المنية ـــ عبد الكافي الصمد
مناشدة القادة ورؤساء الحكومات التحرك لتدارك «الخطر المحدق بالطائفة»

انعكست أحداث مخيم نهر البارد، وتداعياتها المختلفة أمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً، على المناطق المتاخمة له، إن في عكار والمنية أو في طرابلس والشمال وبقية المناطق اللبنانية عموماً.
إلا أن ما شهدته المنية تميّز بارتباطه بموقع المنطقة جغرافياً، حيث يقع على طرفيها الشمالي والجنوبي مخيما اللاجئين الفلسطينيين في نهر البارد والبداوي، عدا كونها الممر الطبيعي والإجباري الوحيد بين المناطق اللبنانية وعكار ثم الأراضي السورية.
وهذا الموقع حتّم على المنطقة دوراً سياسياً مهماً أدّته بامتياز، خصوصاً في الانتخابات النيابية الاخيرة التي افضت الى ترسيخ «تيار المستقبل» قوة سياسية أولى فيها بلا منازع، برغم محاولات بذلتها تيارات سياسية معينة لإبعاد هذه الصبغة عنها، وإبقاء قدر من التنوع والاختلاف موجوداً فيها.
وبعد اندلاع الاشتباكات بين الجيش اللبناني وتنظيم «فتح الاسلام»، تبيّن أن المنية كانت أولى المناطق المتأثرة بأحداثها، حيث شلّت الحركة التجارية والاقتصادية فيها بشكل واسع، وتحديداً في الأيام الأولى من الاشتباكات، قبل أن يبرز التباين بين فاعليات المنطقة حول التعاطي مع ما خلّفته تلك الأحداث من انعكاسات كبيرة.
وعندما أشيع أن النازحين من مخيم نهر البارد الى مخيم البداوي، كانوا يتعرضون على الطرقات في منطقة المنية لمضايقات من افراد محسوبين على جهات سياسية معينة، سارعت فاعليات المنطقة الى اعتبار ذلك تصرفات فردية لا تعكس موقف المنية الحقيقي من التطورات الاخيرة، ولا من الفلسطينيين وقضيتهم، بعدما نزلت اكثر من 250 عائلة نازحة عند معارف وأقارب لها في
المنطقة.
لكن ما حدث منذ نحو اسبوعين، عندما خرجت تظاهرة غاضبة للنازحين المقيمين في مخيم البداوي، وكانت تنوي العودة الى مخيم نهر البارد مشياً على الاقدام من أجل الضغط لحل الأزمة، واشتباكها مع الجيش والقوى الامنية، فضلاً عن الاهالي، بعد اطلاقها هتافات وشعارات ضد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورئيس كتلة «المستقبل» سعد الحريري، جعل القلوب المشحونة تزداد شحناً
وغضباً.
واذا كانت الأجواء قد هدأت قليلاً بعد ذلك، فإن ارتدادات تلك الأحداث تفاعلت على نحو لافت في المنطقة. فـ«لقاء العلماء والدعاة في المنية» أصدر بياناً رأى فيه أن حكومة فؤاد السنيورة أصبحت طرفاً في الصراع إلى جانب الولايات المتحدة في مواجهة كل القوى المتناقضة مع المشروع الاميركي المسمى الشرق الاوسط الجديد».
وأكد «أن نهج الحكومة وسياستها هي ومن يقف خلفها من قوى تمسك بالقرار السني، قد ألحق أشدّ الأذى بالمسلمين السنّة في لبنان، مثلما لم يحصل على يد أية حكومة سابقة»، معتبراً أن «الطائفة السنية تعاني أشد حالات الانقسام والتناقض، بسبب حملات التحريض على التدين والالتزام الاسلامي السياسي، وبسبب ممارسة الارهاب السياسي والاجتماعي من جانب جماعة السلطة ضد مخالفيهم من اهل السنة»، وأشار إلى أن «ما حصل ويحصل في المخيمات، إنما سببه السياسة الخرقاء للحكومة التي ورّطت الجيش والقوى الأمنية في معركة كان يمكن تفاديها، وتفادي ما سببته به من خسائر للجيش الوطني وللاجئين الفلسطينيين في المخيم».
وناشد اللقاء «القيادات الاسلامية والسياسية السنية، من رؤساء حكومات سابقين ووزراء ونواب ورؤساء احزاب وجمعيات وأبناء البيوتات السياسية السنية العريقة، أن يبادروا الى تحرك يهدف الى تدارك الخطر المحدق بالطائفة السنية خصوصاً وبالوطن عموماً، جراء العبث الذي تمارسه الحكومة الحليفة للإدارة الاميركية وقوى المراهقة السياسية اللبنانية التي تقف وراءها».
في موازاة ذلك، استنكر «اللقاء التضامني الوطني» في المنية ما «تعرض له الجيش اللبناني الوطني من اعتداء أودى بحياة عدد من جنوده الأبرار»، معتبراً أن «الأداء السياسي في البلاد، والتفرد في القرار، قد أدّيا الى استفحال خطر بعض الجماعات، وأتاح الفرصة لجهات ذات أهداف مشبوهة لتعبث بالأمن، وهو ما أدى الى تورط القوى المسلحة في قتال سعت قيادة الجيش الى الابتعاد عنه قدر الامكان، ثم وجدت نفسها منغمسة فيه، في معرض الدفاع عن كرامة المؤسسة وهيبتها، وعن دورها في حماية الوطن والسلم الأهلي
فيه».
ورأى اللقاء أن «اللغة التي اعتمدتها بعض القوى السياسية وعدد من الزعماء، التي تحدثت عن ضرورة الحسم العسكري واستبعاد بقية الحلول، لم تكن لغة مسؤولة، وكانت تنمّ عن عقلية عشائرية وثأرية»، مديناً «التصرفات اللامسؤولة التي صدرت عن جهات معروفة في محيط المخيم، والتي اساءت الى هذا المحيط، وشوّهت دوره وصورته، وأعطت انطباعاً سيئاً عن المنطقة».