عمّمت قيادة الجيش ــــ مديرية التوجيه نشرة توجيهية على العسكريين بعنوان: «الوفاء لدماء الشهداء» جاء فيها: «يستمر الجيش في تنفيذ مهمته الأمنية التي بدأها منذ أكثر من شهر في منطقة الشمال، بالتصدي لتنظيم إرهابي، حاول العبث بأمن الوطن واستقراره، واعتدى على المراكز العسكرية، وغدر بالعسكريين وهم منتقلون إلى مراكز عملهم أو إلى منازلهم، محاولاً من خلال ممارسة العنف والإجرام وإثارة الفتن، ثني الجيش عن مهمته الأساسية في الجنوب، وترويع اللبنانيين وإضعاف ثقتهم بالدولة ومؤسساتها، وبالتالي العمل على تطبيق أفكاره العبثية الهدامة، البعيدة كل البعد عن قيم الشعب اللبناني وتقاليده. لكن الجيش كان بالمرصاد لهذا التنظيم، فتصدى له بقوة إرادته وبما تيسر له من إمكانات، محققاً سلسلة من الإنجازات، حيث تمكن من القضاء على عناصره بسرعة قياسية في مدينة طرابلس وضواحيها وتوقيف العديد من الشبكات المرتبطة به من مختلف المناطق اللبنانية. وفي هذه الأثناء أنهى سيطرته على مواقعه الرئيسية، ويقوم بتشديد الخناق على ما بقي من عناصره الفارّين إلى عمق المخيم.وأكدت قيادة الجيش «أن ضريبة الدم الجسيمة التي دفعها العسكريون والتي تأتّى قسم منها بسبب الغدر، إنما هي دليل قاطع على التزام القوى العسكرية الصارم، عدم إلحاق الأذى بالمدنيين، اللبنانيين والفلسطينيين على حد سواء، وكذلك هي دليل على استعداد أبناء مؤسسة الشرف والتضحية والوفاء لتقديم الدماء من دون حساب، دفاعاً عن سيادة الوطن وكرامة شعبه، تماماً مثلما لم يترددوا لحظة في تقديم التضحيات في مواجهة العدو الإسرائيلي جنباً الى جنب مع المقاومة، قبل التحرير وأثناء حرب تموز التي شنها هذا العدو على لبنان».
وأضاف البيان «لم يسبق أن أجمع اللبنانيون في تاريخهم على أمر ما، كما أجمعوا اليوم على دور الجيش الوطني، وهذا ما تجلى في التفاف المواطنين بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم ومرجعياتهم السياسية والروحية حول الجيش، ودعمهم له في تنفيذ مهماته الوطنية، وكذلك تأييد الإخوة الفلسطينيين الذي عبر عنه جميع قادة الفصائل الفلسطينية، من خلال وقوفهم بجانب الجيش ونبذهم هذه الظاهرة الشاذة المسيئة إلى الشعب الفلسطيني الشقيق وقضيته العادلة، بما يؤكد بشكل قاطع أن هذه العملية لن تنسحب أبداً على بقية المخيمات».
وأكدت قيادة الجيش «أنها لن تسمح على الإطلاق بعودة عقارب الساعة الى الوراء، فدماء الشهداء الأبرار، العسكريين والمدنيين، هي أمانة في أعناق هذا الجيش الذي لن يستكين قبل توقيف القتلة المجرمين وتحقيق العدالة التي باتت ملكاً للإرادة الوطنية الجامعة، ولا يمكن تحت أي ظرف كان التنازل عنها وإخضاعها للمساومات لكونها تنبع من صلب مفاهيم السيادة الوطنية وحق الوطن اللبناني.
ورأى قائد الجيش أن هذه الدماء هي عامل توحيد للوطن وتسمو على أي توظيف أو طموح سياسي، وتخرج من حساب المكاسب في سوق الغالب والمغلوب، ويجب أن تشكل عبرة لجميع القادة والمسؤولين السياسيين في البلاد، تدفعهم بأسرع وقت ممكن إلى وقف الانقسام الداخلي ونبذ ثقافة التصادم، والتلاقي والحوار مجدداً من أجل إيجاد الحلول لمختلف المشاكل القائمة.
وتوجه قائد الجيش العماد ميشال سليمان بتعازيه الحارة إلى جميع العسكريين لاستشهاد عدد من رفاقهم، وتمنياته للجرحى بالشفاء العاجل، منوّهاً بأدائهم الرائع وتضحياتهم الجسام وتفانيهم في أداء الواجب العسكري».