strong>ثائر غندور

  • معهد العلوم التطبيقية والاقتصادية: اللامركزية في الميزان

  • مرّ قطوع الحرب الأهلية على معهد العلوم التطبيقية
    والاقتصادية من دون أن يؤدي إلى تفريعه. واليوم، يعتمد مجلس إدارة المعهد سياسة اللامركزية في التعليم، وهو ما أدى إلى إنشاء ثمانية فروع حتى الآن خلال سنتين. أما الطلاب فيتخوّفون من أن يكون التفريع على حساب المستوى الأكاديمي


    تأسس معهد العلوم التطبيقية والاقتصادية (CNAM) عام 1970 كمؤسسة يديرها مجلس إدارة تتمثل فيه الجامعة اللبنانية، معهد العلوم التطبيقية في باريس والجمعية اللبنانية للتعليم العلمي والتقني والاقتصادي التي يرأسها حالياً النائب وليد جنبلاط. وقد عُرف المعهد بمولود الشهيد كمال جنبلاط المدلّل الذي حافظ عليه من التدخلات السياسية، ليتابع بعدها المسيرة ابنه وليد.
    أما إدارة المعهد فتولّاها الدكتور يوسف أبي نادر طوال ثلاثة عقود، فحافظ على وحدة المعهد عندما ارتفع الخطاب التقسيمي في البلد، وتفرّعت الجامعة اللبنانية، بين «شرقية» و«غربية»، وإن كان المعهد اضطر إلى افتتاح مركزٍ في «الشرقية» لفترة من الزمن بسبب عدم قدرة طلاب تلك المنطقة على الوصول إلى المركز الرئيسي، ليُقفل هذا المركز بعد انتهاء الحرب الأهلية مباشرة.
    وتنطلق فكرة معهد العلوم التطبيقية والاقتصادية من ضرورة إعطاء الشباب الذين دخلوا سوق العمل الصناعي فرصة استكمال دراستهم الأكاديمية، لذا يعتمد المعهد التعليم المسائي، ويعتبر العمل التطبيقي في السوق أمراً ضرورياً لنيل الشهادة. ويقدم الـCNAM فرصة الدراسة في اختصاصات: هندسة الميكانيك والكهرباء والمعلوماتية، المساحة والطوبوغراف، الإحصاء، وإدارة الأعمال.
    بدأت السياسة تتسلل إلى المعهد من طريق طلابه مع بداية الألفية الثالثة، فاحتدم التنافس الانتخابي في العام الدراسي الماضي، ووصل إلى حائط مسدود. وقد وقع إشكال بين الأحزاب في المعهد التي تمثل نموذجاً مصغراً للواقع اللبناني. ثم جاءت النتيجة أفضل من الحوار اللبناني، فشكّل طلاب المعهد لجنة طالبية تمثّلت فيها كل الأحزاب بنسب متساوية: ممثل لكل حزب.
    إلاّ أنّ صرخة اللجنة الطالبية (التي تضم الموالين والمعارضين) ارتفعت في أيار الماضي للدفاع عن مستوى شهادة معهد العلوم التطبيقية، فأبدت خوفها من التأثير السلبي على الشهادة نتيجة «التسرع في إنشاء المراكز، حيث افتتحت مراكز في صور، بعقلين، غزة، بعلبك، وطرابلس، ويجري التحضير لافتتاح ثلاثة مراكز أخرى في بكفيا، النبطية، وحاصبيا، والحبل على الجرار...». وتعتبر اللجنة الطالبية أن تفريع المعهد في المناطق مهم جداً، لجهة تعزيز مبدأ الإنماء المتوازن وحق المناطق الريفية في التعليم العالي، إلا أنّ هذه الفروع ترتكب مخالفات وتواجه مشاكل عدة، أبرزها:
    ــ التدريس النهاري، وهذا مخالف لأنظمة المعهد.
    ــ الطلاب لا يعملون أو يعملون في غير اختصاصهم، وهذه إحدى المشاكل حتى في مركز بيروت.
    ــ التسرع في إنشاء الفروع من دون النظر إلى نجاح التجربة أو فشلها.
    ــ عدم وجود مكتبات ومختبرات مجهّزة في الفروع.
    ــ التدخل السياسي والحزبي، والاعتبارات المذهبية والمناطقية والعائلية، وتأثيرها في العمل الأكاديميوتساءلت اللجنة «هل تحوّل المعهد إلى مؤسسة تجارية ليفتتح ثمانية فروع في أقل من عامين؟ وما هو مقياس نجاح هذه المراكز؟ وهل عدد الطلاب المسجلين يشكل وحده الدليل على النجاح؟ أم مستواهم التعليمي والقدرة على ربطهم بسوق العمل؟». وطالبت اللجنة باعتماد خطة واضحة من أجل التفريع، وحدّدت شروطاً لهذه الخطة:
    ــ تلاؤم الاختصاصات مع حاجة سوق العمل المهنية والصناعية في المناطق المعنية، وهذا لا يكون إلا بعد دراسة علمية دقيقة.
    ــ توفير مبانٍ لائقة بالتعليم الجامعي، حيث تُراعى الشروط الضرورية وتكون التجهيزات اللازمة، لا على قاعدة «الترقيع»، غرفة للبلدية هنا وشقة هناك.
    ــ إخضاع الأساتذة في بيروت والمناطق لدورات متخصصة علمية وتربوية.
    وأبدى الطلاب خشيتهم من تحوّل التفريع من الإنماء المتوازن إلى توازنات سياسية، كما هي العادة في لبنان، وأثاروا مشكلة العبء المالي الذي تفرضه هذه الفروع على المركز الرئيسي الذي يعاني أصلاً مشاكل عدة أهمها مشكلتا المبنى والموازنة. فالطلاب يتنقّلون بين مبنييْن في بئر حسن والأونيسكو، في اليوم عينه. واعتبر الطلاب أنّ البعض يحاول «الانتقام» من المعهد، وخصوصاً من شهادة الهندسة التي أثبتت في سوق العمل كفاءة أصحابها، «مستغلين النوايا الطيبة للمدير لدفع المعهد إلى القيام بخطوات غير مدروسة، نتيجة الواقع السياسي اللبناني ومبدأ المحاصصة والتدخلات بالشأن الأكاديمي».
    ورفضت اللجنة الطالبية مبدأ فتح فروع تعطي شهادة الهندسة في المناطق، وخصوصاً في ظل الواقع الحالي، والمقصود هنا الاختصاصات الآتية: Electronique ـ Electrotechnique ـ Mecanique des structures ـ Energetique ـ Topographie. وطالبت باعتبار الفروع مراكز تدريس للسنتين المنهجيتين الأولى والثانية في الاختصاصات ذات الطابع النظري، لا فروعاً مستقلة.
    وأشار بعض المطّلعين على عمل اللجنة إلى أن المراكز تشكل عبئاً سنوياً على المركز الرئيسي يصل إلى 200 ألف دولار أميركي، مطالبين بنشر الموازنة.
    بدوره، يعتبر عضو مجلس إدارة الـ CNAM عن الجمعية اللبنانية للتعليم العلمي والتقني والاقتصادي الدكتور وليد صافي، أن إنشاء الفروع أتى في إطار العودة إلى فلسفة المعهد وهي «توفير فرصة الدراسة للمواطنين الذين واجهوا صعوبات مالية بعد تخرّجهم من الثانوية العامّة فدخلوا إلى سوق العمل». ويرفض صافي تخوّف الطلاب من تدنّي قيمة الشهادة، «إذ لا تساهل مع معايير الكفاءة في اختيار الأساتذة في الفروع، التي لا تختلف عن المعايير المعتمدة في بيروت».
    ويقول صافي إن قرار التفريع اتُّخذ عام 2002 بعد زيارات عدة لفرنسا والتنسيق مع CNAM الفرنسية. ويحدّد صافي الاستراتيجية الجديدة بعبارة: «من الثانوية إلى الـ CNAM» بعكس ما كان سائداً سابقاً، إذ كان يُشترط على الطالب أن يكون قد دخل سوق العمل حتى يحق له الانتساب إلى المعهد».
    وتأتي هذه الاستراتيجية في سياق اعتماد مبدأ اللامركزية في التعليم الجامعي، «ويكون المعهد بذلك سبّاقاً في إنماء المناطق». ويشرح صافي الآلية التي اعتُمدت في استحداث الفروع: «عُقدت اتفاقات بين المعهد والسلطات المحلية (بلديات أو اتحاد البلديات) تقضي بأن تتكفل السلطات المحلية بتوفير المكان والتجهيزات للفروع». ويشير إلى منظمات غير حكومية جهّزت عدداً من الفروع، من دون أن تُحمّل المركز الرئيسي أي عبء. ويلفت صافي إلى أنّ الطلاب في الفروع يخضعون لدورات تقوية في اللغات والرياضيات من أجل توحيد المستويات. ويدعو الطلاب إلى بدء حوار مباشر مع مجلس الإدارة حتى تُصحّح الأخطاء ــ إذا وُجدت ــ ويُطوّر المعهد.




