طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
تضاربت المعلومات على نحو كبير حيال نتائج المساعي التي تبذلها «رابطة علماء فلسطين» لإيجاد مخرج لأزمة مخيّم نهر البارد، بعدما برزت بشدّة ملامح خلافات وتباينات عميقة في الآراء والمواقف بين الأطراف الفلسطينية المعنية. وترافق ذلك مع التقدّم البارز الذي حققه الجيش اللبناني ميدانياً في وجه مسلحي تنظيم «فتح الإسلام» على أرض المعركة.
واتّضح حجم هذا التضارب واتساعه، بعدما أشارت مصادر مقربة من رابطة العلماء إلى أنّ «اتفاقاً لوقف إطلاق النّار من جانب حركة «فتح الإسلام» سيُعلَن في غضون 48 ساعة على الأكثر، يليه تطبيق البنود التي تتضمنها المبادرة، التي تشمل تسليم المسلحين أسلحتهم إلى أحد الفصائل الفلسطينية داخل المخيم تمهيداً لتسليمها إلى الجيش اللبناني، وترحيل المقاتلين العرب في صفوف الحركة إلى خارج لبنان، وتسليم 60 جريحاً من عناصر الحركة إلى الجيش اللبناني من أجل التحقيق معهم، وتشكيل قوة أمنية فلسطينية بهدف ضبط الأمن في المخيّم قبل عودة النازحين إليه».
وفضّل عضو رابطة العلماء الشيخ محمّد الحاج «عدم الخوض في تفاصيل المبادرة أكثر من ذلك»، موضحاً في حديث مع «الأخبار» أنّ «هذه الأمور متروكة للبحث مع قيادة الجيش واللجنة السباعية، من أجل عدم استباق الأمور، وحتى تأخذ المساعي طريقها الصحيح نحو التطبيق، إذ ربما لهاتين المرجعيتين ملاحظات معينة بهذا الخصوص».
وتوقع الحاج «إعلان وقف لإطلاق النار في أقرب وقت»، مؤكداً أنّ «التوصّل إلى مثل هكذا أمر ممكن جداً، بعدما لمسنا إيجابية مطلقة من مسؤولي «فتح الإسلام»، معرباً عن أمله في «التوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار، من أجل بدء الحديث في تطبيق بقية البنود الأخرى من المبادرة».
غير أنّ أوساطاً فلسطينية مطّلعة أشارت لـ«الأخبار» إلى أنّ «قادة الفصائل الفلسطينة في الشمال، وأعضاء اللجنة السباعية الفلسطينية، ليس عندهم معطيات واضحة بشكل كاف عن تحرّك وفد رابطة العلماء، ولا عن نتائج هذا التحرّك الذي يقومون به باتجاه حركة «فتح الإسلام»، لافتة إلى أنّ «الأفكار المطروحة تعني من يحملها ويجول بها محاولاً تسويقها، وخصوصاً بعدما وصلتنا معلومات مؤكّدة عن أنّ وفد الرابطة الذي دخل (أمس) أول من أمس إلى مخيّم نهر البارد، لم يلتق بأيّ من مسؤولي حركة «فتح الإسلام» على عكس ما يشاع!».
وأبدت هذه الأوساط استغرابها حيال «سعي رابطة العلماء إلى إعطاء دور لنفسها، يكون أكبر من حجمها وقدرتها على تأديته، أو الالتزام بما تتعهد به، إن بالنسبة إلى الجيش اللبناني أو في ما يخصّ حركة «فتح الإسلام»، إلا إذا كانت تسعى للعب دور سياسي على الساحة الفلسطينية مستقبلاً»، لافتة إلى أنّ «المبادرات والأفكار التي كانت مطروحة قبل أيام قليلة، وكان الركون إليها، أو الاعتماد عليها ممكناً، فإنّها لم تعد صالحة اليوم بعدما قارب الجيش إنهاء مهمته بشكل كامل وبنجاح».
وتساءلت هذه الأوساط: «كيف يمكن أن يُهدي الجيش انتصاره الذي حققه بعد كل هذه التضحيات إلى أيّ طرف، سواء أكان هذا الطرف لبنانياً أم فلسطينياً، وخصوصاً بعدما بات على قاب قوسين أو أدنى من تحقيق انتصار ناجز؟».
وأضافت هذه الأوساط تساؤلها بالقول: «إذا كان وفد رابطة العلماء يحمل معه شيئاً جديداً بخصوص مبادرته، فلماذا تأخر موعد لقائه مع قيادة الجيش إلى أكثر من 48 ساعة؟ فهل الوضع في المخيّم يحتمل كلّ هذا التأخير في ظلّ هذه الظروف؟».
غير أنّ هذه الأوساط عادت لتؤكد أنّ «أفكار مبادرتها الأساسية التي طرحتها منذ البداية لا تزال قائمة، وهي تتضمن تشكيل قوة أمنية فلسطينية مشتركة لضبط الأمن في المخيّم، بعد التوصل إلى هدنة، لا وقفٍ لإطلاق النار، وتسليم المسلحين سلاحهم إلى فصيل إسلامي (رشح أنّه حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية)، وانكفاءهم نهائياً عن الساحة، على أن يُعطوا مهلة ثلاثة أشهر على الأكثر لترتيب مغادرتهم لبنان بطرقهم الخاصة، وإلا فإنّه لا مناص حينها من استسلامهم للسلطات الللبنانية، واتخاذ العدالة مجراها الطبيعي بحقهم».