strong>80 كيلوغراماً من المتفجّرات و10 شهداء و11 جريحاً
  • 80 كيلوغراماً من المتفجّرات و10 شهداء و11 جريحاً

  • إشعال إطارات في بيروت وقطع طريق الساحل


  • عند الخامسة والنصف من بعد الظهر، وأثناء خروج النائب وليد عيدو بموكبه المؤلف من سيارتين من مسبح «سبورتينغ» بمنطقة المنارة نحو طريق المنارة ــــــ الروشة، وبسلوكه الطريق الواقع بين مدينة الملاهي وملعب النجمة، ولدى وصول سيارته إلى الزاوية الجنوبية الغربية لـ«المعرض الصيني الدائم» الملاصق لمدينة الملاهي، انفجرت سيارة مفخخة من نوع «تويوتا» ما أدّى إلى استشهاد النائب عيدو ونجله البكر خالد واثنين من مرافقيه، هما المجنّد في قوى الأمن الداخلي سعيد شومان والعسكري في المديرية العامة لأمن الدولة فارس ديب، إضافةً إلى استشهاد ستة مدنيين بينهم امرأة ولاعبا نادي النجمة الرياضي حسين دقماق وحسين نعيم اللذان كانا في سيارة قريبة من سيارة الشهيد عيدو.
    وأدّى عصف الانفجار، الذي قدّرته القوى الأمنية بما يعادل 80 كلغ من مادة TNT، إلى تطاير عدد من الجثث والأشلاء وقطع السيارات عشرات الأمتار نحو ملعب النجمة. كذلك، جرح حوالى 11 مواطناً، وإلى أضرار مادية كبيرة في منطقة واسعة، إذ دُمّر حائط من «المعرض الصيني»، وجزء من سور ملعب النجمة، إضافة إلى تكسّر زجاج الفنادق وواجهات المحال التجارية المحيطة، وصولاً إلى الروشة جنوباً وطلعة الحمام العسكري شمالاً.
    بعد الانفجار وصلت إلى مسرح الجريمة قوة من الجيش عملت على تطويق المكان، حيث حضرت عناصر من كل الأجهزة الأمنية: فرع المعلومات والشرطة القضائية وقسم المباحث الجنائية الخاصة ومكتب مكافحة الإرهاب وأمن الدولة ومخابرات الجيش وبدأت تحقيقاتها في ساحة الجريمة، التي لم تكن واضحة الحدود، فكانت أجزاء من السيارتين (سيارة عيدو والسيارة المستخدمة في التفجير) متطايرة في أماكن أَمّها الناس فيما يُفترض ألّا يكون مسموحاً بدخولها إلّا للعسكريين، وبقيت على هذه الحال حتى ما بعد ساعتين على التفجير. بدايةً عملت سيارات الدفاع المدني على إطفاء الحريق الذي اشتعل بالسيارتين، ثم نقلت فرق الدفاع المدني والصليب الأحمر الجرحى وجثث الشهداء إلى المستشفيات، قبل أن تبدأ العناصر الأمنية برفع الأدلة من مسرح الجريمة، موسّعة الطوق الأمني مع مرور الوقت. وبدأت الأجهزة الأمنية على الفور مسحاً للأبنية المحيطة بمكان التفجير، وبخاصة سطوح الأبنية المشرفة على مكان الانفجار، بحثاً عن أي أدلة تساعد في التحقيق، وخصوصاً أن الاحتمال الأبرز لديها هو أن التفجير حصل بواسطة آلة تحكّم عن بعد.
    وحضر إلى مكان الانفجار النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سعيد ميرزا ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية والمفوض المعاون القاضي أحمد عويدات.
    ونقلت فرق الإسعاف الجرحى إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، وعرف منهم: كمال محمود عدلوني، منى كمال عدلوني، ماريا هاروت جولجيغان، بسام نورالدين رفاعي، حسام نورالدين رفاعي، رمزي أنيس مصري، خالد أحمد محمد، أيمن عبد المحسن كرشت، طلال إبراهيم سوبره، لينا محمد بدوي، مروان أحمد سراج، حسن درزي، خالد عماد وعبد الله إبراهيم.
