أجرى مركز بيروت للأبحاث والمعلومات استطلاعاً للرأي حول الموضوعات السياسية الراهنة، ومنها ظاهرة «فتح الإسلام»، والجهات التي تقف وراء التفجيرات المتنقلة، وتأليف حكومة وحدة وطنية، وموضوعات أخرى. نُفِّذ الاستطلاع بين 28 من أيار والأول من حزيران 2007، وشمل عيِّنة من 800 مستطلَع، واعتمدت منهجية إحصائية تلحظ التوزع الطائفي والمناطقي، وفئات عمرية مختلفة من الجنسين




عبدو سعد *




رغم الانقسامات الواضحة والتباين في النظرة إلى ظاهرة «فتح الإسلام» وخلفياتها وأهدافها الحقيقية، إلا أن ثمة أمرين مهمين يمكن استخلاصهما من نتائج الاستطلاع، إذ لا تزال غالبية واضحة من اللبنانيين (68%) ترى أن تأليف حكومة وحدة وطنية هو المخرج من الأزمة الحالية التي يعيشها لبنان. واللافت أيضاً أن غالبية كبيرة (65%) تعتقد بأن ثمة أصابع دولية تقف وراء الأحداث الأخيرة، فيما سُجّل تباين حقيقي في أوساط اللبنانيين حول «فتح الإسلام» والأطراف الراعية لها وتلك التي تقف وراء التفجيرات الأخيرة.

السؤال الأول: برأيك هل لزيارة ولش الأخيرة إلى لبنان ارتباط بالأحداث الأخيرة في الشمال؟
على رغم إصرار البعض على عدم إعطاء الأحداث الجارية في لبنان أبعاداً دولية، إلا أن نتائج الإجابة عن السؤال الأول تظهر أن لدى غالبية اللبنانيين، من كل الطوائف باستثناء المستطلَعين من الطائفة السنية، قناعة بأن لزيارة نائب وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش الأخيرة إلى لبنان علاقة بالأحداث التي اندلعت في مخيم نهر البارد بعد أيام قليلة من مغادرته. وبلغت هذه القناعة ذروتها بين المستطلَعين الشيعة، ولعل مرد ذلك الاجتماعات التي عقدها ولش مع قادة الأكثرية والتي اكتنفها نوع من الغموض. ومن المعلوم أن ولش كان قد لمح قبيل مغادرته لبنان إلى الريبة التي تنظر بها أميركا لتنامي المجموعات الأصولية في شمال لبنان ‏وتعامي الدولة عن تلك الحركات.

السؤال الثاني: هل تعتقد بأن المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة للجيش تندرج في إطار حربها على الإرهاب؟
على رغم أن أكثر من ثلث المستطلعين استبعدوا فكرة ربط المساعدات العسكرية الأميركية للجيش بالحرب على الإرهاب، إلا أن نتائج المسح تظهر أن غالبية كبيرة من المستطلعين، باستثناء الشيعة منهم، يعتقدون بوجود صلة بين هذه المساعدات والحرب التي تشنها أميركا على الإرهاب، ولعل مرد ذلك إلى الثقة المعدومة من قبل الشيعة بنيات الأميركيين تجاه المقاومة اللبنانية، والتي ربما ترسخت نتيجة الدور الأميركي في حرب تموز 2006 التي شنتها إسرائيل بدعم أميركي على المقاومة في لبنان.

السؤال الثالث: برأيك ما هي حقيقة «فتح الإسلام»؟
كثيراً ما طرح السؤال حول منشأ جماعة «فتح الإسلام»، والجهات المحلية أو الإقليمية التي تقف خلفها والتي سهلت لها الانتقال إلى لبنان وقوّتها عسكرياً ووفّرت لها الدعم السياسي والمالي. واستحوذ هذا السؤال على حيّز كبير من النقاش الداخلي بين فريقي الموالاة والمعارضة، كجزء من النزاع العام بين الطرفين. فاتّهم فريق واسع من المعارضة فريقاً من السلطة بالسعي إلى التخلص من مجموعة مسلحة كان يؤيدها في الماضي، إضافة إلى استنزاف الجيش اللبناني، فيما ذهب فريق السلطة إلى الإشارة صراحة إلى أن هذه الجماعة تقف خلفها المخابرات السورية بهدف زعزعة الاستقرار الداخلي. وتظهر نتائج الاستطلاع تباين الرؤى بين المستطلعين تبعاً لمواقف أفرقاء النزاع الأساسيين، فقد أعربت الغالبية الساحقة من الشيعة عن قناعتها بأن السلطة هي التي كانت تدعم مجموعة «فتح الإسلام»، فيما أبدت غالبية المستطلعين من الطوائف الأخرى قناعة بأن المخابرات السورية تدعم هذه المجموعة، واللافت أن هذه القناعة بين المستطلعين الدروز تفوق مثيلتها بين السنة، كما أنها تلقى صدى واسعاً في الشارع المسيحي.

