صور- بهية العينين
تطوّرت قضية النازحين الفلسطينيين من مخيم نهر البارد الى المخيمات المجاورة لصور لتمتد الى عدد من القرى الجنوبية في جنوب صور وذلك بسبب وجود أزمة سكن حادة داخل المخيمات.
ومواكبةً لمفاعيل النزوح فقد تم اتخاذ تدابير لتوفير بعض المنازل في قرى جنوبية مجاورة وخاصة الحنية والعزية والعباسية لاستيعاب العدد المتزايد من النازحين. إلا أن مظاهر النزوح أشد ما انعكست على المدارس التي اكتظت بعشرات التلاميذ وذلك حتى لا يضيع عليهم العام الدراسي ولتتحول المدارس الى ملاجئ تخفف بعض آثار صدمة البارد عنهم.
وتقول الطالبة نسرين محمد ندوة إنها بانتظار وصول طلب ترشيحها الى شهادة المتوسط كي تتقدّم للامتحانات وهي تواصل دراستها رغم ظروف النزوح ومآسيه. كما أنها تدرس تحت وطأة القلق التي تعيشها بانتظار عودتها الى مدرستها في البارد ومنزلها والأصدقاء، وتضيف ما ذنب المدنيين كي يدفعوا الثمن عن هذه الظاهرة التي اسمها فتح الإسلام ولا علاقة لها بفتح ولا بالإسلام. وتؤيدها في وجهة نظرها شقيقتها ميساء التي ستتقدّم لامتحانات البكالوريا بعد أن نجت بحياتها من قصف شديد في البارد في حي سعسع.
وتطالب الطالبة نسرين عبد الرحيم 15 عاماً بأن تقدم إليها الأونروا الكتب كي تدرس للشهادة (البروفيه) بعد أن فقدت محفظتها وكتبها تحت ركام منزلها في البارد، وتمنّت من المؤسسات الاجتماعية الفلسطينية والدولية أن تخصّص دورات تقوية لطلاب الشهادات الرسمية من أجل مساعدتهم على استرجاع ما حذفته أحداث البارد من ذاكرتهم الدراسية.
أمّا الطالب احمد كنعان الذي يدرس في سبلين والذي لا يعلم شيئاً عن مصير أهله في البارد منذ اندلاع الاشتباكات فناشد جميع المعنيين مساعدته على الاطمئنان على أسرته المكوّنة من 8 أفراد. وأكد أن أحداث البارد قطّعت أوصاله وهو اليوم عند صديقه محمد عزام في مخيم الرشيدية.
وتقول أم فادي يعقوب التي استضافت خمس عائلات من البارد من آل ندوة إننا أقارب وأنسباء وقد وحّدتنا النكبة التي حصلت عام 1948 وهي تتجدد اليوم مع أحداث نهر البارد ونأمل أن تعود هذه العائلات الى منازلها المتواضعة في البارد بعدما تحولت معظمها الى ركام ودمار وناشدت المؤسسات الدولية والإنسانية أن تتدخل من أجل توفير مستلزمات عيش كريمة لهؤلاء النازحين.
وقد اجتمعت في منزل عبد اللطيف عبد الرحمن 8 عائلات لشقيقه وشقيقته وأولادها وذلك في منزل صغير وسط المخيم يفترشون سطوح جيرانه ليلاً، وهو وقف متألماً من قساوة الزمن على الشعب الفلسطيني، وقال لقد كنت أجد صعوبة في تأمين الطعام لعائلتي المؤلفة من 7 أفراد لأنني أعمل سائق أجرة لكنني اليوم لا أجد قوتاً لعائلتي ولهذه العائلات النازحة بسبب الأوضاع الصعبة والتي ضاقت مع احداث البارد حيث مُنعنا كفلسطينيين من التجوال والعمل خارج حدود مدينة صور. وأضاف رغم وصول بعض علب الفول والحمص من بعض الجمعيات الفلسطينية والدولية إلا أن هذه العلب لا تكفي لوجبة واحدة، ونحن اليوم لا نريد سوى العودة لهؤلاء النازحين الى البارد كي يعيشوا حياتهم بشكل مسالم وآمن وهادئ.
ويصف الفلسطيني زياد عبد العال أحد الناجين من معركة نهر البارد الذي يعيل أربعة إخوة معوقين ما حصل معه في المرة الثانية في البارد عندما عاد لينقذ أفراد عائلته بعدما أخرج الأطفال فرأى أن منزله دمّر بالكامل وتحوّل الى ركام كما أنه لم يجد أثراً لبقية أفراد أسرته فأصيب بصدمة وبدأ الاتصال بالصليب الأحمر اللبناني والدولي لمعرفة مصيرهم وحتى الآن ما زال ضائعاً لا يعرف عنواناً لهؤلاء المفقودين، لهذا ناشد الهيئات الإنسانية والدولية التدخل لمعرفة مصير إخوته المعوقين ووالدته العجوز.
وأعلن علي مرة ابو خالد مسؤول العلاقات في مخيم الرشيدية أن هناك حالات كثيرة لدى النازحين تدمي القلب، وأن المطلوب من الدولة اللبنانية أن تساهم في مساعدة النازحين من البارد لأن هذه المخيمات كانت قد ساعدت إخوانه النازحين من القرى الجنوبية في عدوان تموز الماضي.