الهرمل ــ رامي بليبل
فجأة، من دون سابق إنذار، أغلقت السلطات الحدودية السورية معبر الجوسية الرسمي على الحدود اللبنانية السورية، بين حمص والقاع أمام جميع المارة من سيارات وأفراد وآليات سورية ولبنانية، بعدما أغلقت منذ بداية أحداث مخيم نهر البارد معبري العبودية والعريضة لأسباب عدة، منها ما ذكرته السلطات السورية حينها، أي «منع تسلل عناصر «فتح الإسلام» أو من ينتمي إلى الحركات الإرهابية المسلحة من أراضيها وإليها».
ومع هذا التدبير الجديد، لا يبقى بين البلدين سوى معبر المصنع، الذي تناقلت مصادر أمنية عند نقطتي الجمارك السورية واللبنانية أنه سيغلق خلال 24 ساعة، لتبدأ من جديد أزمة إغلاق الحدود بين البلدين وما رافقها من أزمات على المستويات السياسية والاقتصادية والسياحية، ولا سيما أننا على أبواب صيف مثقل بالالتزامات والمترتبات المالية المتراكمة من الصيف الساخن الماضي. مع العلم أن لبنان شهد مثل هذه الأزمة منذ سنتين، ما دفع بالرئيس السنيورة آنذاك إلى تفعيل الوساطات العربية والدولية لفتح المعابر وتسيير قوافل الشاحنات والبرادات التي كانت متوقفة تنتظر أمر المرور.
إغلاق معبر الجوسية الحدودي في البقاع الشمالي، مع ما يحمله من رسائل سياسية شديدة الخطورة، أخطر ما فيها أن إغلاق هذا المعبر تحديداً لا يحدث إلا عند اشتداد الأزمة بين البلدين وتخطيها حدود الذروة، هو الأول منذ إنشائه. فقد بقيت أقسامه تعمل حتى في أصعب الأزمات التي مرت على لبنان. وإذ استغرب المواطنون إغلاق المعبر وإجبار المسافرين على العودة من حيث أتوا، اكتفت المصادر الجمركية السورية بالقول إن السبب هو «قرار سياسي، ولا نعلم كم يستمر العمل بمضمونه» وإلى أن ينتهي العمل به «الصوص لن يمر من هنا».
إلى ذلك، أحدث هذا القرار الفجائي القلق في نفوس الذين سافروا إلى مدينة حمص قبل ساعات من قرار الإغلاق، وخاصة أن قرار الإغلاق ساري المفعول على الجهتين، أي لا يستطيع اللبنانيون الدخول إلى سوريا ولا الخروج منها، وعلى من يرغب بالخروج من سوريا سلوك معبر المصنع قبل السابعة والنصف من صباح اليوم (الخميس)، ما دفع بالعشرات إلى الإسراع وانتظار من لهم خلف القضبان الحدودية ليتفقوا على آلية للتلاقي من جديد.
وكان معبر الجوسية قد شهد في الأسبوعين الماضيين حركة كثيفة، وذلك بسبب لجوء الطرابلسيين إلى استخدامه للعبور إلى سوريا.
من جهة أخرى يشكل قرار إغلاق الحدود صدمة جديدة لأبناء البقاع الشمالي الذين يعتاش بعضهم من التجارة بين البلدين وبعضهم من تسوق السلع ذات الأسعار المتدنية في سوريا.
التوتر الذي تشهده الحدود اللبنانية مع سوريا منذ فترة، وخاصة في هذه الأيام، يلقي بظلاله على حركة أبناء البلدات والقرى المحاذية لهذه الحدود، فهم يصبحون على وفود أممية دولية ويمسون على دوريات للجيش اللبناني. أما ما بين الصباح والمساء فلا تكاد هذه القرى تخلو من عناصر الجمارك أو المخابرات، وكل ما يمر على الطريق لا بد أن يخضع للتفتيش الدقيق.
اليوم أضحت ساحة معبر الجوسية خالية من روادها، وعم الهدوء المكان بعد أن كان خلية نحل في أوج عملها، ما رفع من مأساة البقاعيين الذين يأملون أن تعود الأمور إلى مجاريها ويعودوا إلى أعمالهم التي باتت اليوم هباءً منثورا.