إبراهيم عوض
قوى في الأكثرية «تفتح النار» على يكن وعضو في جبهته يسأل كيف وصل القدّور من عين الحلوة إلى نهر البارد

فوجئت «رابطة علماء فلسطين» بإعلان رئيس جبهة العمل الإسلامي الداعية فتحي يكن أول من أمس وصول الاتصالات والمساعي للبحث عن مخرج يضع حداً للوضع المتدهور في مخيم «نهر البارد» إلى طريق مسدود، عازياً ذلك إلى انتقال قضية «البارد» من حركة «فتح الإسلام» إلى تنظيم «القاعدة» الدولي. وقال عضو الرابطة الشيخ محمد الحاج، قبل اصابته أمس، لـ «الأخبار» إن المعطيات التي تكونت لديه من خلال مشاركته في المفاوضات الجارية مع «فتح الإسلام» أظهرت أن «الأمور ليست بالسلبية التي يتصورها البعض»، لافتاً إلى أنه سيطّلع من يكن على الأسباب التي حملته على اتخاذ هذا الموقف.
وكشف الحاج أن وفداً من الرابطة التقى الناطق باسم حركة «فتح الإسلام» شاهين شاهين وعرض معه بعض الأفكار والمقترحات التي من شأنها أن تشكل منطلقاً للبحث في إنهاء المشكلة التي تتفاقم يوماً بعد يوم، مشيراً الى أن ما أقلق الوفد هو مرور ثلاثة أيام وأكثر على «اختفاء قائد الحركة شاكر العبسي والمسؤول العسكري فيها «أبو هريرة»، الأمر الذي أطلق العنان للكثير من التساؤلات عن الجهة الصالحة للتفاوض معها والمخولة اتخاذ القرار، وخصوصاً أن شاهين شاهين استمهل من التقى بهم بعض الوقت ريثما يأتيهم بالرد على ما نقلوه إليه».
ولم تمضِ ساعات قليلة على تصريح يكن الذي ربط فيه «فتح الإسلام» بـ«القاعدة» حتى ثارت ثائرة قوى في الأكثرية، فانهالت عليه بسهامها التي استهلها النائب مصطفى علوش، متهماً يكن بأنه «يشكل غطاء للمخابرات السورية»، مطالباً القضاء بالتحقيق معه، وأتبعها النائب أكرم شهيب بوصفه رئيس جبهة العمل الإسلامي بـ«الداهية» لا «الداعية» مشيراً إلى أنه «أهم مندوب سوري في لبنان وفي قوى الثامن من آذار».
وفيما آثر يكن التروي قبل الرد على مهاجميه، انبرى عضو الجبهة جميل رعد، وهو أحد الموفدين الثلاثة الذين شاركوا قبل أيام في الاتصالات التي جرت مع «فتح الإسلام»، لتولي هذه المهمة، حيث ذكّر ابن مدينته طرابلس النائب علوش بداية بأنه سبق أن سجن في سوريا يوم كان في «حركة التوحيد» التي تزعمها الشيخ الراحل سعيد شعبان، «فيما كان الآخرون شركاء المخابرات السورية بالحكم في لبنان». وتمنى «أن يصار إلى إلقاء القبض على أحد مسؤولي «فتح الإسلام» وسؤاله عمن كان يتصل بهم ويسهل تحركاتهم علهم يشكلون ذات يوم «الجيش السني» الموعود لمواجهة حزب الله»، مشيراً إلى أنه سمع أكثر من مرة من داخل «فتح الإسلام» عن علاقة جهة سياسية موالية بهذه الحركة. وتساءل في هذا الصدد: كيف يمكن انتقال القيادي في هذه الحركة شهاب القدور (أبو هريرة) قبل أشهر من مخيم عين الحلوة إلى مخيم نهر البارد للانضمام إلى «فتح الإسلام» يرافقه أكثر من 60 عنصراً مع أسلحتهم، بعد أن أعلنوا انسحابهم من «عصبة الأنصار»؟
ويتحدث رعد عن انطباعاته بعد «الزيارة السريعة» التي قام بها إلى نهر البارد قبل أيام فيقول إنه «على الرغم من حالة الجمود التي تعتري المبادرات التي قام بها علماء ومشايخ بغية إنهاء الأزمة، فإن الأمل لم يفقد بعد، لكنه ينتظر القرار السياسي وكذلك عدم اقتصار التفاوض على مسألة واحدة، هي تسليم المطلوبين».
وإذ أكد رعد إحراز الجيش خطوات عسكرية ملحوظة على أرض المعركة ونجاحه في حصر جماعة «فتح الإسلام» داخل منطقة أو منطقتين محددتين في المخيم، لفت في الوقت نفسه إلى «صعوبة الحسم العسكري نظراً لبقاء أكثر من خمسة آلاف فلسطيني داخل المخيم، ولجوء مقاتلي «فتح الإسلام» إلى الزواريب والأزقة والخنادق واعتماد حرب العصابات لتعطيل تحرك الجيش، ولمعرفتهم بحرصه على عدم إيذاء المدنيين».
ولم يستبعد رعد مشاركة مجموعة ضئيلة تابعة لفصائل فلسطينية في القتال الدائر بين الجيش «وفتح الإسلام» «لا دعماً لهذه الأخيرة، بل دفاعاً عن المخيم من وجهة نظرها». وأفاد بأن الفصائل الفلسطينية العشرة داخل المخيم آثرت عدم إخلائه من المدنيين فأبقت على أكثر من خمسة آلاف منهم داخله، للحؤول دون الاقتحام العسكري للمخيم، وحتى لا يشكل هذا الأمر سابقة يمكن اعتمادها مع مخيمات أخرى إذا ما واجهت ظاهرة على غرار «فتح الإسلام».
وإزاء المشهد المضطرب على جبهة «البارد» وارتفاع عدد الشهداء في صفوف الجيش، يطرح أكثر من سؤال عن حقيقة الوضع الميداني هناك، وكيفية استمرار مقاتلي «فتح الإسلام» في عمليات التسلل رغم دائرة النار التي تلفها، ونجاحها في استهداف مواقع للجيش كما أظهر شريط عرضه تلفزيون «المنار» قبل أيام.
مصدر عسكري مسؤول يستهل رده على هذه التساؤلات بتوضيح مفاده أن الشريط التلفزيوني الذي عرض على «المنار» استعين به من الأرشيف ويعود إلى المراحل الأولى للمعارك التي اندلعت في البارد، أي قبل ثمانية عشر يوماً، مؤكداً أن الموقع الذي جرى تصويره على مدخل المخيم حينذاك تخطاه الجيش بمسافة تقارب كيلومتر ونصف كيلومتر. أما محاولات التسلل فهي في الحقيقة محاولات فرار عبر البساتين يقوم بها عناصر من الحركة يتصدى لهم الجيش، فيلجأون إلى المناورة من دون أن تكون هناك أي مقاومة تذكر.
ويتوقف المصدر العسكري عند طبيعة المخيم ليشير إلى اعتماد مجموعة «فتح الإسلام» على القنص والغدر والتوغل داخل الأزقة والاحتماء بالباطون المسلح وقيامها بتفخيخ الأبنية. وذكر المصدر أن الجيش ماضٍ في عملية التوسع التدريجي لتنظيف الأبنية وتضييق الخناق على «فتح الإسلام» أكثر وأكثر.