strong>حزب الله يصفه بالعمل المشبوه وإسرائيل تقترح المساعدة و 14 آذار تتهم سوريا
قتل ستة جنود من الوحدة الإسبانية التابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان ـــــ اليونيفيل وجرح ثلاثة آخرين حين انفجرت عبوة ناسفة بآليتهم المدرعة في سهل الدردارة في نقطة تبعد 300 متر عن مثلث مرجعيون ـــــ إبل السقي ـــــ الخيام الذي يتمركز فيه حاجز ثابت للجيش اللبناني. ويعتبر الحادث الأخطر منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي قبل أقل من عام. وفي تعليق على الحادث، وصف حزب الله ما حصل بـ«العمل المشبوه» الذي «يضرّ بأهل الجنوب ولبنان ويساهم في المزيد من العبث بأمن واستقرار لبنان وبالأخص جنوبه المقاوم». وكانت حصيلة أولية أشارت إلى مقتل أربعة جنود وجرح أربعة آخرين، لكن اثنان من الجرحى قضيا متأثران بجراحهما، بحسب بيان لليونيفيل.
انتحاري أم تفجير عن بعد؟
وتضاربت المعلومات حول طبيعة الانفجار، ورجح مصدر في قوى الأمن الداخلي أن يكون التفجير قد حصل عن طريق انتحاري فجر نفسه بسيارة ملغومة. وأضاف المصدر «إنه عثر في الموقع على بقايا سيارة طراز رينو بداخلها رفات بشرية».
في حين قالت مصادر أمنية أخرى في وقت سابق إن الانفجار سببه قنبلة زرعت على جانب الطريق. وأعلنت المصادر أن سيارة رينو بيضاء اللون تحمل لوحة مزورة رقمها 255078م ركنها مجهول بجانب الطريق العام عند الرابعة بعد الظهر واستقل سيارة مرسيدس بداخلها شخصان، ليحدث الانفجار عند الساعة 5.45. وعلى الفور، ضرب الجيش اللبناني طوقاً أمنياً حول المكان، وعمل جنوده بعد الانفجار مباشرة على نقل القتلى والجرحى بمساعدة عناصر اليونيفيل الذين وصلوا بعده بنحو ربع ساعة، إلى مركز الكتيبة الإسبانية، في بلاط، التي تبعد نحو كيلومتر واحد عن مكان الانفجار، وحيث كانت الدورية قد غادرته باتجاه خط الخيام ـــــ كفركلا، على الطريق التي تحد بلدة الخيام من كامل ناحيتها الغربية، وسهلي مرجعيون والخيام من الناحية الشرقية، وتنتهي بمفترق شمالي مستوطنة المطلة.
وقد منع المواطنون والصحافيون من الوصول إلى مكان الانفجار، واصطف مئات المواطنين على سطوح الأبنية شمال غرب بلدة الخيام لمتابعة ما يجري، فيما توزع العشرات من عناصر اليونيفيل المجهزين بكلاب بوليسية ومن الجيش اللبناني في الحقول والبساتين المجاورة بحثاً عن عبوات أخرى، ولجمع الأدلة. ووصلت إلى المكان فرق من أطفاء وعناصر الدفاع المدني وعملت على إخماد الحريق الذي أتى على آلية اليونيفيل وامتد إلى مسافات واسعة في الحقول والكروم غربي الخيام.
وعلى الفور أقام الجيش اللبناني حواجز طيارة على الطريق العام بين مرجعيون ومدينة النبطية، وبين مرجعيون ومنطقة حاصبيا، وأخضع السيارات لتفتيش دقيق، وخصوصاً السيارات التجارية والمحملة بالبضائع والمواد التموينية، وقد أوقف العديد من الشبان على حواجزه وخضعوا للتحقيق والتدقيق في هوياتهم. وأفاد شهود عيان أن الجيش كان يوقف كل سيارات المرسيدس، الأمر الذي يشير إلى تعاطي القوى الأمنية بجدية مع الإخبار الذي يشير إلى فرضية تواري الجاني بسيارة من هذا الطراز.
وفي رواية لمصدر عسكري لبناني، فإن الجنود الإسبان قتلوا حين أصيبت آليتهم المدرعة بأضرار جسيمة جراء انفجار عبوة ناسفة يتم التحكم فيها عن بعد في الوادي بين مرجعيون والخيام في جنوب لبنان. وأشار المصدر إلى أن الدورية كانت مؤلفة من أكثر من عشرة جنود ويتنقلون بواسطة دبابة وسيارة عسكرية من نوع فاب.
