راجانا حميّة
يخوض طلّاب قسم الـ«غرافيك ديزاين» في معهد الإدارة والكومبيوتر الجامعي «BCU» معركة شرسة بين واقع يُجبَرون على العيش فيه على الهامش وأحلام تجرّهم إلى عالم بلا قضبان، يؤمنون به هُم، دون الحاجة للرجوع إلى هياكل قوانين «بالية».
وفيما لم يفلح هؤلاء الشباب في التغيير على أرض الواقع، اختاروا خوض المعركة على الورق في مشاريع تخرّجهم التي كانت أولى مواجهاتهم فيها العنوان. فجهدوا في التفتيش عن موضوع لا يقلّ شراسة عن «الوضع اللبناني»، إلى أن وقع «النصيب» على «حقوق الإنسان». ولكن، لماذا حقوق الإنسان؟ ربّما لأنّ فرح يمّوت لم تشعر، بعد، بالحريّة، وغريس الجميل تترك بلدها لأجل الحريّة، وهبة مجركش تفقد «عزيزاً» بسبب الحرّية، وغيرهنّ وغيرهم ممّن دفعهم يأسهم من الحالة التي يعيشون فيها والبلد على حافّة المجهول، إلى رسم صور كثيرة لأحلامهم وهواجسهم باسم «شرعة 1948».
ثمانية عشر طالباً جسّدوا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كلّ على طريقته، فإيهاب الأسعد اختار من الإعلان مواد «الحرّية والعدالة»، وجمعها في إطاره الخاص الذي تتداخل فيه مواد «العدالة» وصور السجون والتعذيب والجوع... والنضال. كما أتبعها بشريط مصوّر ضمّنه صوراً أخرى موازية في الخوف والتشرّد للواقع المعيش، خرقته تخيّلات وأحلام وصلت حدّ التفكير بـ«نسف جهنّم». وقد دفع اليأس الأسعد إلى دخول المناقشة مكبّل اليدين، يلفّ عنقه بالرقم «1948»، تاريخ الصدور الأوّل لشرعة الحقوق. أمّا ريم عيد وزورا حمّود فقد سرقـت الطفــــولة حيّز اهتماماتهما، وسلّطتا الضوء على معاناة ملايين الأطفال الذين يختبرون النكبات في يومياتهم، بسبــــــب إهمال المجـــــتمع والعائلة والحياة لهم. وفتحي فوّاز وهبة مجركش خرقا الخطّ الأحمر لـ«الموت البطيء»، وصوّرا في عمليهما مراحل الإدمان ببشاعتها «المملّة»، بعدما شهد الإثنان موت أحد المقرّبين.
وابتعدت سامية سلام عن حقوق «الآخرين»، و«سلبت» من الإعلان العالمي كل ما يمتّ بصلة إلى الحريّات والحقوق الشخصيّة ومقارنتها مع واقعها الراهن. سامية التي لم تعش حرّيتها ومراهقتها إرضاءً لرغبات العائلة والمجتمع، جهدت لرسم تفاصيل «حبّ وصداقة ورقص» لم تختبرها على الورق، وذيّلت صورها بمواد الشرعة لتدلّل على حقّها في العيش. أمّا غريس الجميل، فلم تفلح في الإفلات من المذكّرات السوداء التي حملتها من صيفها الدامي، وقد جمعت في رسمها الكثير من التناقض بين حقّها في العيش بأمان «بغير هاللبنان» والحنين إلى الوطن الذي حملت ترابه في حقيبة السفر، بعدما غادرته في حرب تمّوز إلى عمان.




Free & Equal
لم يصل «صاحب الرقم 1948» إيهاب الأسعد إلى تحديد المسافة التي تفصل بين حقوق الإنسان على أرض الواقع والشرعة القانونية، مكتفياً بالتعليق على أنّها «بعيدة جدّاً جدّاً». لقد حمل الأسعد الواقع الذي يعيشه سكّان العالم، بين الخيبة والخوف ودمار الحروب وبراءة الطفولة المغتصبة، هاجساً ثقيلاً يقضّ أحلامه، في ظلّ اللامبالاة «الكونيّة». وقد أرفق الأسعد مشروعه بفيلمٍ ضمّنه هموم شعوب الأرض، وأحلامهم... وهواجسه التي وصلت إلى حدّ التفكير بإلغاء «جهنّم»، لكن في أيّة سنةٍ ضوئية قد يصل الأسعد إلى عالم أحلامه؟

Do you got it

تهدي هبة مجركش مشروعها إلى «شاب عزيز» دخل الدوّامة ولم يعد قادراً على الخروج منها، ولم تعد هي نفسها قادرة على التزام الصمت. هبة التي تخاف من أن تفقد «العزيز»، حمّلت مشروعها كلّ أنواع الإدمان التي يتعاطاها الشباب، ابتداءً من السيجارة والنرجيلة والخمر والمخدّرات، ساعية إلى إرشادهم إلى عالمهم الحقيقي بدلاً من الذهاب إلى «العالم الآخر».