    وفور شيوع النبأ نزل المئات الى الشوارع في مناطق الزيدانية والمنلا وأشعلوا إطارات المطاط. كما قطع محتجّون في إقليم الخروب طريق الساحل عند مفرق برجا بإطارات المطاط قبل أن تعمل القوى الأمنية على فتحها.
    وأثارت الجريمة موجة واسعة من الاستنكار، وأجمعت المواقف على أن الجريمة تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ودعت الى التكاتف والتضامن «لدرء الأخطار التي تتهدّد الجميع».
    ورأى رئيس الجمهورية إميل لحود في الجريمة «حلقة جديدة من مسلسل الجرائم الإرهابية التي تشهدها الساحة اللبنانية منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري»، مشيراً الى تزامن الاغتيال مع تقدّم المساعي لإيجاد حل للأزمة السياسية . وأمل أن يكون «الحزن الذي ضرب لبنان مرة جديدة، حافزاً لجميع القادة كي يتنادوا في وقفة وطنية واحدة لإنقاذ لبنان وحماية وحدته ودرء الأخطار التي تهدّد الجميع من دون استثناء».
    ورأى الرئيس نجيب ميقاتي في بيان له أن استشهاد النائب عيدو، «يمثّل جرحاً جديداً في الجسم اللبناني الذي أثخنته ضربات الإرهاب والغدر، التي تمعن تمزيقاً في أمن لبنان واستقراره وتهديداً لأبنائه وأهله"، مكرراً تأكيده «أن وحدة اللبنانيين هي السد المنيع والوحيد تجاه ما يجري والخلاص من مسلسل العنف والإجرام». واذ تقدّم بالتعازي من ذوي النائب عيدو والشهداء الأبرياء الذين سقطوا معه، ومن كتلة المستقبل والمجلس النيابي، ناشد ميقاتي «اللبنانيين أن يتحلّوا بمزيد من الوعي لمواجهة أيدي الإجرام القذرة والتصدي لها».
    ورأى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني «أن الأيدي المجرمة السفاكة للدماء التي استهدفت الرئيس الشهيد رفيق الحريري هي نفسها الأيدي التي استهدفت رجالات لبنان، والنائب عيدو ونجله خالد ومرافقيه، وهي نفسها الأيدي المصرة على تخريب لبنان وقلب الأوضاع السياسية فيه». فيما دعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان «اللبنانيين إلى الرد على هذه الجريمة النكراء ومثيلاتها بتحصين وحدتهم الوطنية من خلال الإسراع في تأليف حكومة الوحدة الوطنية».
    وإذ قال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني الياس المر، إن اللبنانيين «لن يخافوا ولن يتراجعوا مهما بلغت التضحيات»، رأى أن الأوان آن لـ«يتحدوا، ويتعالوا على كل خلاف وانقسام، وأن يشبكوا الأيدي في سبيل تحصين لبنان والحفاظ على ديمومته وسيادته وأمنه واستقراره».
    واستنكر العماد ميشال عون الجريمة آملاً أن تتمكن الأجهزة الأمنية من وضع يدها على الجريمة. ورأى أن هذه الجريمة قد تهدف الى توسيع رقعة الاضطرابات التي بدأت بالشمال محذراً من أن «التصرف الثوري يمكنه أن يطور المشكلة والجريمة الى مشكلة وجريمة أوسع». واتصل عون بالنائب سعد الحريري معزياً.
    وسارع النائب وليد جنبلاط الى اتهام سوريا بالوقوف وراء اغتيال عيدو فيما رأى الوزير مروان حماده «أن هذا الانفجار يأتي في إطار مخطط تنتهجه سوريا للانتقام من إنشاء المحكمة الدولية».
    ورأت وزيرة الشؤون الاجتماعية أنه «يجب أن يكون هناك رد فعل»، رابطةً الجريمة «بتنفيذ القرار 1757 وبتقرير القاضي سيرج براميرتس الذي سيقدمه بعد ثلاثة أيام».
    ودانت «كتلة الوفاء للمقاومة» «هذا العمل الإرهابي الجبان» داعيةً الى التضامن والوحدة، وأهابت «بالأجهزة الأمنية والقضائية العمل السريع والجاد والمنسق لكشف المجرمين وسوقهم الى العدالة». ورأت «الكتلة النيابية القومية الاجتماعية» أن «الجريمة النكراء كما كل جرائم الاغتيال المدانة تستهدف زعزعة أمن لبنان واستقراره ووحدة بنيه».
