نهر البارد ـ نزيه الصديق
تميّزت الاشتباكات الدائرة في مخيّم نهر البارد بين الجيش اللبناني ومسلحي تنظيم «فتح الإسلام»، والتي أنهت أسبوعها الرابع أمس، بمعارك عنيفة وإن كانت متقطعة أحياناً، مترافقة بقصف مدفعي مركز من الجيش الذي يحرز تقدماً ملحوظاً على الارض، في ظل تراجع مسلحي الحركة وانكفائهم باتجاه أنحاء المخيم القديم.
وكان الجيش قد واصل قصفه المدفعي المتقطع، مستهدفاً مواقع «فتح الاسلام» في محيط مدارس الأونروا، مسجد القدس، التعاونية، مجمع ناجي العلي الطبي ومركز صامد، في الوقت الذي تتواصل فيه الاشتباكات على الارض في محيط هذه المراكز المستهدفة، وعلى المحورين الشرقي والغربي تحديداً، وسط تقدم للجيش الذي تمكّن من السيطرة على عدد من المباني، بعدما كانت وحدات فوج الهندسة قد أزالت عدداً كبيراً من الألغام والأشراك، التي خلفتها عناصر «فتح الاسلام» على مداخل هذه الأبنية وفي داخلها وفي محتوياتها. ويعزّز الجيش مواقعه العسكرية داخل المخيم، حيث شوهدت آليات عسكرية تدخل وتخرج من المدخل الشمالي للمخيم.
وواصل الجيش اللبناني طوال يوم أمس قصفه مواقع الحركة من مرابضه القريبة بالمدفعية الثقيلة، حيث لوحظت النيران تندلع في أماكن عدة داخل المخيم.
في موازاة ذلك، لم تسجل عند المدخل الجنوبي للمخيم اي حركة دخول لسيارات الإسعاف أو لقوافل الإغاثة التابعة للصليب الأحمر اللبناني والصليب الاحمر الدولي والهلال الاحمر الفلسطيني، او لوكالة غوث اللاجئين ـــ الأونروا، كذلك لم يلاحظ خروج اي نازح من المدنيين من المخيم.
على صعيد آخر، كانت حركة السير على الطريق الدولي الذي يربط عكار بطرابلس عبر المنية، حذرة وخفيفة، بسبب تعرّض العابرين عليه لعمليات قنص متقطعة من داخل المخيم، واستهدافهم بقذائف الهاون التي كانت تتساقط بين الحين والآخر في محيط هذا الطريق.
وتفقّد قائد الجيش العماد ميشال سليمان قبل ظهر أمس، الوحدات العسكرية المنتشرة في نهر البارد، وأشرف على سير العمليات والإجراءات الميدانية المتخذة. كذلك اطّلع على أعمال إزالة العوائق والفخاخ والألغام وتدمير الأنفاق التي كانت تستخدمها عناصر «فتح الإسلام».
وقد أكد العماد سليمان أمام الضباط والعسكريين، أن «قرار القضاء على فلول الإرهابيين هو نهائي لا رجوع عنه، وأنه لا مفر أمام هؤلاء إلا إلقاء السلاح وتسليم أنفسهم للعدالة قبل فوات الأوان، داعياً الفلسطينيين إلى اتخاذ موقف شجاع ومسؤول بالتصدي للقتلة المجرمين، الغرباء عن نسيج الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وإقناعهم بالخضوع للنظام والقانون، وعدم السماح لهم بالتسلل الى صفوفهم، والعمل على طردهم، الأمر الذي سيسهم بكل تأكيد في إنهاء هذه الظاهرة الشاذة، ورفع الأذى الجسدي والمادي عن المدنيين الابرياء، والإسراع في عودة النازحين منهم إلى منازلهم والشروع بإعادة إعمار ما تهدم».
وشيّعت قيادة الجيش خمسة عسكريين استشهدوا أثناء قيامهم بالواجب العسكري خلال الأحداث الأمنية الجارية في منطقة الشمال وهم: المعاون الشهيد أيمن صالح مشيمش من بلدة كفر صير ــ النبطية، الرقيب الشهيد علي رفيق موسى من بلدة القصيبة ــ النبطية، العريف الشهيد الياس حنا الأحمر من بلدة سفينة الدريب ــ عكار، العريف الشهيد عبد الله محمد اسماعيل من بلدة قنيا ــ عكار والعريف الشهيد ميلاد حنا سعادة من بلدة دير الأحمر ــ بعلبك.
وكان وفد من منظمتي اليونيسف والأونروا برئاسة الين بلير، استطلع ميدانياً الأوضاع المحيطة بالمخيم، متوقفاً لبعض الوقت عند الكورنيش البحري من الجهة الشمالية المشرفة على الواجهة البحرية للمخيم، حيث كان محيط مدارس الاونروا يتعرض للقصف، وجرى استعراض الوضع عبر خرائط حملها الوفد معه.
ورفضت بلير الإدلاء بأي تصريح، فيما ذُكر أن الزيارة استطلاعية لمعاينة بعيدة لمدى الدمار الذي تعرض له المخيم، في خلال المواجهات العسكرية والخطوات الممكن اتخاذها بعيد انتهاء العمليات العسكرية وعودة الهدوء، للإسهام في إعادة إعمار المخيم والاهتمام بالنازحين الفلسطينيين.