اليونيفيل تحقق
وبدأت اليونيفيل التحقيق في الحادث، واكتفت الناطقة الرسمية باسم القوة الدولية في الجنوب ياسمينا بوزيان بالتعليق ببضع عبارات مقتضبة على الحادث، وقالت: «إن اليونيفيل أرسلت فريقاً للتحقيق في انفجار الخيام». وأشارت بوزيان إلى أن «الانفجار الكبير» وضع إلى جانب طريق تمر منه الدورية الإسبانية، رافضة الإفصاح عن عدد الإصابات أو تأكيد المعلومات المتداولة في هذا الإطار. ولفتت إلى أن القوة الإسبانية استقدمت تعزيزات إلى منطقة الخيام من قيادتها في مرجعيون، كما نقلت القتلى والجرحى إلى مستشفى ميداني للقوة الدولية في الناقورة. وطوّق الجيش اللبناني محيط مكان الانفجار ونشر حواجز متنقلة في المنطقة، وأجرى عملية تمشيط، بينما حلقت مروحية تابعة لليونيفيل فوق المنطقة.
وفي وقت متأخر من ليل أمس، أصدر المكتب الإعلامي لقوات اليونيفيل بياناً أشار فيه إلى مقتل ستة جنود من قوات حفظ السلام وجرح اثنان بجروج خطيرة، فيما يبدو أنه هجوم بسيارة مفخخة». وأضاف البيان: إن الجنود الإسبان كانوا في دورية في المنطقة عندما وقع الانفجار ولا يزال تحقيق اليونيفيل مستمراً لتحديد ظروف الحادث. وقال القائد العام لليونيفيل الجنرال كلاوديو غرازيانو إن هذا هو أخطر حادث منذ انتهاء الحرب في الصيف الماضي. وأضاف: «إن منفذي الاعتداء لم يستهدفوا اليونيفيل فقط، بل استهدفوا السلام والأمن في المنطقة. وفي هذه الظروف الصعبة أود أن أشدد بأن جنود اليونيفيل ملتزمون بمهمتهم اليوم أكثر من أي وقت مضى».
إسرائيل تقترح المساعدة!
وفور وقوع الانفجار، سارعت القوات الإسرائيلية المنتشرة على الحدود مع لبنان إلى اتخاذ وضعية التأهب. وأفادت تقارير إعلامية إسرائيلية أن المروحيات التابعة للجيش حلقت بشكل كثيف في سماء المنطقة، فيما تابعت الوحدات البرية من خلال نقاط الرصد المشرفة على مكان الانفجار سير الأحداث بشكل دقيق. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك ريغيف «نعرب عن أسفنا العميق لمقتل هؤلاء الجنود. إن إسرائيل على اتصال مباشر باليونيفيل والحكومة الإسبانية، واقترحت تقديم المساعدة في كل المجالات الممكنة».
ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إنها تتابع الحدث عن كثب، مشيرة إلى أن «استفزازات من قبل مقاتلي حزب الله تجاه قوات اليونيفيل كانت قد حصلت في الماضي، ومن غير المستبعد أن يكون الحدث موجهاً» من دون أن توضح ما تعنيه.
ورجح محلل الشؤون العسكرية في القناة العاشرة بالتلفزيون الإسرائيلي، ألون بن دافيد، أن تكون منظمات إسلامية «جهادية» وراء الاعتداء على اليونيفيل، رابطاً بين تفجير الأمس وإطلاق الكاتيوشا على كريات شمونة قبل نحو أسبوع، واضعاً الحدثين في سياق المواجهة التي تخوضها السلطات اللبنانية ضد إحدى هذه المنظمات (فتح الإسلام). وكانت إسرائيل قد حملت «دولة لبنان» المسؤولية عن حادثة إطلاق الكاتيوشا رغم تصريحها علناً بأنها تعتقد بأن مجموعات فلسطينية «جهادية» هي من قام بالأمر. وأفادت وسائل الإعلام العبرية أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، هاتفت بعد حصول الاعتداء نظيرها الإسباني، ميغيل موراتينوس، معزية إياه بمقتل الجنود التابعين لبلده. وبحسب موقع صحيفة هآرتس على الأنترنت، فإن الأخير شكر ليفني وأكد لها أن «القوة الإسبانية ستواصل تنفيذ مهماتها بتصميم». وكان موارتينوس قد أجرى اتصالاً هاتفياً بليفني بعيد حادثة إطلاق الكاتيوشا و«وعدها (وفقاً لهآرتس) بأن القوات الإسبانية، التي أطلقت الصواريخ من منطقة عملها، ستعمل على ضمان عدم تكرار الأمر». وكانت صحيفة معاريف قد ذكرت أمس الأول في إطار تعليقها على دور اليونيفيل بعد حادثة إطلاق صواريخ الكاتيوشا على كريات شمونا ان «الجيش الإسرائيلي منزعج كثيراً من تعامل القوات الدولية مع حزب الله الذي يواصل عمليات تسلحه، فيما لا تقدم اليونيفيل على إطلاق رصاصة واحدة تجاهه». وأضافت الصحيفة أن «الأمل بأن تستيقظ اليونيفيل جاء هذا الأسبوع من خلال إطلاق ثلاثة صواريخ كاتيوشا باتجاه كريات شمونة، إذ كانت قوات اليونيفيل قد تلقت انتقادات من الدول التي أرسلت جنوداً وخصصت أموالاً، وسألت لماذا يجب الاحتفاظ بهذا العدد الكبير من الجنود في لبنان؟
اسبانيا تعلن إبقاء كتيبتها
وفي تعليق أولي على الحادث قال خوسيه انتونيو الونسو وزير الدفاع الاسباني في مؤتمر صحافي إن جنديين اسبانيين وثلاثة من كولومبيا قتلوا في الانفجار. وأعلن الونسو أن بلاده ستبقي كتيبتها في إطار اليونيفيل رغم الاعتداء. يذكر أن رئيس الشرطة القضائية الاسبانية خوان ميسكيدا وصل إلى بيروت مساء امس في زيارة كانت مقررة سابقاً لتفقد القوات الإسبانية بقاعدة ميغيل دي ثربانتس.