    وطالب النائب أسامة سعد «القوى الأمنية بالتحرك السريع والفعّال لكشف الجناة» مؤكداً أنه «آن الأوان لتجاوز الخلافات وتأليف حكومة وحدة وطنية جامعة تقود لبنان الى بر الأمان».
    وأكد النائب بطرس حرب أننا «لن نرضى أن يذهب كل شهدائنا هدراً».
    ورأى «حزب الله» أن الجريمة «جزء من مسلسل الإرهاب المتنقّل الذي يستهدف لبنان واستقراره حيث يكون الرد عليها بمزيد من الإصرار والسعي إلى تكاتف الأيدي من أجل تيئيس العابثين بأمن البلاد والعباد،».
    ورأى ناطق باسم الحزب الشيوعي اللبناني، أن ما جرى «حلقة جديدة من المخطط المتنقّل من نهر البارد الى مختلف المناطق».
    ورأى الحزب الديموقراطي اللبناني «أن مثل هذه الأعمال الجبانة لا تخدم إلا أعداء لبنان وسلمه الأهلي، وخاصةً أنها قد تزامنت مع الحديث عن اتجاه الى الحوار بين اللبنانيين».
    كما دان الجريمة العديد من الشخصيات والقوى السياسية.

    حتّى تُثْمر دماء الشهداء
    حتى الآن، منذ بداية مسلسل الاغتيال والتفجير، نجح اللبنانيون في تسفيه نظرية «الدم يستسقي الدم». مطلوب، بعد اغتيال النائب وليد عيدو ونجله ورفاقه، أن يتشبّثوا بهذا التسفيه. في انتظار ما هو أفضل، سيكون هذا هو الانتصار الوحيد الممكن على أعدائنا.
    المقصود فتنة سنّية ــ شيعيّة؟ كما تخطّاها خَطْفُ الزيادين وقَتْلُهما يجب أن تتخطّاها كلّ مكيدة جديدة.
    المقصود تعطيل عمل المحكمة ذات الطابع الدولي؟ تخريب موسم الصيف ككل سنة؟ شلّ الحياة السياسية، منع حصول انتخاب رئاسي، رمي البلاد في فراغ أفظع من الانشقاق؟ كلّ هذا، وغيره أشدّ سوءاً، يمكن مَنْعُه بالوحدة الوطنيّة.
    وأوّل واجب هو المراقبة الذاتيّة للكلام... إن الناس العاديين يبدون أكثر وعياً من السياسيين، ومن أجهزة الإعلام المرئيّة خصوصاً، التي يميل بعضها في ظروف مشحونة كهذه التي نمرّ بها، إلى مزيد من الشحن، وكأن المسؤولين عنها لا يعرفون إلى أين يؤدّي الكلام، أبسط الكلام، حين يسيل الدم...
    قد لا تكون الصحافة المكتوبة، ونحن منها، بأرقى حالاً، لكنّ الكلمة المكتوبة تخضع لرويّة العقل أكثر ممّا تخضع الكلمة الشفهيّة، ما يجعل مسؤوليّة التلفزيون أكبر وأخطر بكثير من مسؤوليّة الصحف. وعلى السياسيين الذين يتبارون، في مثل هذه الظروف المأسويّة، على حلبة الشاشات أن يتحلّوا بخصال الحكماء ويرفعوا مصلحة الوطن وواجب حَقْن الدماء فوق كل إغراء شعبويّ أو دغدغة غرائز. ألف مرّة تعقُّل «غير شعبي» ولا مرّة غوغائية «ناجحة» ومدمّرة.
    الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى. لم يستحق وليد عيدو هذا الاغتيال الوحشي، لا هو ولا رفاقه، كما لم يستحق أحد من الشهداء الذين سبقوه تلك النهايات الفاجعة. لكن أحداً لم يُفاجأ. ولن يُفاجأ أحد غداً أو بعد شهر. لن يكون لبنان عراقاً آخر، لكنّه لن يصبح سويسرا بين ليلة وضحاها. التناتُش الذي نحن فريسته سيستمرّ ما دامت الاعتبارات قد جعلت من لبنان مكافأة لمَن سينتصر. السبيل الوحيد للحدّ من خسائر هذا التناتُش، وربما لوَقْفه من باب تيئيسه، هو أن لا نَقَع في ما يُراد لنا الوقوع فيه: الفتنة.
