strong>عفيف دياب وأسامة القادري
داهمت قوة كبيرة من الجيش اللبناني ظهر أمس مبنى في سهل بلدة برالياس البقاعية، ونجحت في مصادرة ثلاث سيارات كانت إحداها معدة للتفجير وتفكيك مفعولها مع عدد من الصواريخ إضافة إلى مصادرة أسلحة و«صواعق» تفجير. وقد جاءت المداهمة اثر اعتراف أفراد شبكة «القاعدة» الذين أوقفوا أول من أمس،
بمكان السيارات والمتفجرات

نجحت القوى الأمنية اللبنانية، وتحديداً مخابرات الجيش اللبناني، في كشف المزيد من معلومات ذات أهمية قصوى عن مخططات أفراد شبكة تابعة لتنظيم «القاعدة في بلاد الشام»، كانوا قد أوقفوا ظهر أول من أمس في بلدة بر الياس وهم بزعامة سعودي (مواليد 1986) كان يقاتل مع القاعدة في العراق، إضافة إلى شخصين اثنين، كان أحدهما قد أصيب في رجله خلال مشاركته في مواجهات في العراق. وكان أفراد الخلية قد دخلوا لبنان منذ قرابة شهرين واتخذوا من بلدة بر الياس مركزاً لإقامتهم بعد أن استأجروا شقة من الفلسطينية أم مروان في البلدة، وعرّفوا عن أنفسهم بأنهم من العمال السوريين (قال أحدهم إن اسمه طارق من حي الزاهرة في دمشق).
اعترافات أفراد الشبكة خلال التحقيق أدّت الى كشف مكان مستودع في منطقة النهرية ـــــ تل الوزة شمال بلدة بر الياس، استخدمها هؤلاء لوضع ثلاث سيارات وكميات من المتفجرات والأسلحة والصواريخ. وظهر أمس، دهمت وحدات من الجيش المستودع المذكور، بعدما فرضت طوقاً أمنياً مشدداً على مختلف أحياء بر الياس والطرق المؤدية إليها. ونتيجة الدهم، عثرت، في الطبقة الأرضية من مبنى غير منجز مؤلف من طبقتين، على السيارات الثلاث التي اعترف بها أعضاء الشبكة، وهي مرسيدس 220 بيضاء اللون (من دون لوحات ـــــ طراز 1975)، ومرسيدس 280 لونها أبيض ومن دون لوحات، وفان فولسفاكن أبيض اللون ومن دون لوحات. وبعدما أجرى خبراء متفجرات كشفاً على السيارات، تبيّن وجود سيارة مجهزة ومعدة للتفجير في أي لحظة يحدد توقيتها أفراد الشبكة أو أحد المرتبطين بهم، إضافة الى سيارة كانت محملة بستة صواريخ غراد (كاتيوشا) من عياري 107 ملم و122 ملم وموصولة بصواعق تفجير، عمل الخبراء على إبطال مفاعيلها. وكذلك، صودرت كمية من المتفجرات وأسلحة متنوعة.
وأوضحت مصادر أمنية مطلعة على التحقيق أن «القراءات الأولية لاعترافات أفراد الشبكة قد تؤدّي الى كشف المزيد عن أشخاص لهم ارتباطات معهم في لبنان وتحديداً في البقاع». وقالت المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار» إن مبالغ مالية كبيرة كانت في حوزة أفراد شبكة «القاعدة» في البقاع وهي ما قيمته 31 ألف يورو، و100 مليون ليرة لبنانية، وآلاف الدولارات الأميركية وعملات عربية مختلفة، وإن قيمة ما عثر عليه في الشقة من أجهزة ومعدات فنية وتقنية متطورة جداً، وأسلحة حديثة الصنع، تقدّر بعشرات آلاف الدولارات.
وتحدّثت المعلومات عن أن أفراد الشبكة وصلوا الى لبنان منذ نحو شهرين، كلّ على حدة، من دون تحديد ما إذا كانوا قد دخلوا من خلال المعابر الشرعية أو مسالك جبلية غير شرعية».
وأبدت المصادر الأمنية قلقها مما كان يخطط له أفراد الشبكة، وقالت: «عثرنا على خرائط وصور فوتوغرافية وجوية لمدن وقرى لبنانية، ولعدد من أحياء مدينة زحلة، وحتى الآن لم تصل التحقيقات الى معرفة الأماكن التي كان من المقرر أن ينفذ فيها أفراد الشبكة مخططهم»، رافضة الإفصاح عما إن كان لأفراد الشبكة «نيات» لاستهداف قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان.
