نهر البارد ـ نزيه الصديق
تحوّلت الاشتباكات الدائرة في مخيّم نهر البارد بين الجيش اللبنانيومسلحي تنظيم «فتح الإسلام»، خصوصاً في الأيام الثلاثة الأخيرة، إلى نمط شبه موحد من المعارك حافظ على وتيرته؛ إذ إن عمليات القصف المدفعي والقنص التي تعنف ليلاً وعند ساعات الصباح، سرعان ما تخفت مع بدء ساعات النهار، وتتحول إلى مناوشات خفيفة ومتقطعة

لم يمر يوم أمس بلا وقوع خسائر بشرية في صفوف الجيش الذي سقط له شهيد عند المدخل الشرقي للمخيم، بعد تعرض موقع للجيش في المنطقة لقذائف انطلقت عليه من داخل المخيم، وجرح 7 مدنيين نقلوا الى مستشفيات قريبة للمعالجة.
وفيما بقيت حركة السير حذرة وشبه عادية على الطريق الدولية التي تربط عكار بالمنية وطرابلس، دخلت 9 سيارات إسعاف وقوافل إغاثة تابعة للصليب الأحمر والهلال الأحمر الفلسطيني من المدخل الجنوبي للمخيم، وأجلت معها في طريق العودة عدداً من الجرحى والمدنيين الذين نقلوا إلى مخيم البداوي.
على صعيد آخر، رأى المتحدث باسم حركة «فتح الاسلام» شاهين شاهين في مبادرة رئيس جبهة العمل الاسلامي فتحي يكن «ايجابيات لم تظهر سابقاً، برغم انها لم تصلنا بسبب عدم قدرة المكلفين إبلاغنا بها على الدخول الى المخيم»، واصفاً المبادرة بأنها «تتضمن نقاطاً وسطية، وأنّ يكن لم يكن متحيزاً، ونادراً ما سمعنا خلال هذه الأزمة كلاماً قابلاً للنقاش بقدر ما لمسنا من مبادرته».
ونفى شاهين علمه بأن وفداً تفاوضياً يحمل مبادرة جديدة، وقال: «لم يتصل بنا أحد من اجل هذه الغاية. الإشكالية أن الجيش يمنع اللقاء بيننا والأطراف الاخرى، وبذلك يبقى الكلام مقتصراً على وجهة نظر من جانب واحد، ولذلك عندما علمنا بمبادرة يكن، أجرينا اتصالاً به عبر أحد مساعديه، وشكرنا له مبادرته التي لمسنا منها إيجابيات».
واتهم شاهين الفصائل الفلسطينية بـ«الانحياز وبالسكوت على تدمير المخيم، وأن الفلسطينيين لا يريدون نموذجاً جديداً لتل الزعتر وصبرا وشاتيلا، برغم أن ملامح خطة حكومة (الرئيس فؤاد) السنيورة بدأت تتضح، وعمليات التدمير تستهدف مناطق تعدّ أراضي لبنانية خارج المخيم، والهدف من ذلك إزالة الفلسطينيين منها، وهم يبلغون ما بين 15 الف نسمة و18 ألفاً سيهجّرون نهائياً، ويندمجون في المجتمع اللبناني وتنتهي قضيتهم، وقضية عودتهم، ونحن نحذّر من مغبة التمادي في تنفيذ هذا المخطط».
ولفت شاهين الى أنه «عندما قلنا إننا نعطي فرصة بضعة ايام للحل، كنا نقصد أن نعطي فرصة للتأكد من هذا المنحى، وعندما سنتأكد من هذا المخطط فسيكون لردّنا طابع آخر، وسننقل المعركة الى أبعد بكثير مما يريده السنيورة، الذي يملك اجهزة امنية تعرف قدراتنا وهي تخفي ذلك عن الجيش اللبناني من اجل توريطه، ولا عجب في موقف هذه الاجهزة الامنية المشهود بعمالتها».
وتمنى شاهين أن «لا ننقل المعركة الى أبعد من ذلك، وألّا نوسعها، لما في ذلك من ضرر على الواقع الفلسطيني والاسلامي خاصة». مضيفاً: «كنا نتمنى أن تحل المشكلة بطرق اخرى، إذ سبق أن اعلنّا أن سلاحنا موجّه في الاساس لقتال العدو الاسرائيلي، ولا مصلحة لنا في التدخل في الوضع اللبناني، ولم نرد يوماً معركة داخلية في لبنان، ونحن لسنا معنيين بها، لا من قريب ولا من بعيد، واليوم نكرر ذلك».
ودعا شاهين إلى «تأليف لجنة تحقيق إسلامية محايدة، لا تكون معنا ولا مع غيرنا، من اجل توضيح حقيقة ما حصل، وكشف تفاصيل ما حدث في طرابلس ومخيم نهر البارد».
وردّاً على كلام العماد سليمان بشأن طلب الجيش تسليم القاتلين لا المقاتلين، قال: «الجيش تورط في المشكلة ولم يتوقع شراسة مقاتلينا، وجرى ما جرى. معظم الذين يتحدث عنهم قائد الجيش استشهدوا على المحاور، او جرحوا، قلائل منهم ظلوا يقاتلون على المحاور».
وعن أحداث الليل الفائت قال شاهين: «حاول الجيش التقدم باتجاه الخان، فتصدينا له، وأقمنا له كميناً، ثم قمنا بهجوم معاكس، المسافة بيننا 25 متراً، الخان الآن موقع قتال ليس بيد أحد».