    في هذه اللحظات، مسؤوليّة ضخمة تترتّب على تيار «المستقبل» وزعيمه سعد الحريري، فضلاً عن الحلفاء وفي طليعتهم وليد جنبلاط وسمير جعجع: الارتفاع فوق الجرح، ومنع انفجار الغرائز. هنا محكّ الزعامة.
    وهنا تثمر كما يجب أن تُثمر دماءُ الشهداء.
    «الأخبار»

    القاضي الشهيدولد وليد أحمد عيدو في بيروت في الرابع من نيسان 1942، لعائلة متوسطة. تلقّى دراسته في مدارس العاصمة، وتخرج من كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية عام 1967، قبل أن يلتحق بمعهد القضاء. وبعد تخرجه عام 1970، تولى مراكز قضائية في بيروت والجنوب ثم تسلّم منصب النائب العام الاستئنافي في الشمال. وهو متزوج من السيدة عايدة غنوم، ولهما ثلاثة أولاد: خالد (استشهد معه) وزاهر ومازن.
    عرف عيدو بنزعته العروبية، فانتمى في النصف الثاني من السبعينيات الى تنظيم «المرابطون» وكان عضواً في قيادته، وأسس إذاعة «صوت لبنان العربي». ومجلة «المرابط» التي تولّى رئاسة تحريرها. وعن هذه الفترة قال لـ «السفير»: «لدي حسّ ونزعة عروبية ووطنية كبيرة. وقد راهنت وغامرت بوجودي ومستقبلي في القضاء وقمت بعمل، في تقديري هو عمل وطني في ذلك الوقت، دفاعاً عن القضية الفلسطينية. فأنا من موقعي الإسلامي والسني أرى أن الموضوع العربي يستحق أن تغامر بحياتك وليس فقط بمستقبلك المهني من أجله. وقد تعاونت مع «المرابطون» لفترة امتدت من عام 1978 حتى عام 1980، وتركت الحركة بكامل وعيي بعد أن تبيّن لي أنني في المكان الخطأ. وغادرت من دون أن أغيّر قناعاتي».
    انتخب نائباً عن بيروت ـــــــ الدائرة الثالثة على لائحة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في دورة عام 2000، وأعيد انتخابه عن دائرة بيروت الثانية عام 2005. التحوّل الكبير في حياة عيدو حدث إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، ما حوّله من «مناضل قومي همه القضية الفلسطينية» الى «مؤمن بمشروع لبنان أوّلاً من دون التخلي عن العروبة المتنوّرة». ومنذ اغتيال الرئيس الحريري، لمع نجمه في سماء الأكثرية النيابية «صقراً» من «صقورها»، بعدما اشتهر بانتقاداته اللاذعة لخصومه السياسيين، الى درجة دفعت كثيرين الى اتهامه بـ«التطرف الطائفي». وهو لطالما رد على ذلك بالتذكير بـ«أنني مولود لأم مارونية وأب سني، ولم يكن لي يوماً همّ طائفي». كما يرفض اتهامه بأنه «سني متعصب» ويقول: «أنا وطني وأكره أن يقال إن هناك سنياً وشيعياً. وحكماً أكره أن أكون سنياً متعصباً. أنا مسلم مؤمن وسني بحكم الانتماء والولادة، لكن لست سنياً متعصباً ولا مسلماً متعصباً. المسلم الحقيقي هو المسلم المتسامح. لم أتخذ يوماً موقفاً مذهبياً أو تحدثت بكلام مذهبي».
    في 16 آذار 2005 تفقد عيدو «حفرة السان جورج» المشؤومة، وصرح بأن النفوس «ستهدأ عندما نتوصل الى معرفة من قتل رفيق الحريري». نفس عيدو انتقلت الى بارئها قبل أن تهدأ. والأمل ألّا تبتلع الحفرة الجديدة أمام «اللونغ بيتش» الوطن الجريح.
