ إلى الحياة «المعتادة» بصلة. اذ لم تفتتح باصات النقل العام او سيّارات الأجرة منذ الثامنة صباحاً زحمة السير هناك، ولم يصل روّاد المحال التجارية المنتشرة على جانبي الشارع اليها، المشهد باهت وهادئ جداً يخترقه وجود أمني لعناصر الدرك والمحقّقين والخبراء. حتى الساعة العاشرة والنصف لم يكن يُسمح لأصحاب المحال التجارية والمكاتب بدخول الشارع لتفقّد أملاكهم فتجمّعوا في أحد المقاهي القريبة «لا يريدون التكلّم مع أحد»، يتأمّلون عن بُعد حجم الأضرار الكبيرة التي لم تستطع عدسات الكاميرات بالأمس التقاط ضخامتها. فالمحالّ التجارية والمكاتب والبنايات السكنية على جانبي الشارع اضافة الى مبانٍ في الشارع الخلفي المقابل لموقع العبوة وحوالى 15 سيارة مركونة فيه، كلّها أصيبت بشكل كبير. «سنتر عبد المسيح» المؤلّف من 3 بلوكات أحدها سكنيّ من 7 طوابق والباقي مخصّص للمكاتب والعيادات الطبية، بجواره «سنتر فريحة» المؤلّف من 5 طوابق تساقط زجاجهما كليّاً وتضرر قسم كبير من داخل المبنيَين، واجهات المحال التي قدّر عددها بـ24 كلّها سقطت على الأرض ودُفعت بعض البضائع الى الخارج، بعض الأبواب الحديدية استلزمت جهداً لفتحها بعد أن تسببت قوّة الانفجار بتصدّعها والتوائها. أما المبنى المهجور الأقرب الى مكان العبوة فقد أحدث فيه الانفجار فتحة كبيرة اضافة الى احتراق القسم الأكبر منه «أهل المنزل مهاجرون، توفّي أصحابه منذ سنين وهناك مشاكل في حصر الإرث لذلك بقي مهجوراً» يوضح أحد السكّان. وفيما يتناقل البعض الحديث عن «موقوفَين سوري ولبناني» في القضية ... يلزم أصحاب المحال التجارية الصمت، البعض بدأ مباشرة بإزالة ما بقي من زجاج وحديد والبعض الآخر يكتفي بالجلوس أمام محلّه يراقب بحزن و يُدلي بمعلوماته للقوى الأمنية. غضب واضح على الوجوه، تشاؤم من «وضع البلد» وتحسّر على الخسائر التي «لن يعوّضها أحد»، «تعوّدنا أن نعوّض على أنفسنا ونباشر العمل من جديد ولن يقدر أحد على أن يركّعنا» يقول صاحب أحد المحالّ بغصّة وحنق، «يا ضيعان الرزق.. بس نشكر الله اللي ما صار بالنّهار» يضيف آخر.