  • عُبادة كسر ـ أسامة القادري


  • فروع البقاع... والمبنى المفقود

    استأجرت بلدية بعلبك ـــ الهرمل في عام 2004 طابقاً كاملاً في مبنى اللقيس (ساحة ناصر) مقرّاً لمعهد العلوم التطبيقية والاقتصادية، فجهّزته بكل المعدات اللازمة، ليبدأ التدريب في عام 2005 في اختصاصَي إدارة الأعمال والمعلوماتية واللغات (الانكليزية والفرنسية). غير أنّ الطابق المستأجر كان يفتقر إلى نوافذ تدخل منها الإنارة والتهوئة، ويعاني انسداداً في مجاري الصرف الصحي، وهو ما دعا إدارة المعهد إلى الانتقال من المبنى فأجرت البلدية مناقصة رست على مبنى ثانوية خليل مطران الأسقفية التابعة لمطرانية بعلبك للروم الكاثوليك، وانتقل المعهد إلى مقره الجديد (في منتصف العام الدارسي). ويبدي مدير المعهد الدكتور علي السبلاني تخوفاً من الهاجس المادي الذي يجعل المعهد رهناً للأوضاع الاقتصادية للبلدية ويقول: «تقدم البلدية إيجار المبنى واشتراك الكهرباء والتلفون والتجهيزات... إلخ. لكنها ليست قادرة على الاستمرار وخصوصاً أنّها تعيش أزمة مالية». ويطرح السبلاني إضافة مليار ليرة إلى موازنة الجامعة اللبنانية لتوزّع على الفروع الجديدة بحصة 100 مليون سنوياً لكل فرع، وعندها يصبح التمويل ذاتياً وتُحل كل المشاكل تقريباً.
    ويفتقر المبنى الجديد إلى المكتبة والكافتيريا، الأمر الذي يشتت الطلاب في السوق المجاورة في أوقات الفراغ، إضافة الى غياب الملعب الصيفي وهو ما يؤدي إلى انعدام النشاطات الرياضية في المعهد.
    وفي البقاع الغربي، فتح المعهد أبوابه لـ280 طالباً في السنة الأولى موزعين على اختصاصَي هندسة المعلوماتية والادارة والاقتصاد، على أن ينضم في العام المقبل اختصاص جديد «هندسة الطاقة». وينقسم العام الدراسي إلى فصليْن بكلفة مليون و200 ألف ليرة لبنانية، ويعتمد نظام الوحدات. ويتّخذ المعهد هذا العام مقره المؤقت في الطابق العلوي في ثانوية غزة الرسمية، حتى يستكمل اتحادات بلديات البقاع الأوسط والغربي وراشيا والنواب (على كل نائب أن يدفع 5 ملايين ليرة سنوياً) البناء الجامعي في بلدة غزة التي تقدمت بقطعة الأرض لكونها تقع وسط المنطقة وتربط الأوسط والغربي وراشيا بعضها ببعض.





  • صور ــ آمال خليل


  • هل يغلق المعهد في صور؟

    خاضت بلدية صور معارك «طاحنة» لافتتاح فرعٍ لمعهد العلوم التطبيقية والاقتصادية في صور، فتحمّلت تكاليف البناء والتجهيزات من خزينة اتحاد بلديات قضاء صور من دون مساعدة وزارة التربية. وقد استقطب فرع صور في المعهد طلاباً من القسمين الفرنسي والانكليزي لعدم وجود معهد جامعي آخر في المنطقة، وشرط أن لا تكون دراسة اللغة الفرنسية إلزامية لطلاب القسم الانكليزي ما عدا في مرحلة الدراسات العليا. لكن سرعان ما أبلغت إدارة المعهد الطلاب أن القسم الانكليزي غير معترف به، بعدما أقرّت إلزامية دراسة اللغتين لجميع الطلاب في السنوات الثلاث، وأضافت مواد جديدة، الأمر الذي اضطرهم إلى دراسة ساعات إضافية بعد انتهاء الدوام الرسمي بتكاليف مالية إضافية، بحسب الطالب حسن اللبن (سنة ثالثة إدارة انكليزي). ويلفت اللبن إلى أنّ «النقص في عدد الأساتذة يحول دون تخرّجنا في السنة الثالثة، ويجبرنا على دراسة بعض المواد في السنة الرابعة». و«ما كان ينقص الطلاب إلا المتاجرة بمرحلة التدريب بعد تحويل المواد إلى سلع تباع وتشترى»، يقول الطالب قاسم برجي (سنة ثالثة إدارة ـــ فرنسي) الذي ينتقد تأخير القرار الصادر عن إدارة المعهد والمتعلق بتنظيم الدورة التدريبية لمدة 9 أشهر والملزمة لنيل شهادة التخرج، علماً بأنّ قرار التدريب كان يجب أن يصدر في بداية العام الدراسي لينهي الطلاب الفترة المطلوبة منهم. ويشترط القرار تسجيل الطالب لدى مكتب شؤون الطلاب بأنه يتابع فترة تدريبية في إحدى المؤسسات ويدفع مبلغ 65 ألف ليرة رسماً عن كل شهر تدريب تذهب للأستاذ المشرف، علماً بأن أساتذة المعهد نفوا تلقّيهم أي بدل مالي. وبعد انتهاء التدريب، يناقش الطالب مشروع التخرج مع لجنة يعيّنها رئيس القسم بعد دفع مبلغ 100 ألف ليرة رسماً لتسجيل المناقشة في مكتب شؤون الطلاب.
    من جهته، أكّد رئيس مجلس فرع الطلاب حسن حيدر «أن الإدارة لا تكترث لمطالبهم، موضحاً أنّ كل المساعي تتجه نحو إغلاق المعهد حديث العهد.