    (الأخبار)

    14 آذار لإجراء الانتخابات الفرعية في بيروت والمتن
    رأت «قوى 14 آذار» أن اغتيال النائب وليد عيدو «رسالة واضحة من النظام السوري إلى لبنان رداً على قيام المحكمة الدولية»، داعية الحكومة إلى تقديم شكوى ضد هذا النظام لجامعة الدول العربية، وأكدت إصرارها على إجراء الانتخابات النيابية الفرعية في المتن الشمالي وبيروت، ودعت الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة.
    وكانت قيادات «قوى 14 آذار» قد تداعت فور وقوع الجريمة إلى اجتماع موسع في قريطم. وصدر عن المجتمعين بيان رأى أن «الجريمة رسالة واضحة من النظام السوري إلى لبنان رداً على قيام المحكمة الدولية، وترجمة عملية مباشرة لتهديدات هذا النظام وتصريحات مسؤوليه»، معلناً أن «قوى 14 آذار لن تقف بعد اليوم مكتوفة الأيدي إزاء الجرائم التي تستهدف نواب الأمة ورموز عملها السياسي والثقافي والمواطنين الأبرياء، وهي تُصرُّ في سبيل ذلك على:
    أولاً ـــــ إجراء الانتخابات النيابية الفرعية في المتن الشمالي وبيروت لملء المقعدين الشاغرين باستشهاد النائب بيار الجميل والنائب وليد عيدو، ودعوة الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة في أسرع وقت ممكن.
    ثانياً ـــــ تحميل رئيس الجمهورية مسؤولية أي استمرار في عرقلة هذه الانتخابات واعتباره شريكاً مباشراً في الجرائم التي تستهدف النواب لتمنعه الفاضح عن توقيع مراسيم إجراء الانتخابات الفرعية.
    ثالثاً ـــــ دعوة الحكومة إلى مطالبة المجتمع الدولي بضم جريمة اغتيال النائب الشهيد وليد عيدو إلى ملف التحقيق الدولي.
    رابعاً ـــــ دعوة الحكومة إلى تقديم شكوى ضد النظام السوري إلى جامعة الدول العربية ومطالبتها باتخاذ الإجراءات لردع هذا النظام عن التمادي في إجرامه ضد لبنان.
    خامساً ـــــ مطالبة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بمساعدة لبنان على ضبط الحدود مع سوريا ووقف تسلل المسلحين وتدفق الأسلحة إلى الأراضي اللبنانية».
    وأعلن البيان الحداد والإضراب العام اليوم.
    (الأخبار)

    ساعتان بانتظار الجثث... كثير من الغضب وحزن خجول
    صباح أيوب

    شهدت باحة مستشفى الجامعة الأميركية أمس حال تأهب واستنفار وجماهير بشرية بالعشرات قصدت المستشفى فور تأكّد خبر استشهاد النائب وليد عيدو. وفيما كان الأطباء والممرضون يحاولون تنظيم دخول أهالي الجرحى إلى قسم الطوارئ مُهدّئين من روعهم، سادت حال من الضياع في صفوف الجماهير الموجودة هناك بعد أن نفى الأطباء وجود جثث في المستشفى «هون؟ منّو هون!»، أخبار تواترت عن وجوده في مستشفى بيروت الحكومي، فانقسمت الوفود وتوزّعت على المستشفيين. «هزّي هزّي يا بيروت وليد عيدو ما بيموت» تخترق بعض الهتافات لـ«عمر» و«الطريق الجديدة» وبعض الشتائم وصيحات التكبير صمت أهالي الجرحى، وبكاء بعض أصدقاء نجل عيدو الذي استشهد أيضاً. يخرج رجال أمن المستشفى من داخل قسم الطوارئ مسرعين، يركض خلفهم الأهالي والصحافيون، واذا بهم يعلّقون على الحائط ثلاث لوائح بأسماء 11 جريحاً من الموجودين حالياً هناك. استمرّ الكرّ والفرّ لساعتين، فكانت الجماهير تركض عند سماعها صفّارات الإسعاف ثم تعود لتؤكّد «منّو هوّي!» إلى أن حضرت فرقة من الأمن الداخلي وحاولت إبعاد الموجودين عن المدخل، فتأكّد الحاضرون أنّ الجثث ستصل.
