فاتن الحاج
تعرض دائرة الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) حتى العاشر من الجاري، أعمال الطلاب لعام 2007. تركز الدائرة على نتاج الطلاب المتخرجين وبعض المختارات من الصفوف المبتدئة

تتنافس كريستين كتانة وسارة خياط وعائشة بتشاتشي وريهام سعودي، في معرض الفنون في الجامعة اللبنانية الأميركية. فالمتخرجات الأربع سلكن مساراً خاصاً، وكأنّهن بالتنوع والفردية اللذين اتصفت بهما أعمالهن أردْن التفوق في ما يشبه كل طالبة على حدة ويخص أسلوبها الشخصي. قاربت الفتيات الموضوعات باتزان بهدف الوصول إلى لوحة معبرة بإمكانات جمالية تساعد المشاهد على أن ينظر إليها بوصفها عملاً فنياً بحد ذاته، لا انطباعاً أدبياً بما يدور حولها من أفكار بمعزل عن القيم الفنية. ولم يغب، في هذا الاطار، المشهد السياسي العام عن أعمال بعض الطالبات اللواتي تناولنه بعين المقدّر للإنتاج الفني لا بعين المأخوذ بالحدث بحد ذاته. من هنا تتساءل سارة خياط في لوحاتها عن العلم اللبناني بعدما باتت الألوان أدوات للصراع بين الفرقاء، بدلاً من أن تكون مادة لتقديم ما يمكن أن يعدّ عملاً فنياً جميلاً. تقرُّ سارة بأنّها لا تستطيع أن تخوض غمار السياسة لأنّها تراها بشكل سطحي وكل ما تحاول أن تقوله هو أنه لا مكان لمبادئ الحرية والسيادة والاستقلال، في ظل التخاصم مع الألوان. ومع أنّ مشاهد العنف والعدوان تتجسد في الأحمر والليلكي، في إشارة إلى المتاعب التي يتعرّض لها لبنان في لوحة «صرخة بلد»، لا يزال الأمل يلوح في الأفق، على حد تعبير خياط. وتنفّذ سارة مقرر «senior studies» عبر لوحات طبيعية حيث «تلعب» بالنقطة التي ترى أنها الأصل. تبدأ سارة المشهد باللون الأساسي، وتزيد تدريجياً الضوء (اللون الأبيض) لتصل إلى العنب، ثم تطبع ورق «العريش» على عناقيد العنب في اللوحات.
وفي المقرر نفسه، تختبر كريستين كتّانة تفاعل المواد والورق والألوان و«التلزيق» للخروج بالخامة أو ما يسمى «Textures»، وتقارب في أحد أعمالها النحتية الرقص الزوجي للتانغو من جهات مختلفة، إذ يستطيع المتفرّج أن يعثر من إحدى الزوايا على زوج (couple) مختلف عن الذي يجده إذا نظر من زواية أخرى، وقد يرى أكثر من شخصين، فيما لو وقف في زاوية ثالثة.
وتستعين كريستين بالتجربة العالمية «earth work» (استخدام عناصر الطبيعة من أتربة وأحجار و... منتقاة من هنا وهناك). وتستقدم بيتاً زجاجياً تضع فيه التراب والنمل، فتراقب ما سيفعله النمل من فن «الحفر»، فتصبح هي المشاهد وفنها هو الفنان الذي لا يزال يتابع عمله طوال أيام المعرض. وتعتمد كريستين في هذا العمل على فن الفكرة (conceptual art) فلا يغدو محرّكاً لمشاعر المشاهد بقدر ما يخاطب تفكيره.
وفيما يبدو أنّ الطالبات استخدمن الموضوع عكازاً لإيصال أعمالهن الفنية إلى عين المشاهد، تكمن الجرأة والتحدي في التصدي لموضوعات قد تسيء ظاهرياً إلى العين، من خلال استخدام ألوان زاهية. فلوحات «الموت» لريهام سعودي لا تنضح باليأس أو الكراهية أو الخوف، فالموضوع يبقى قوياً، تقول، حتى لو تُرجم بجمالية معينة. وقد وضعت ريهام، من جهة ثانية، آثار الحرب التي صورتها بنفسها، مستعينة بالـ «photoshop» (الدبابة، والبلاط المحطم، والطفولة المعذبة...) في إطار أنيق، لإبراز «جمالية البشاعة».
وجهدت عائشة بتشاتشي في تجسيد المرأة مصدراً للقوة في عالم يسيطر عليه الرجال، عبر التركيز على حقها في الحياة. وتظهر المرأة في هذا الصدد في مساحات الجبال والأشجار.
أما منسق دائرة الفنون الجميلة في الجامعة الدكتور شوقي شمعون، فيشير إلى أنّ المعرض يشمل الرسم والتصوير والنحت والسيراميك والأعمال المرتبطة بالتقنيات الجديدة التي تمزج بين الكومبيوتر والكاميرا والمواد الطبيعية. ويعطي المعرض، بحسب شمعون، فكرة عن أعمال الطلاب في مستوياتٍ وصفوفٍ مختلفة تساهم في تخريج طالب يتمتع بكفاءات متكاملة تساعده على الاستمرار في عمله فنّاناً يدرّس الرسم أو يعمل مع مؤسسات تحتاج إلى فنه. ويؤكد شمعون «أننا نؤهل الطالب لخوض غمار كل الخيارات بما في ذلك التحصيل الجامعي العالي»، مشيراً إلى «أننا ندرّبه على استخدام تقنيات مختلفة تتيح لموهبته أن تنطلق».