نادر فوز
ينهي اليوم، التلامذة الفرانكوفونيون امتحانات البكالوريا الفرنسية التي بدأت الاثنين الماضي. تتكرّر المشاهد نفسها كل عام في محيط «le grand lycee» قرب سيّار الدرك في الأشرفية حيث يخضع التلامذة للامتحانات. البعض يراجع أوراقه في اللحظات الأخيرة، فيما يحاول البعض الآخر أن يتذكّر بعض القواعد الأساسية التي يسمّعها بتوتّر بعضهم لبعض. واللافت رؤية مجموعة من التلامذة يرتشفون القهوة ويدخنون السجائر قبل خوض معركة التكريم أو الإهانة. كما لم يغب أيضاً مشهد الأهالي الذين يرافقون أولادهم من دون أن يخفوا قلقهم من صعوبة الامتحانات، فحضر «تيرموس» القهوة و«الزوّادة» والدعوات بالتوفيق.
وقف تلامذة علوم الحياة والعلوم العامة أمام مدخل المدرسة، وقد حملوا بطاقاتهم الصفراء التي تخوّلهم الدخول: التعليمات واضحة: ممنوع إدخال الهواتف الخلوية ولا الحقائب المدرسية وأية أوراق أخرى، «ومن المستحسن أن تكون الأقلام مربوطةً بدلاً من وضعها في المقلمة» يقول أحد التلامذة.
عند الحديث عن التحضير للامتحانات، يجمع معظم التلامذة على صعوبة الأوضاع التي رافقت هذا العام الدراسي، فيأتي الجواب عن هذا السؤال شبه موحّد «الظروف شتّتت تركيزنا، إلا أننا حاولنا أن نستعد جيداً لخوض الامتحانات». ويسترسل غالبيتهم في الحديث عن الوضع السياسي، رغم انهماكهم في استحقاقهم الدراسي، تحضر العبارات السياسية ـــــ الأمنية الحديثة على شفاههم بلهجات مكسّرة، مثل «القضاء على الإرهاب»، «تسوية سياسية»، «هدفت لتعطيل المحكمة»، «تعكير الأمن»، إضافةً إلى غيرها من المصطلحات الشائعة الأخرى. وفي ما يتعلّق بصعوبة الامتحانات، أشار معظم «الفرنكوفونيين» إلى أنّ «الأسئلة أتت كالمعتاد، إلاّ أنها تحتاج إلى وقت أطول من الأعوام الماضية»، مؤكدين صعوبة مواد الاختصاص التي يختارها التلميذ في بداية العام الدراسي، والتشدد في المراقبة التي أحاطت بهم منعاً للغش.
دخل التلامذة. انتشرت الكتب والأوراق على الرصيف المحاذي لليسيه. علا صوت السيدة فيروز من بعض السيارات، وبدأت «صبحيات» بنكهات مختلفة. تقول جانيت، التي تصطحب اثنين من أبنائها إلى الامتحان، إنّ رسوب ابنها البكر في العام الماضي جعل من امتحانات البكالوريا كابوساً لها ولابنها الآخر، لافتةً إلى أنها كانت مطمئنة إلى النتيجة في العام الماضي، إلا أنّها لم تأت كما كان متوقعاً، فآثرت «متابعة ولديها عن قرب هذا العام». وتشير جانيت إلى صعوبة الأوضاع العامة التي يمرّ بها التلامذة خلال هذه السنوات، ما يدفعهم إلى قلّة التركيز على دراستهم وانهماكهم بأمور أخرى لم تكن في الحسبان في أوقات سابقة.
تقدّم جانيت القهوة لإحدى زميلاتها التي قالت إنّها أصبحت معتادةً هذه المواعيد والانتظار، إذ «سبق وفعلت الأمر نفسه مع اثنين من أبنائها خلال الأعوام الماضية».