كامل جابر
يتميز معبد عين حرشا عن بقية المعابد الرومانية في المدار الغربي لجبل حرمون بأناقته المعمارية، وتناسقه الهندسي. هو من المعابد الأيونية التي تندر في لبنان، فعددها لا يتخطى اصابع اليد الواحدة. شُيّد على ارتفاع ألف متر عن سطح البحر، لينادم جبل الشيخ منذ أكثر من 21 قرناً ويقاوم عوامل الطقس والطبيعة، التي لم تترك على جدرانه إلا بعضاً من آثارها. فهذا المعبد المتواضع هو الأكثر اكتمالاً بين أترابه على رغم فقدانه جبهته الأمامية المثلّثة وسقفه. ويقدّر الباحث غالب سليقة «أن يكون من خشب الأرز، المقطوع من الغابات الكثيفة التي كانت تغطي جبل حرمـــــون مـــــع الصـــنوبر والسنديان».
تنتشر عند أقدام المعبد حجارة مصقولة أو منحوتة كانت تشكل جزءه العلوي، وتبدو إلى جانبيْ المدخل حنايا كانت تستعمل لتماثيل الآلهة. وتظهر على جدرانه عمليات الترميم التي قام بها فريق علمي ألماني في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي. فأعادت البعثة بعضاً من الحجارة المنهارة وتركت القسم الآخر لأنها لم تستطع تحديد مكانه على الأرض، فكان عرضة للعابثين. وأدى نقر الرعاة للمعبد إلى تشويه قسمات وجه إله الشمس «هليوس» المحفور على مسلّة. ويُلاحظ فقدان بعض حجارة المعبد أخيراً بسبب عدم حراسته.
ويحيط بالمعبد آثار رومانية أخرى. فهناك كتابة نُقشت أحرفها اللاتينية على صخرة مصقولة، وأجران ونواويس وأعمدة، وبقايا سور وأطلال غرف وأبنية مهدمة. وتؤكد دراسة أعدّها الباحث التاريخي منير مهنا «أن المعبد شُيّد ما بين عاميْ 113 و114م، ونُقشت على صخوره رسوم لإلهة القمر سلان ولإله الشمس هليوس». أما تسمية عين حرشا فيربطها سليقة باللغة الآرامية و«تعني مكان العبادة أو مكان سكن الأرواح».
يتبع هذا المعبد الطراز الهندسي الأيوني الذي يتميز بتيجان أعمدته المزخرفة بشكل دائري. وهو مستطيل الشكل، ويوازي عرضه وارتفاعه (7 أمتار) نصف طوله، أما سماكة حجارته فتبلغ 77 سم، ما يؤكد بحث الهندسة الرومانية دوماً عن الكمال.
يُذكر أن هذا المعبد يقع في أرض جرداء ومعزولة، ويمكن الوصول إليه عبر طريق ترابية من وسط بلدة عين حرشا.