    «هل رأى أحدكم سعيد»؟ يرتجف صوت امرأة متّشحة بالسواد تسأل عن شقيقها سعيد شومان أحد مرافقي عيدو. هي لا تصرخ ولا تريد أن تبكي، لكنّها تحدّق في العيون وتنتظر جواباً شافياً بعد أن أُقفلت في وجهها جميع الخطوط. «لماذا يقتلوننا؟ أخذوا بيروت وأخذوا البسطة، لن نصمت!» تعلو صرخة أحدهم وتمتزج بهتافات موكب درّاجات نارية من شباب تيار «المستقبل» الذين اقتحموا الباحة، فهزّ إشكال مع أحد العناصر الأمنية هدوء الانتظار، نفوس مشحونة لم تشف غليلها، كالعادة، إلاّ بالتهجّم على أحد المصوّرين التلفزيونيين «نزّل الكاميرا وليه!» صرخ أحد المدنيين متوجّهاً إلى مجموعة الصحافيين المتحلّقين في المكان. وبعد ساعتين من الانتظار، تصل سيّارتا إسعاف تنقلان جثّتي عيدو ونجله. تعود صيحات التكبير والهتاف والشتائم، تتوارى الجثث خلف زجاج قسم الطوارئ، يقرّر «شباب التيار» أن يشكّلوا وفداً «من أهل البيت» إلى قريطم لـ«يطالبوا الشيخ سعد باتخاذ القرار الحاسم»!

    بري اتصل بالحريري ودعا إلى التنبه من الفتنةوجاء في بيان النعي: «اليوم واصلت آلة الفتك والقتل دورتها، مستهدفة لبنان وقيم الديموقراطية والحرية والعدالة والتحرير والمقاومة والإعمار، وامتدت يدها الغادرة لتنال مجدداً من مجلس النواب اللبناني فتغتال النائب وليد عيدو رئيس لجنة الدفاع والأمن النيابية.
    إنني أذ أنعى الى الشعب اللبناني الزميل وليد عيدو، فإنني متأكد من أن أحداً لن يستطيع اغتيال إرادة الصمود والحياة، ولن يتمكن أحد، فرداً أو جماعة أو منظمة أو جهة، بواسطة الإرهاب والجريمة المنظمة، جعل لبنان ساحة للاضطراب والفتن والحروب وتصفية الحسابات، وأن أحداً في الدنيا لن يتمكن من تفتيت هذا الوطن الصغير بمساحته الكبير بشهدائه.
    إنني باسمي وباسم مجلس النواب اللبناني، وكما اتخذنا صفة الادعاء في الجرائم التي استهدفت الشهداء النواب الأبرار وفي طليعتهم دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والنواب: باسل فليحان، جبران تويني وبيار الجميل، فإننا نتخذ صفة الادعاء على المجرم او المجرمين والمخطط او المخططين والمتواطئين في تنفيذ هذه الجريمة.
    إننا ندعو شعبنا الى الانتباه واليقظة من أصابع الفتنة التي تغزل مؤامراتها. وحمى الله لبنان.
    إننا نتوجه بالعزاء الخالص الى أهالي الشهداء، والى أهلنا في العاصمة بيروت، والى شباب لبنان باستشهاد نجل النائب عيدو خالد ومرافقيه وكل الشهداء، سائلين الله أن يمنّ على الجرحى بالشفاء العاجل».

    السنيورة يطلب مساعدة دوليةفقد ترأس السنيورة إثر متفجرة المنارة، اجتماعاً وزارياً استثنائياً تشاورياً حضره 11 وزيراً لم يكن بينهم وزيرا الدفاع والداخلية. وقرر خلاله إعلان اليوم «يوم حداد وطني». ثم وجه كلمة متلفزة رأى فيها أن الهدف من الاغتيالات «التأثير على الأكثرية وجوداً وتماسكاً، والدفع من خلال الانفجارات المتنقّلة، والأحداث الأمنية ضد الجيش وقوى الأمن، والمواطنين الآمنين، باتجاه الفوضى والانهيار».
