نيويورك- نزار عبود
خطت الحكومة خطوة جديدة على طريق تدويل لبنان، عبر طلبها تدويل الحدود مع سوريا، وذلك، بعيداً عن «الروابط المميّزة» التي وردت في وثيقة اتفاق الطائف، وبمعزل عن البيانات الوزارية الحالية والسابقة.
وقد جاء الطلب «ملطّفاً» في مذكّرة من 23 صفحة، أرسلتها الحكومة إلى رئاسة مجلس الأمن الدولي، في 18 حزيران الجاري ومذيّلة بتوقيع القائمة بأعمال البعثة اللبنانية في نيويورك كارولين زيادة. وتستند الحكومة في المذكّرة إلى الفقرة «15» من قرار مجلس الأمن رقم 1701، لتطلب وضع «ترتيبات ثلاثية الأطراف، إلى جانب الترتيبات الثنائية القائمة بين لبنان وسوريا»، وذلك «تحت رعاية الأمم المتحدة، وربما بمساعدة الاتحاد الأوروبي».
وتجدر الإشارة الى أن المذكّرة هي بمثابة الورقة اللبنانية المقدّمة بمناسبة مناقشة تطبيق القرار 1701، يوم الاثنين المقبل، الى جانب تقرير البعثة المستقلّة للتحقّق من الحدود اللبنانية ــــــ السورية.
وتعرض المذكّرة التي حصلت «الأخبار» على نسخة منها لما تحقّق حتى الآن على صعيد الوضع في الجنوب، منذ صدور القرار 1701، واقتراحات متعلّقة بما ينبغي عمله في المرحلة المقبلة، في شأن مزارع شبعا، قرية الغجر، الأسرى في السجون الإسرائيلية، وتمكين الدولة من السيطرة على السلاح في كلّ المناطق، إضافةً الى سرد تفصيلي لجميع الخروق الإسرائيلية بين 19 آذار و13 حزيران 2007، مطالبة بضرورة الوصول إلى قرار بوقف دائم للنار مع إسرائيل بدلاً من وقف الأعمال العدائية.
وتركّز المذكّرة، في معظمها، على الخروق الإسرائيلية المتكرّرة للأجواء والأراضي اللبنانية، ومنها محاولات تغيير مسار الخط الأزرق وفرض أمر واقع جديد على الأرض مخالفة الخط الذي جرى وضعه عام 2000، لافتةً الى أن الإسرائيليين «يحاولون، الآن، إدخال تعديلات على الوثيقة الفنية التي أعدّتها قوات الطوارئ (اليونيفيل) بهدف التعمية، وإيجاد وقائع جديدة على الأرض».
وفيما أشارت إلى أن «الوضع هادئ» بشكل عام على الحدود، أوضحت الموقف اللبناني الداعي الى «انسحاب إسرائيل من الغجر، من دون شروط مسبقة، وأن تعمل بشكل جدّي لبلوغ حلّ نهائي لهذه القرية في إطار زمني محدّد، وبعدها يعود الأمر للحكومة اللبنانية لتقرير ما تفعل».

الأسرى وشبعا

وتطالب المذكّرة إسرائيل بالإفراج الفوري غير المشروط عن «المعتقلين» اللبنانيين في سجونها، و«تحرير» مزارع شبعا وفق القرار 425. ومع اقتراب تحديد الحدود اللبنانية في المنطقة من جانب فريق المسّاحين الأمميين، حثّت المذكرة الأمين العام للأمم المتحدة على «التعجيل بالبحث عن حل ملائم ينسجم مع اقتراحنا في خطة النقاط السبع القاضية بوضع المنطقة تحت وصاية الأمم المتحدة، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية المحتلة، إلى أن يصبح ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا ممكناً. فاستمرار الاحتلال يعوق بسط سلطة الدولة على أراضيها، وفقاً لمطالبة المجتمع الدولي، ويمثّل إهانة مباشرة لإصرار الحكومة اللبنانية على أن تكون الضامن الوحيد للسيادة اللبنانية».
كذلك، طالبت المذكرة بضرورة الانتقال من «الوضع الأمني المحيّر القائم على وقف الأعمال العدائية، كما نصّ عليه القرار الدولي 1701، إلى وقف دائم لإطلاق النار»، لأسباب متعلّقة بـ«الخشية من أن تلجأ إسرائيل إلى تغيير الأوضاع على الأرض حسب رغبتها، بعد أن فشلت في تحقيق ذلك بالمفاوضات عند صياغة القرار». كما طالبت، كذلك، بالتمديد لقوات «اليونيفيل» من دون تعديل في مهمتها.

الحدود السورية

أما بالنسبة إلى الحدود اللبنانية ــــــ السورية، فتقول الفقرة الخامسة من المذكرة: «للبنان مصلحة حيوية في ضبط حدوده ــــــ وبالتحديد الحدود الخضراء ــــــ من أجل منع تهريب السلاح والذخيرة والأفراد إلى البلاد. ولقد رحبت الحكومة اللبنانية باقتراح الأمين العام بإرسال بعثة مستقلة لتقويم الوضع على طول الحدود السورية ـــــ اللبنانية وتنتظر توصياتها. وفي هذا الإطار، نكرّر أن مسؤولية ضبط الحدود الشمالية والشرقية مشتركة بين سوريا ولبنان بموجب الفقرة 15 من قرار مجلس الأمن 1701. ونطالب بإيجاد ترتيبات ثلاثية الأطراف بين لبنان وسوريا تحت رعاية الأمم المتحدة، وربما بمساعدة الاتحاد الأوروبي، بحيث يمكن أن تتضمن مساعدة فنية عند الحاجة. والتجربة الألمانية قابلة للتوسيع بالروحية نفسها».
وتضيف الفقرة الخامسة: «إن أي معلومات تتعلق بتهريب السلاح والأفراد، وتمتلكها أي دولة ينبغي أن نُشرك بها مباشرةً إن أمكن، أو عبر الأمم المتحدة. أما أي مزاعم غير موثقة عن حركة أسلحة سرية عبر الحدود، فلن تعدّ كافية. فالسلطات اللبنانية الكفوءة تؤدي عملها بيقظة في مراقبة حركة السلاح والمواد غير المشروعة، وهناك حاجة إلى المزيد من الدعم اللوجستي لها لكي تؤدي مهماتها».