ردود الفعل الدولية
وفي ردود الفعل الدولية على الحادث، دان وزيرا الخارجية الفرنسي برنار كوشنير والأميركية كوندوليزا رايس الاعتداء. وقال كوشنير في مؤتمر صحافي مشترك مع رايس في باريس «يبدو أن هذا الاعتداء لم ينجم عن لغم (..) وإنما تم توجيهه عن بعد»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هذه العناصر الأولى تحتاج إلى تأكيد. من جهتها، قالت رايس «اسمحوا لي أن أضم صوتي إلى صوتكم لإدانة هذا الهجوم».
وأفادت وكالة الأنباء الإيطالية أن رئيس الوزراء رومانو برودي اتصل بنظيره الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو، معرباً عن تضامنه. ونقلت الوكالة عن مصادر حكومية أن رئيس الوزراء الإيطالي الذي تتولى بلاده قيادة اليونيفيل أكد التزام السلام من جانب بعثة الأمم المتحدة في لبنان. وشدد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط «على حتمية الحفاظ على السيطرة على الوضع القائم في جنوب لبنان منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية ».
ردود فعل لبنانية
وفي لبنان، دان رئيس الجمهورية اميل لحود في بيان الاعتداء وقال «ان أي مساس بالقوات الدولية هو كالمساس بالجيش اللبناني لأن دورهما في الجنوب واحد، وهدفهما واحد، وهو خدمة السلام وتحقيق الأمان، ومنع اسرائيل من القيام بأي عدوان ضد لبنان». رئيس الحكومة فؤاد السنيورة اعتبر ان «هذا الاعتداء سيزيد الحكومة اللبنانية اصراراً على تطبيق بنود القرار 1701 بحذافيره والعمل على تعزيز التعاون ما بين الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل والاستمرار في التصدي لكل الأعمال الإجرامية التي تستهدف النيل من لبنان وصمود شعبه».
واعتبرت قوى 14 أذار ان "الاعتداء يدخل في نفس المشروع الارهابي الذي يشنه النظام السوري ضد لبنان واستقراره واستقلاله"
وأجرى رئيس كتلة التغيير والإصلاح النيابية العماد ميشال عون اتصالاً هاتفياً بالسفير الاسباني في لبنان ميغيل بينزو بيريا، مديناً الحادث ومعزياً بمقتل الجنود ومتمنياً للجرحى الشفاء العاجل. كما اعتبرت حركة «أمل» نفسها مستهدفة بالانفجار وتعتبره استهدافاً للبنانيين عموماً والجنوبيين خصوصاً وللاستقرار الوطني. وأجرى رئيس كتلة المستقبل النيابية النائب سعد الحريري اتصالاً هاتفياً بالسفير الاسباني. واعتبر الحريري أن الحادث وقع «في غمرة التهويل المتواصل باستهداف قوات الطوارئ الدولية والتي صدرت على لسان جهات معروفة الولاء الإقليمي».
كما صدرت مواقف مستنكرة عن كل من: وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ. وزير الصحة المستقيل محمد جواد خليفة. نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان. الجماعة الإسلامية. النواب: علي عسيران، علي حسن خليل، أكرم شهيب، أنطوان زهرة، سمير فرنجية، وعاطف مجدلاني. رئيس حركة التجدد الديموقراطي نسيب لحود. الرئيس الأعلى لحزب الكتائب اللبنانية الرئيس أمين الجميل. النائب السابق فارس سعيد ومنتدى المرج للتنمية وحماية البيئة في الخيام.
(الأخبار، وطنية، رويترز،
أ ف ب، د ب أ، يو بي آي)