السؤال الرابع: هل تعتقد بأن «فتح الإسلام» هي امتداد لـ«القاعدة»؟
رغم أن هذا السؤال مرتبط إلى حد ما بما سبقه، إلا أن المستطلعين، بغالبيتهم، اتفقت رؤيتهم على أن «فتح الإسلام» تمثل امتداداً لتنظيم «القاعدة»، ولعل الحديث المكثف عن خطر «القاعدة» ومحاولاتها التمدد خارج أفغانستان والعراق، وإنشاء خلايا لها في العالم، أقنع اللبنانيين من كل الطوائف والانتماءات السياسية بذلك.

السؤال الخامس: هل تعتقد بأن لبنان سيتحول إلى ساحة عمل لـ«القاعدة»؟
أظهر الاستطلاع استبعاد غالبية من شملهم تحوّل لبنان ساحة عمل لـ «القاعدة». وربما كان ذلك نابعاً من اعتقادهم بأن هذا البلد المتعدد الطوائف والمنفتح لا يمكن أن يتحول ساحة لعمل مثل هذه المنظمات المتطرفة القائمة على رفض الآخر وتكفيره.



السؤال السادس: برأيك من هي الجهة التي تقف وراء التفجيرات في الأشرفية/ فردان/ عاليه؟
يظهر تساوي نسبة الذين اتهموا سوريا بالتفجيرات التي طالت بعض المناطق اللبنانية، في الأشرفية وفردان وعاليه، مع نسبة من اتهموا «فتح الإسلام» بهذه التفجيرات، حجم الاختلاف بين المستطلعين حول الجهة التي تقف فعلاً وراء هذه التفجيرات، واللافت أن ثلاثة أرباع الدروز تقريباً وجهوا الاتهام إلى سوريا، ولعل وقوع متفجرة عاليه أخيراً ترك أثره المباشر في ذلك، فيما وجّه أكثر من نصف الشيعة أصابع الاتهام إلى أميركا وإسرائيل، فيما ترددت آراء غالبية السنّة والمسيحيين بين سوريا و«فتح الإسلام».

السؤال السابع: هل تعتقد بأن أهداف الأزمة الحالية هي محاولة لتعطيل أو تسريع التصويت على المحكمة الدولية؟
أظهرت نتائج الاستطلاع أن أكثرية اللبنانيين تتهم سوريا (52%) بالتورط في الأحداث الأخيرة بهدف تعطيل التصويت على المحكمة الدولية في مجلس الأمن. وهذه الاتهامات تنسجم مع الأجوبة السابقة المتعلقة بالدور السوري في لبنان، فيما اتهمت الأكثرية الساحقة من أبناء الطائفة الشيعية فريق السلطة بذلك بهدف تسريع خطوات إقرارها.

السؤال الثامن: هل تعتقد بأن أحداث الشمال خففت من حدة التشنج السني ــ الشيعي؟
رغم الانقسام في موقف السنّة والمسيحيين، تظهر نتائج الاستطلاع أن أكثرية المستطلعين يعتقدون بأن أحداث الشمال خففت من حدة التشنج بين السنّة والشيعة، ولعل ما لعب دوراً في ذلك، موقف «حزب الله» المتوازن، والذي تجلى في خطاب أمينه العام السيد حسن نصر الله في عيد المقاومة والتحرير في 25 أيار، عندما اعتبر أن الجيش والمدنيين الفلسطينيين في مخيم نهر البارد خط أحمر.

السؤال التاسع: هل تعتقد بأن تأليف حكومة وحدة وطنية يخرجنا من الأزمة؟
رغم أن الموقف السني للمستطلعين بدا منقسماً حيال مطلب تأليف حكومة وحدة وطنية، بدا أن هذه الحكومة مطلب عام للبنانيين، على اختلاف طوائفهم، باعتبارها تشكل مخرجاً للأزمة الراهنة، وهذا الموقف سبق أن أظهرته استطلاعاتنا السابقة، ولعل التجربة الأليمة التي يعاني منها اللبنانيون، ومنها أخيراً التفجيرات في فردان والأشرفية وعاليه، وتطلّع أكثرية اللبنانين إلى الاستقرار الأمني والاقتصادي، إلى جانب الحديث المتبادل عبر وسائل الإعلام من قبل فرقاء المعارضة والموالاة على السواء، لتأليف حكومة وحدة وطنية رغم التمايز بينهم، يشكل دافعاً هاماً باتجاه ترسيخ القناعة بمطلب حكومة الوحدة، بوصفها صمام أمان للاستقرار الداخلي، ويؤسس لتنفيذ الاستحقاقات المقبلة، وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية.








* مدير مركز بيروت للأبحاث والمعلومات