«تأليف حكومة ثانية يؤدّي إلى التفجير بأبشع صوره ويهدّد لبنان في وحدته ووجوده»
حمّل الرئيس سليم الحص حكومة الرئيس فؤاد السنيورة أو «ما بقي منها» مسؤولية «الحال المأساوية» التي يشهدها لبنان، على كلّ الصعد، من دون أن يستثني رئيس الجمهورية إميل لحود من هذه المسؤولية، إذ إنه «ارتكب أخطاءً، كان أولها انسياقه في مسار التمديد لولايته. وكان آخرها في سوء التعاطي مع الوضع الحكومي بعد انسحاب فريق وازن من الحكومة».
ووضع القرار الذي اتخذته الحكومة في شأن إجراء الانتخابات الفرعية لملء المقعدين الشاغرين بفعل اغتيال النائبين بيار الجميل ووليد عيدو في خانة «افتعال مشكلة ستكون في حجم المأزق»، ودعا الى ضرورة «استبعاد» فكرة إقامة حكومة ثانية مع استمرار الحكومة القائمة (ولو منقوصة)، إذ إن هذه الخطوة «تؤدّي إلى التفجير بأبشع صوره، ومن ثم إلى تهديد لبنان في وحدته ووجوده»، مشيراً الى أن الحلّ يكمن في حكومة الوحدة الوطنية «الآلية التي عبرها يمكن الاتفاق بين اللبنانيين على هوية الرئيس المقبل».
وكان الحصّ قد عقد مؤتمراً صحافياً، أمس، تحت عنوان «لبنان على مفترق خطير»، استغرب خلاله «كيف أن الحكومة تحرص على الدستور» في حال الانتخابات الفرعية، و«تتجاهله في عدم حرصها على احترام صلاحيات رئيس الجمهورية: فتصدر المراسيم من دون موافقته، وتحيل مشاريع قوانين على مجلس النواب من دون توقيعه، وتراجع الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية من دون علمه أو موافقته».
وإذ قارب ما يجري على الساحة اللبنانية من زاوية المتعارف عليه في بلاد العالم الديموقراطي، حيث إنّه «عندما تغدو الحكومة محور المشكلة في الوطن، فإنها تتنحّى فيؤتى بحكومة جديدة يولد معها الحل»، أجاب الحصّ على «الحجّة الواهية» المتعلّقة ببقاء الحكومة ما دامت تتمتّع بثقة مجلس النواب بالإشارة الى النقاط الآتية:
ــ «إن الاستقالة هي من صلب العمل الديموقراطي، إذا كانت المصلحة العامة تملي ذلك»، وعدم الاستقالة «يتنافى مع موجب ديموقراطي، هو الرضوخ لمقتضيات المصلحة الوطنية العامة».
ــ بصرف النظر عن شرعية أو لا شرعية «ما بقي» من الحكومة، وعن دستوريتها أو لا دستوريتها، وميثاقيتها أو عدم ميثاقيتها، فإن «الوضع الحكومي الراهن غير صحي وغير سليم»، بدليل «ما وصلنا إليه في كنفه من حال مأسوية على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والأمنية».
ــ إن قانون الانتخاب «فرض علينا بقوة قادر، فطبّق عام 2005 قانون عام 2000 الذي كان هدفاً للاعتراض والتنديد من جانب كثيرين، ثم فاز في الانتخابات يومذاك من فاز بفعل تحالفات وصولية مصطنعة، سرعان ما انفرط عقدها إثر الانتخابات».
وتساءل الحص: «أي حكومة في التاريخ لم تسقط في نهاية المطاف؟»، متوجّهاً الى المسؤولين بالقول: «ارحموا هذا البلد، وارأفوا بهذا الشعب. لو استقالت هذه الحكومة وتألّفت حكومة توافقية منذ عام، لكنّا في غير هذه الحال المزرية التي نعيش»، معتبراً أن الحل يكمن في «المسارعة إلى تأليف حكومة وحدة وطنية تجمع المتنابذين على طاولة مجلس الوزراء، فتحدّ من تداعيات حال الانقسام وتتيح المجال لمناقشة شتّى القضايا الخلافية، وتؤمن آلية للتوافق على شخص الرئيس المقبل».
واتّهم الطبقة السياسية بأنها «لا تملك زمام قرارها الذي تمسك به جهات خارجية»، إذ إن «المحكّ سيكون في كيفية التعاطي مع تحديات المرحلة، وبخاصة ما سيكون لعبور الاستحقاق الرئاسي»، ختم الحص مؤتمره بالترحيب بالوفد العربي الذي يزور بيروت، اليوم، معرباً عن أمله في «أن يقوم بجهد بين الأفرقاء، توصّلاً الى توافق على قيام حكومة وحدة وطنية».
وعوّل الحص على دور المملكة العربية السعودية «القطر العربي الوحيد الذي لا يستثير حساسيات فيما لو تدخّل في لبنان»، إضافةً الى «تجاربها في الماضي، وأهمها اتفاق الطائف». وفي شأن المؤتمر المزمع عقده في باريس أواخر الشهر الجاري، أوضح أنه لم يتلقّ دعوة للمشاركة فيه.
وانتقد كلام النائب وليد جنبلاط عن المرحلة المقبلة «يا قاتل يا مقتول»، قائلاً: «هذا الكلام لا أرضى به مصيراً لبلدي. يجب أن يكون هناك خيار ثالث، هو بعث الحياة في هذا الوطن. نحن لم نقنط ولم نيأس، ما زلنا نأمل حلّاً ما، والأمل قريب».
(الأخبار)