Stop child abuse

يعيش طفل زورا حمّود على هامش الحياة، أو «يُجبر على العيش على الهامش بسبب سوء المعاملة التي يتعرّض لها من الأهل والمجتمع والقانون...». ومن أجل إلغاء الخطّ الفاصل بين الطفل والحياة، تطمح زورا من خلال حملتها إلى بلوغ «المعتدى عليه» وتلقينه «وسائل الدفاع عن نفسه في حالات سوء المعاملة»، إضافة إلى دعوة المجتمع والأهل إلى أداء دورهم في حمايته. وتلفت زورا إلى أنّ الطفل يشبه «puzzle»، تنقصه أشياء كثيرة، ويحتاج إلى من يعيدها إليه... ليعود إلى الحياة.

Emigration

حملت غريس الجميل تراب لبنان في حقيبة السفر وتركته بعد حرب تموز لأنّها فقدت الأمان، إلا أنّها سرعان ما عادت إليه ومعها حفنة التراب، بعدما وجدت نفسها عاجزة عن التخلّي عنه. فكرة «الرحيل والعودة» كانت محور مشروعها حيث تشير إلى أنّ للإنسان الحق في العيش حيث يوجد الأمان «ولو حتى في المرّيخ»، لكن من دون أن ينسى الوطن الأم. غريس، رغم إيمانها بانتمائها، لم تنسف فكرة الهجرة من مخيّلتها «إلى حين يثبت لبنان أحقيّته في الأمان».

Let them be the same

ترصف ريم عيد عشرات الصور التي تبحث فيها عن طفلٍ لا يعيش على «هامش الحياة»، تعبث في ألعابه، تلتقط منها «علبة علكة ومعجون أحذية». تجد نفسها مضطرّة للمقارنة بينه وبين طفلٍ «من نوعٍ آخر»، تُفاجأ بالفرق «مش نفس الشي»، تستردّ شرعة حقوق الطفل، فيؤلمها أن تكون «حقوقهم لا تشبه طريقة عيشهم». ريم، التي جهدت في فهم الفارق، وجدت «أنّ حزن الأطفال المشرّدين والجائعين لا ينتج من جوعهم، بل من افتقار مجتمعهم إلى وسائل حمايتهم وتأمين عيشٍ لائقٍ لهم»، وهي تسعى من خلال «أطفالها المشرّدين» إلى توعية المجتمع على هموم أطفاله.

Searching the life

تحلم سامية سلام باكتشاف حياة المراهقة التي لم تعشها. تسترجع، في عملها اللحظات القليلة التي استطاعت من خلالها اختراق «الخطّ الأحمر» الذي رسمته عائلتها. صوّرت سامية مشاعرها «المكبوتة» على الورق، جسّدت حبّاً لم تعشه، وصداقةً لم تنعم باستمرارها. كما كسرت الحواجز العائليّة والعادات والتقاليد في مشروعها، متعمّدة إبراز الحق باختبار تفاصيل الحياة «التي يضمنها المجتمع والقانون»، من دون روابط.

Spiritual Suicide

«أوّل واحد راح... والثاني... والثالث... وغيرن كتار»، فتحي فوّاز ليس معجباً بالأرقام، إنّما خوفه من أن يصبح «أيّ واحدٍ منّا» رقماً في لائحة «الموت البطيء»، دفعه إلى فضح ملامح المدمن بالتفصيل المملّ، بضياعه وهلوسته ووجعه... وموته المحتّم، رغبةً منه في تحذير الشباب من السقوط «كما سقط أحدهم». ويستعين فتحي في إيصال فكرته بوجه الطفل لكونه الأقدر على اختراق عقول الناس ومشاعرهم، مذيّلاً صوره بسؤالٍ لا يخلو من التسليم بصعوبة العودة «Do drugs kill?...ask the survivor».

The Art Of Reading

تشعر نورا عيتاني بالخوف من نسيان غلاف الكتاب أو شكله، بعدما وجدت نفسها مرميّة في متاهات الشبكة الافتراضيّة. نورا التي لم تقرأ منذ فترة طويلة بشكلٍ جدّي، يسكنها هاجس العودة إلى الكلمات، و«النبض» الذي افتقده «ثلاثة أرباع العالم بسبب الإنترنت»، لذا تسعى عبر أوراقها «المعتّقة» إلى إعادة «رسم حدود الثقافة الأصيلة»، وحثّ الناس على الخروج من «الروتين الإلكتروني» إلى عالم «الفن والشغف».