وأكدت معلومات في البقاع أن أفراد شبكة «القاعدة» التي ألقي القبض على أفرادها في بر الياس أول من أمس يمكن اعتبارهم «قاعدة لتأسيس بنية تحتية لرفاق لهم، أو نواة تأسيسية لشبكات أخرى قد تصل من العراق الى لبنان، وإن إلقاء القبض على أفراد الشبكة يعدّ ضربة قوية لما كان يخطط له تنظيم «القاعدة» من نقل جزء من مسرح عملياته الى لبنان، وإن التحقيقات المتواصلة قد تكشف المزيد من المعلومات ولا سيما أن الاشخاص الثلاثة هم، رغم صغر أعمارهم، على اطلاع واف على تفصيلات تنظيمية».
وأمس، اعتقلت قوة من المديرية العامة لأمن الدولة ثلاث أشخاص غير لبنانيين في حوزتهم وثائق مزوّرة، للاشتباه في انتمائهم إلى تنظيم إرهابي. وكانت القوى الأمنية تنفذ عمليات دهم بحثا عن مشتبه فيهم في البقاع الأوسط طيلة يوم أمس. واستمرت العمليات حتى ساعة متأخرة من ليل أمس.
ومساءً، أصدرت المديرية العامة لأمن الدولة بياناً أعلنت فيه أن إحدى دورياتها دهمت بتاريخ 6/6/2007 أماكن وجود أفراد خلية إرهابية في بلدة بر الياس، حيث قبضت على أفرادها «وفي حوزتهم أسلحة رشاشة متوسطة وخفيفة وخرائط لمناطق لبنانية ومناظير وهويات مزوّرة وأدوات للتزوير». وذكرت المديرية في بيانها أن الموقوفين «اعترفوا بانتمائهم لتنظيم القاعدة، وقيامهم بتجهيز سيارات مفخخة لتفجيرها في مناطق عدة، وبأوقات مختلفة. على الاثر، دهمت مديرية البقاع الاقليمية مستودعاً لهم في البلدة المذكورة بمؤازرة الجيش وقوى الأمن الداخلي، حيث ضبطت ثلاث سيارات كانت معدة للتفجير، ومخبأة تحت الأرض، إضافة إلى كمية كبيرة من الذخائر، وعمل خبراء المتفجرات على تفكيكها».
وزارت «الأخبار» أمس، بلدة بر الياس، وقالت السيدة أم مروان سريس صاحبة الشقة التي كان قد استأجرها أفراد الشبكة في حي المكاوي، بلهجتها الفلسطينية، أن شخصين من الثلاثة كانا قد حضرا الى منزلها قبل شهر و26 يوماً وطلبا استئجار الشقة في الطابق الثاني و«طلبت منهما مبلغ مئتي ألف ليرة في الشهر، واتفقنا على مبلغ 175 ألفاً، وقالا لي إنهما من سوريا ويعملان في صيانة أجهزة الكومبيوتر». وأضافت أم مروان ان الاشخاص الثلاثة لم يكونوا يتعاطون مع أحد و«لم ألحظ عليهم ما يثير الشك أو القلق»، وكانوا «أوادم كتير»، وكان شعرهم طويلاً وحليقي الذقن.
وفي تفاصيل كشف الشبكة أكد مصدر موثوق لـ«الأخبار» أن الذي بلّغ ورصد هذه المجموعة هو مسوؤل أمني فلسطيني في كتائب شهداء الأقصى التابعة للعميد منير المقدح، يقطن في البقاع، كان قد اشتبه في أفراد الشبكة و«حركتهم» وانغلاقهم على أنفسهم وعدم تعاطيهم مع أحد مما زاد من «شكوكه» فأبلغ الأجهزة الأمنية اللبنانية التي تابعت الملف عن كثب ونفذت عمليات رصد ومراقبة دقيقة أثمرت توقيف أفراد الشبكة.
وأضاف المصدر إن أفراد الشبكة كانوا ينظمون عملية حراسة ليلية، وخلال عملية الدهم حاول أحدهم إطلاق الرصاص من مسدسه الحربي على أفراد القوة الأمنية ولكن لم يستطع بسبب «السيطرة السريعة عليه».