    ورأى أن التصميم «على محاكمة موجة الشر والغدر، عمل وطني ومصيري»، وقال إن «حكومة الاستقلال الثاني أعادت المؤسسات إلى العمل، وبلورت إجماعات وطنية، وصنعت سياسة خارجية للبنان ما عرفها منذ عقود»، مشيراً الى تحقيق المحكمة وكشف «الفاعلين وراء جريمة عين علق» و«خيوط رئيسة في مخطط عصابة نهر البارد»، وأضاف: «رغم كل استعداد واحتياط، ما أمكن حتى الآن تحقيق الأمن الكامل، ليس لأن هذه الاختراقات موضوعة منذ عقود تنخر في الجسم الوطني، بل لأن المجرمين لا يزالون يسعّرون النيران، ولا يتورّعون عن ارتكاب المزيد وبخاصة في زمن الاستحقاقات الكبرى».
    وقال لـ«الإخوة المعارضين والمعترضين»: «إنها لحظة للتأمل والعودة إلى الضمير الوطني»، سائلاً: إلى متى يبقى المجلس النيابي مقفلاً، ولماذا؟ وإلى متى يبقى الاعتصام في وسط بيروت؟». وبعدما رثى عيدو، قال: «لن يخضع لبنان واللبنانيون للإرهاب ولا للترهيب، ولن نستسلم ولن يستسلموا للإرهابيين وسننتصر». وختم بالثلاثية التي أطلقها خلال عدوان تموز «سيبقى لبنان، سيبقى لبنان، سيبقى لبنان».
    وكان السنيورة قد اتصل بالرئيس المصري حسني مبارك، أمير الكويت صباح الأحمد الصباح، الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، رئيس حكومة قطر حمد بن جاسم آل ثاني، ووزراء خارجية السعودية ومصر والإمارات. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر حكومي أن الاتصالات كانت في شأن الدعوة لانعقاد مجلس وزراء الخارجية العرب.

    الحريري يدعو الجامعة العربية إلى حماية لبنانوإذ وعد بعدم «ترك الساحة، مهما سقط منا»، وعدم «إخلاء بيروت وتسليم قرارها لأحد»، دعا الحريري العالم العربي والإسلامي إلى «تحمل مسؤولياته كاملة، تجاه صانعي الإرهاب المجرم الجبان»، وجامعة الدول العربية إلى «تحمّل مسؤولياتها تجاه النظام الإرهابي الذي ينتهك سيادة لبنان، ويخلّ بأمنه، ويقتل رجال الفكر والسياسة، وينكّل بمواطنيه الأبرياء»، واضعاً إياها أمام خيارين: «إما أن تتمكن من حماية لبنان، البلد العربي المؤسّس فيها، وإما أن تقاطع نظام الإرهاب الذي يعتدي على لبنان بشكل متواصل وبلا هوادة أمام أعين العرب والعالم جميعاً».
    ومعاهداً الشهيد عيدو والشهداء الذين قضوا معه بأن «مسيرة الحرية لن تتوقف، وأن المجرمين القتلة سيساقون مكبّلين إلى المحكمة الدولية، وأن العدالة والحقيقة ستبقيان أقوى من الإرهاب، وأن الحياة ستتغلب على الموت، وأن القانون سيتغلب على الفوضى والإجرام». وختم الحريري نداءه بالقول: «غداً (اليوم)، ستكون بيروت في وداع ابنها. والوداع يجب أن يكون في مستوى الشهادة. علينا أن نودّع وليد وخالد وكل الشهداء، كما ودّعنا الشهيد الرئيس رفيق الحريري، بهدوء ومسؤولية وحضارة، وأن نقطع الطريق على أعداء الاستقرار. وسيكون يوم الوداع يوماً للبنان وللدولة فيه، ويوماً للحرية يليق بالشهداء الكبار وببيروت وبوطننا الذي لن نتركه للإرهاب والمخرّبين».
    من جهة ثانية، أعلن المكتب الإعلامي للنائب الحريري تقبل التعازي بالشهيدين عيدو ونجله خالد بعد الدفن، اليوم، ويومي الثاني والثالث للرجال في دارة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في قريطم، من العاشرة صباحاً حتى الواحدة بعد الظهر، وبين الرابعة عصراً والسابعة مساءً.
    (الأخبار)