صيدا- خالد الغربي
أبصرت القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة النور بعدما ذلّلت العقبات التي أخّرت تشكيلها. وستأخذ هذه القوة على عاتقها ضبط الوضع الأمني في حي الطوارئ في تعمير عين الحلوة وضبط عناصر جند الشام بعد الاشتباكات العنيفة التي وقعت بين الجيش اللبناني وهؤلاء.
ودوّرت عصبة الأنصار الإسلامية الزوايا، ومرة أخرى أثبتت أنها اللاعب الأساسي في معالجة ذيول الأحداث وصاحبة الحل والربط والمناورة ضمن هامش واسع يتيح لها التحكّم في مسار الأمور وأن تكون محور الاتصالات ليس على المستوى الفلسطيني فقط بل على المستوى اللبناني أيضاً. وأمس كان للعصبة كلمة الفصل في قبول أو عدم قبول تشكيل مثل هذه القوة وفي تحديد موعد الانتشار وكان لافتاً جداً إقرار القوى الفلسطينية كلها هذا الدور الأساسي والمطّرد للعصبة لا بل محاولة التصدي لكل من يحاول تشويه صورتها.
فقد وضعت أمس القوة الأمنية المشتركة الاتفاق الذي توصلت إليه القوى الفلسطينية في مخيم عين الحلوة وبالتواصل والتنسيق الكاملين مع الجيش اللبناني موضع التنفيذ بعد الاشتباكات العنيفة التي دارت مساءً وليل الأحد، والقاضي بإعادة الهدوء والاستقرار وضبط عناصر جند الشام ومنع أي مظاهر مسلحة لهم ولغيرهم ومنع أي اعتداء أو احتكاك بالجيش اللبناني، ومنذ الثامنة والنصف صباحاً بدأت المجموعات العسكرية التي تتألّف منها القوة الأمنية بالتجمّع والتموضع عند مدخل مخيم الطوارئ وبلغ عديدها حوالى أربعين عنصراً (خلافاً لما قيل سابقاً من أنها ستضمّ مئة وخمسين عنصراً) موزّعين بمعدل عشرة عناصر لكل من حركة فتح وعصبة الأنصار الإسلامية وأنصار الله وتحالف القوى الفلسطينية، وحمل المقاتلون أسلحة رشاشة ...وقليل من الاستعراض في مثل مواقف كهذه رفع من وتيرته وصول عدسات المصورين.
وبعد التجمّع كان الانتشار في حي الطوارئ فاتّخذت القوة ثلاث نقاط رئيسية، واحدة عند الجهة الشرقية قرب حاجز الجيش اللبناني عند مدخل عين الحلوة قبالة المستشفى الحكومي، وفي الجهة الغربية من التعمير التحتاني على بعد عشرات الأمتار من آخر حاجز للجيش في التعمير ونقطة ثالثة في خط السكة فيما سيرت القوة دوريات لها داخل الطوارئ ومحيطه.
وقال القيادي في عصبة الأنصار أبو شريف عقل بما أننا نتفق جميعاً على رفض الاقتتال الداخلي وتأكيد أن الوجهة الرئيسية للبندقية الفلسطينية داخل المخيمات هي فلسطين، والأمن لأهلنا في الجوار هو مطلب شرعي وحق على الجميع، كانت هذه القوة التي تألّفت من جميع الأطر ومثّلت جميع الفصائل وهؤلاء كانوا قد كلّفوا مشكورين القوى الإسلامية وعلى رأسها عصبة الأنصار بوضع آلية تنفيذ، وقد وُضعت هذه الآلية على الشكل الآتي: أربعة ضباط من كل إطار يتولّون المهمات في النهار والليل، ونشر أربعين عنصراً من كل الأطر لحفظ الأمن والأمان وعدم السماح لأحد بالعبث بالأمن. وأكد أبو شريف أن «جند الشام» تجاوبوا مع هذه الخطوة وسنضمن عدم تجدّد الاشتباكات ونسأل الله أن تكون هذه الخطوة أُنموذجاً قد نحقّقه في مخيم البارد بعد الاتصال بالمعنيين، ونأمل أن يتجاوب الجيش ويقابل هذه الخطوة بخطوة إيجابية وهي سحب نقطته من مدرسة عين الحلوة الرسمية المختلطة الملاصقة لحي الطوارئ (وهي مدرسة شهدت مواجهة عنيفة خلال الاشتباكات) ويطل منها الجيش على وسط مخيم الطوارئ.
وفور انتشار القوة قام الجيش اللبناني بإعادة فتح جميع المعابر المؤدية إلى المخيم ومنطقة التعمير وقد لوحظ تخفيف بعض التدابير من جانب الجيش.
لبنانيون وفلسطينيون عادوا أمس ليروا للمرة الأولى مشهد ما لحق بمنازلهم، فكانت دموع على الرزق الحلال الذي دمره «الجهلة» تقول واحدة من آل حجازي. لكن البعض لم تعجبه الحلول التي رأى فيها ترقيعاً للمشكلة لا حلاً. وقالت الفلسطينية يمنى عبد الهادي التي كانت تنقل أثاث بيتها بشاحنة صغيرة «أنا مغادرة هذه المنطقة وإن شاء الله سأذهب إلى البحر فهو أفضل من هذا المكان لأن ليس هناك ضمان فأين هو الضمان؟». بينما أمل اللبناني جمال بديع الذي يملك محلاً لبيع الفول في التعمير «الله يجيب الخير والله لا نريد ولا نحب إلا الخير». أمّا عفيفة الندّاف فلا يمكن أن تنسى تلك الليلة التي أمضتها خلال المواجهات وهي تقبع في ملجأ وكانت تقرأ القرآن على وقع أزيز الحرب، هربتُ في اليوم التالي وأعود اليوم لأنني أعتقد أن المعارك قد انتهت.