راجانا حميّة
اختتمت الجامعة اللبنانيّة الدوليّة «LIU» معرض الفنون السنوي لطلّاب الأقسام الثلاثة «الغرافيك ديزاين والديكور والفنون». وقد أفرغ الطلاب همومهم وأحلامهم على الورق، وعبّروا عمّا يجول في خواطرهم من أفكارٍ وإبداعات. وضمّ المعرض أعمال السنوات كافّة، وبعضاً من مشاريع التخرّج، مستبقاً المعرض النهائي في التاسع عشر من الجاري

رسمت طالبة السنة الثالثة في قسم «الغرافيك ديزاين» في الجامعة اللبنانية الدولية ميرنا الأسطا طفولتها، فصوّرت جدران غرفتها الصغيرة وألعابها والورود المرصوفة على حافّة النافذة، وجسّدت كلّ الذكريات في مسرحها «الأخضر» الذي أرادته فسحة ترفيهيّة لأطفالٍ سرقهم الخوف من عالمهم إلى عالمٍ آخر لم يختبروا فيه سوى الرعب والألم. ميرنا التي عاشت «هوس» الدمى والمسرح في صغرها حيث كانت تُمسك قطع «المعجون» وتبتكر شخصيّات الرسوم المتحرّكة وتكلّمها، تؤرقها مشاهد الحرب التي يراها الأطفال. سعت ميرنا جاهدة، من خلال مشروع «Magic theatre»، لاسترجاع «البسمة الغائبة قسرياً عن وجوههم»، فابتكرت مسرحاً متنقّلاً يشبه مسرح غرفتها الصغيرة، وبطليه «moon» و«pinky»، اللذين يجوبان الشوارع والأماكن العامّة والمدارس «ويعملان مع الأطفال ومن أجلهم».
انعكست هواجس ميرنا في استعادة الأمن والابتسامة المخطوفة، على الكثير من مشاريع طلّاب قسم الغرافيك ديزاين، في المعرض السنوي الذي أقامته الجامعة لأقسام التصميم والديكور والرسم والتصوير. وقد جهد بعض الطلّاب في مشاريعهم في استرجاع «عالمٍ خالٍ من الرعب والموت»، وإن كان كلّ واحدٍ منهم قد «فشّ خلقه» بطريقة مختلفة عن الآخر. فعلي الحاج حسن، دخل عالم الطفولة من باب نقمته على أشياءٍ كثيرة، لم يشارك في اختيارها، وجعلته الظروف ملزماً بتحمّلها في حياته. لم يختر علي طريقة عيشه، كما لم يختر دينه والحرب والتعصّب، لكنّه اختار أن يحلم «باليوم الذي نخرج فيه من القوقعة»، ودوّن أحلامه على «تي. شرت»، مستعيناً بالمادة «18» من شرعة حقوق الإنسان التي تنصّ على أنّ «لكلّ شخص الحق في حرية التفكير والتعبير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرّية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة». ولفت علي «إلى أنّ كلّ شخص له الحق في تقرير مصيره ويُحاسب على أساس أفعاله، لا على أساس ما اختاره الغير نيابة عنه». ولم يكتفِ علي بأحلامه على الـ«تي. شرت»، فهواجسه المتطرّفة وصلت إلى حدّ تفكيره في استبدال اللغة العربيّة بلغةٍ «أكثر شبابيّة وعالميّة، اللغة الإنكليزيّة»، ويعمل علي منذ أشهرٍ على ابتكار شعار أكثر حيويّة لصحيفة «السفير» مع الحفاظ على الاسم. ويوضح علي «أنّ الشباب يحتاجون إلى لغةٍ أكثر حيويّة، ولا سيّما أنّ اللغة العربية باتت متخصّصة في الكثير من الأماكن». ويطمح إلى الوصول إلى ما يصبو إليه «من دون نسيان اللغة العربية، ولكن ما الذي يمنعنا من التغيير؟». ولا يختلف علي عن محمّد السبلاني الذي يسعى إلى التغيير «ولكن مش في الأحلام، بل بالبلد»، فما الذي «يمنعنا من تغيير الحكومة، وما الذي يمنعنا من إنقاذ بيروت؟». سئم محمّد من الأرقام، ببساطة «14 ولد بدّن يحكموا بلد، حلّوا عنّا، نحن ما بقى معنا شي... بتسمحولنا نعيش، خلصوني وحلّو عن رب ربّي». وملّ بلال وعلي الانتماء «بيّك فقير بتطلع فقير وبيّك وزير بتطلع وزير، لازم نغيّر هالمعايير». وكان للّونين الأحمر والأسود الحصّة الأكبر في اللوحات، فقد عمد الطلّاب إلى «تجسيد الضياع والمجهول اللذين يسيطران على أحوال البلد»، ولفت محمّد «إلى أنّ التصاميم لم تكن وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكماتٍ بدأت منذ سنتين ولم تنته، وقد تتفاقم إذا استمررنا في التعنّت». وفي الخط التصويري، رسم عبد علي صالح مدينته بالأحرف «أحاول رسم مدينة حبٍّ تكون محرّرة»، وصوّر جاد صعب قوام حبيبته بالكلمات «قاتلتي ترقص حافية القدمين في مدخل شرياني». وتضمّن المعرض أعمالاً لطلّاب قسميْ الديكور والرسم، ولم تخرج رسومهم من الإطار العادي، فتركّزت على رسم المناظر الطبيعيّة و«البورتريه»، وأفردوا لهمومهم وأحلامهم وحياتهم اليوميّة جزءاً منها، من الرقص إلى الحب والموضة... وفي قسم التصوير، ركّز الطلّاب على موضوعات محدّدة، فصوّروا منازل وأماكن... وفقراً وجوعاًَ وطفولة، وتفاصيل وملامح وجوهٍ تتغيّر وتتأرجح بين الحزن والألم والأمل... صوّروا وجوههم ووجوهنا.