باريس ـــ بسّام الطيارة
أميركا تطرح نقاطاً جديدة على جدول الأعمال وفرنسا تسترضي السنيورة والسعودية تركّز على المحكمة!

نجت المبادرة الفرنسية لاستضافة حوار لبناني من الإلغاء مع إعلان باريس إرجاء موعد انعقاد الحوار الى منتصف الشهر المقبل، فيما أعلنت طهران «دعمها أي جهة تحاول التقريب بين اللبنانيين، واستعدادها لدعم الحوار»، الذي احتلّ أمس مساحة كبيرة من «لقاء العمل» الذي جمع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ونظيره الفرنسي برنار كوشنير، في الكي دورسيه، على هامش زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز للعاصمة الفرنسية.
وأوضح مصدر قريب أن «الملف اللبناني احتلّ 90 في المئة من محادثات الوزيرين»، وأن الجانب السعودي ركّز على نقطتين أساسيتين خلال البحث في المبادرة الفرنسية لاستضافة حوار لبناني ــــــ لبناني، وهما «المحكمة في الدرجة الأولى»، ويليها «ملف تأليف الحكومة وانتخاب رئيس مستقل للجمهورية». وبحسب المصدر نفسه، فإن الوزير الفرنسي أشار إلى أن «المحكمة تم إنشاؤها، ومن الضروري البناء على هذا الأمر لإطلاق الحوار الوطني»، مشدداً على ضرورة أن يكون للبطريرك الماروني نصر الله صفير دور في الوصول إلى إجماع» حول اسم الرئيس الجديد.
وكانت الخارجية الفرنسية قد أعلنت إرجاء موعد الحوار من نهاية الشهر الجاري الى منتصف تموز المقبل، وعلّلت ذلك بزيارات مقررة لكوشنير الى الخارج، وبزيارة الرئيس فؤاد السنيورة لباريس الأسبوع المقبل، وبالأحداث على الأرض في لبنان.
وقال الناطق باسم الخارجية جان باتيست ماتيي إن باريس تواصل التحضير للقاء. وأوضح أن موفد كوشنير السفير جان كلود كوسران أبلغ وزير الخارجية أن المحاورين الذين التقاهم بدوا «مهتمين جداً» بالمبادرة الفرنسية، وأكد أن اللقاءات التي عقدها كوسران في طهران كانت «إيجابية للغاية» شأنها شأن لقاءاته في العواصم الأخرى التي زارها.
وقد التقى كوسران، في طهران، وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي حيث «شرح المبادرة التي أطلقتها حكومته». وأعلن الوزير الإيراني ترحيب بلاده «بأي جهة تهدف الى التقريب بين اللبنانيين، وأن استقرار لبنان وأمنه مسألة في غاية الأهمية بالنسبة الى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ونحن مستعدون لتقديم ما يمكن أن يساعد لبنان على حل مشاكله وتحقيق التفاهم بين مختلف الأطراف».
وقالت مصادر لـ«الأخبار» إن كوسران بحث في طهران في «مستوى التمثيل في اللقاء والمواعيد المقترحة لعقده» مع تمنٍّ إيراني بأن تكون «الجلسات مغلقة لإفساح المجال للمزيد من الثقة والصراحة».
وذكرت المصادر، من جهة أخرى، أن الأميركيين استمعوا إلى وجهة النظر الفرنسية، والغرض من الدعوة إلى طاولة حوار، وأنهم «أثاروا نقاطاً جديدة» منها «تهريب السلاح عبر الحدود السورية» وأخرى تتعلق بـ«تطبيق القرارات الدولية، وخصوصاً القرارين ١٥٥٩ و١٧٠١»، بينما اكتفى الفرنسيون بشرح مبدأ المبادرة وهو «إعادة وصل الحوار اللبناني ــــــ اللبناني».
ويعتقد مراقبون بأنه رغم الإشارات الإيجابية التي خرجت من وراء الكواليس الباريسية أمس، فإن من الصعب القول إن المبادرة الفرنسية أعيد إحياؤها، مشيرين الى أن «الممانعة» بدأت تأخذ أشكالاً متعددة منها توسيع رقعة المواضيع المطلوب «مناقشتها والاتفاق عليها قبل الوصول إلى باريس» وهي، كما يقول دبلوماسي، إذا تم الاتفاق عليها «تنفي ضرورة الحوار على ضفاف السين».
ويؤكد هؤلاء أن لهذه الممانعة وجهاً آخر تمثّل في «عتب» السنيورة لعدم استشارته قبل إطلاق المبادرة، لافتين الى أن دعوته إلى باريس تأتي في سياق «محاولة لتبديد الشعور بالتجاوز» الذي ظهر لدى رئيس الحكومة وعدد من أقطاب الأكثرية في بيروت. وبدت هذه المحاولة واضحة في وصف الناطق الرسمي باسم الإليزيه دافيد مارتينو زيارة السنيورة بأنها «رسالة قوية تظهر الدعم الفرنسي القوي للحكومة الشرعية».