إبراهيم عوض
تنشط «الجماعة الإسلامية» و«جبهة العمل الإسلامي» في «تسويق» المبادرة التي أطلقها كل منهما والمتركزة على إقناع عناصر «فتح الإسلام» بالاستسلام وتأمين محاكمات عادلة لهم.
واذا كانت حركة الاتصالات الجارية داخل مخيم نهر البارد تشهد سباقاً خفياً بين الطرفين للإمساك بمفتاح الحل الذي يعزز وضع الظافر به على الساحتين الإسلامية والمحلية، فإن اللافت هو اعتماد المتسابقَين على فريق آخر أبقى قنوات الاتصال مفتوحة مع «فتح الإسلام» ومثّل نقطة محورية لا بد أن يلتقي عندها الساعون إلى إنهاء الأزمة، والفريق المعنيّ تتصدّره رابطة علماء فلسطين ومعها حركتا «الجهاد» و«حماس» الفلسطينيتان والقوى الإسلامية داخل المخيم.
وكانت «الجماعة» التي أعلنت عن مبادرتها قبل تحرك «جبهة العمل» بأيام، قد أبلغت «الأخبار» أن ما تقوم به جاء تلبية لطلب تلقته من الرابطة التي زارت رئيس مكتبها السياسي علي الشيخ عمار في صيدا وبحثت معه في الحصول على ضمانات من الدولة اللبنانية بإجراء محاكمات عادلة لعناصر «فتح الإسلام» في حال إذعانهم لطلب الاستسلام. وذكرت «الجماعة» أنها قصدت الرئيس فؤاد السنيورة لهذه الغاية فأبدى تجاوباً مع عرضها وشجّعها على المضي في مسعاها، وقد أبلغت رابطة علماء فلسطين بالأمر وما زالت تنتظر ردها النهائي عليه قبل أن تقدم على الخطوة التالية.
وزار وفد من «الجماعة» أمس ضم عمار وعبد الله بابتي وعماد الحوت بزيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري لإطلاعه على المساعي التي تقوم بها والتي من شأنها «إنهاء مشكلة مخيم نهر البارد». وقال الشيخ عمّار بعد اللقاء إنه عرض لبري «تصوراً معيّناً للحل وفقاً لما جرى التفاهم عليه بين رابطة علماء فلسطين والقوى الإسلامية داخل المخيم ويتضمن: إعلان وفق إطلاق نار مؤقت، استئناف الحوار مع «فتح الإسلام» في الداخل من جانب الفصائل و«رابطة علماء فلسطين»، تشكيل مرجعية أمنية وحيدة داخل المخيم من أجل أن تتولّى الأمن بشكل نهائي، جمع السلاح من «فتح الإسلام»، التفاهم مع السلطة أو مع الحكومة أو القوى الأمنية على الطريقة التي يمكن من خلالها الانتهاء من هذه الظاهرة، وتصفية مثل هذه الظاهرة، والإسراع في بناء ما تهدّم من أجل إعادة المهجرين بشكل سريع».
وفي حديث إلى وكالة «أخبار لبنان» أعلن عمار أن «موقفي الرئيس السنيورة وقيادة الجيش اللبناني شجّعا الجماعة الإسلامية على بدء المساعدة للوصول الى مخرج سياسي لهذه المشكلة، خصوصاً أن وضع مخيم نهر البارد صعب جداً بسبب معاناة المدنيين الموجودين داخله».
من جهته، أبلغ رئيس جبهة العمل الداعية فتحي يكن «الأخبار» أن ثلاثة موفدين من الجبهة توجّهوا الى نهر البارد صباح أمس بالتنسيق مع رابطة علماء فلسطين. وفيما أوضح يكن أن «مسألة إقناع عناصر «فتح الإسلام» من اللبنانيين بتسليم أنفسهم وعدم اعتبار الجيش كل من حمل السلاح إرهابياً وقاتلاً ومجرماً يمثّلان أساساً لانطلاق المبادرة ويقرّبان الحل الشامل»، نافياً أن يكون قد طرح مبادرة من سبع نقاط، إلا أنه أقر بصعوبة هذه المهمة «نظراً للوضع المربك داخل المخيم وحالة الغموض التي تحيط بـ«فتح الإسلام» وما يتردد عن «اختفاء» شاكر العبسي أو إصابته، الأمر الذي يتعذّر معه معرفة من هو القائد الفعلي لهذه الحركة والجهة الصالحة للتحاور معها، وخصوصاً أن الاسم الوحيد المتداول حالياً هو «شاهين شاهين» الذي يعرّف عن نفسه بأنه المسؤول الإعلامي للحركة أو الناطق باسمها».
وذكر يكن أنه في انتظار ما سيوافيه به موفدوه لمعرفة الى أين تسير الأمور، مشيراً الى وجود تنسيق بين الجبهة وقيادة الجيش.
وعلمت «الأخبار» من عضو الجبهة جميل رعد، وهو أحد الموفدين الثلاثة الذين قصدوا المخيم، أنه يجري التداول حالياً بأفكار لعرضها على قيادة «فتح الإسلام»، موضحاً أنه لم يتبلور شيء واضح حتى الساعة، متوقّعاً حصول تطور معين اليوم. فيما ذكر مندوب «الأخبار» في الشمال عبد الكافي الصمد أن «فتح الإسلام» رفضت التعليق على المبادرات القائمة. وأشارت مصادر قريبة منها من داخل المخيم إلى أنّ المبادرة الأخيرة المطروحة «لم نطّلع بالتفصيل على كامل بنودها، ولا على آلية تنفيذها لاحقاً، وأن الأمر يحتاج الى أخذ وردّ مع كلّ الأطراف». كما أفاد أن مبادرة يكن لحظت وجود إشكالية معقدة داخل المخيم وتحديداً في أوساط «فتح الإسلام» إذ إن هناك أكثر من توجه فيها وإن الأمر يستدعي أولاً تفكيك هذه العُقد تدريجاً قبل التوصل إلى حل مرضٍ ومقبول».
وإزاء السباق الدائر بين المبادرتين ثمة من يتخوف من فشلهما معاً من منطلق أن المضمون واحد كما أن «كثرة الطبّاخين تحرق الطبخة». فماذا يقول أصحاب الشأن في ذلك؟
عضو المكتب السياسي في «الجماعة» أسعد هرموش أكد لـ«الأخبار» أن «الجماعة كانت السباقة في اتخاذ المبادرة وقطعت أشواطاً فيها فيما جهد الشيخ فتحي للحصول على موعد من قائد الجيش وقيل إنه لم يوفّق إلا بعد وساطة قام بها «حزب الله» في هذا الشأن».
واستغرب يكن ما أدلى به هرموش متسائلاً عن أسباب إقحامه «حزب الله» في الموضوع. وقال يكن إنه «لا يكفي الإعلان عن مبادرة حتى تصبح نافذة إذ ينبغي لصاحبها أن يضع آلية لها وهذا ما فعلناه من خلال متابعتنا لما يجري على الأرض لحظة بلحظة». ونفى أن يكون قد بحث بترحيل عناصر «فتح الإسلام» الى بلد آخر، معتبراً ما نشر في هذا الصدد عبارة عن «تركيبات صحفية لا أساس لها من الصحة».