طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
لم تكتم مصادر فلسطينية مطّلعة تشاؤمها في شأن إمكان التوصّل إلى نظرة مشتركة بين الفصائل والقوى الفلسطينية على الساحة اللبنانية، على تنوّع انتماءاتها وميولها السياسية، حيال ما يجري في مخيّم نهر البارد من اشتباكات بين الجيش اللبناني ومسلحي حركة «فتح الإسلام» منذ 20 أيّار الماضي، واحتمال إيجاد قواسم مشتركة في شأن رؤيتها للحلّ.
وأتى هذا التشاؤم تعقيباً على الاجتماع الذي عقده ممثلو فصائل قوى التحالف الفلسطيني في الشمال، الذين طالبوا المسؤولين الرئيسيين عن هذه الفصائل «باتخاذ خطوات نوعية وملموسة على الأرض، نظراً للأخطار الكبيرة المحدقة بالفلسطينيين في لبنان»، وبسبب ما يلاحظ من وجود «إهمال وتقصير لمعالجة هذا الموضوع، وبعد وصول الوساطات القائمة إلى حلّ الأزمة إلى حائط مسدود»، حسب ما أشارت لـ«الأخبار» مصادر المجتمعين.
وإذا كانت دعوة مسؤولي قوى التحالف الفلسطيني في الشمال بدت كأنها رمي لكرة النار الملتهبة باتجاه «الطابق الأعلى»، فإنّها عبّرت عن الصعوبات والإحراجات التي تواجهها هذه القوى، مع النازحين تحديداً، وعن تخوّفهم من «انعكاسات سلبية قد تكون أشدّ خطورة في حال ترك الأمور على غاربها بلا أيّ معالجة، ولو جزئية».
لكنّ المصادر الفلسطينية المطلعة جدّدت تأكيدها لـ«الأخبار» أن «الطرفين المعنيين بموضوع مخيّم نهر البارد مباشرةً، وهما الجيش اللبناني وحركة «فتح الإسلام»، ليسا في وارد التنازل عن أيّ من شروطهما لإنهاء الأزمة؛ فلا الجيش يرضى بعد كلّ الخسائر التي أصابته، وسيطرته على مواقع مهمة للحركة داخل المخيّم، بشروط أدنى من تلك التي لا يزال يطرحها، وتحديداً تسليم أعضاء قيادة الحركة أنفسهم وأسلحتهم إلى السلطات اللبنانية؛ ولا حركة «فتح الإسلام» في وارد القبول بهذه الشروط، حسب ما يتضح من مواقفها المعلنة، ومن استمرارها في المواجهة العسكرية مع الجيش اللبناني».
وتلفت هذه المصادر إلى «الوضع الرديء للغاية الموجود على الساحة الفلسطينية في لبنان، مشيرةً إلى أنّ «الانقسامات والتعقيدات الداخلية هي سيدة الموقف، وخصوصاً بعدما أضيفت إليها تداعيات ما حصل في قطاع غزة بين حركتي «حماس» و«فتح». فالقوى الفلسطينية على الساحة اللبنانية هي برأي هذه المصادر «مبعثرة وغير متوافقة في ما بينها، فأحسنها منقسم على ذاته، وأقبحها أدوات في يد الغير».
وتتوقف هذه المصادر عند المبادرة «المشكورة» التي تقوم بها «رابطة علماء فلسطين»، لتتساءل: «ماذا سينتج من تحرك المشايخ إذا لم يترافق ذلك، أو يعقبه مباشرةً، تحرّك للفصائل الفلسطينية من أجل ملاقاة أيّ حلّ سياسي قد تطرحه الحكومة اللبنانية أو الجيش اللبناني، وهل بالإمكان في ظلّ أجواء انقسامية كهذه على الساحة الفلسطينية بلورة الحدّ الأدنى من مشروع حلّ لأزمة مخيّم نهر البارد؟».
لكنّ هذه المصادر عبّرت في موازاة ذلك عن مخاوفها من «احتمال تصعيد الأمور في الداخل اللبناني باتجاهين: الأول تصعيدي يأخذ طريقه عبر تأزّم وتوتّر الوضع الأمني أكثر، ممّا يعقّد الأمور بشكل أوسع، وذلك في شكل مواز من طرفي النزاع على الساحة اللبناني، 8 و14 آذار، قبل احتمال الوصول إلى تأليف حكومة ثانية، وأن يكون المشهد اللبناني انعكاساً للوضع الفلسطيني الداخلي، لجهة تعميق شرخ الانقسام السياسي وتشظّيه».
أما الاحتمال الثاني الذي تتخوف منه هذه المصادر، فهو ينبع من «تطور الأمور وتأزّمها أكثر مما هي عليه الآن بين محوري المواجهة في المنطقة، محلياً وإقليمياً ودولياً، وعندئذ قد يتمّ اللجوء إلى مجلس الأمن مجدّداً من أجل الطلب منه توسيع مهمات عمل قوّات اليونيفيل، لتشمل معالجة مشكلة المجموعات المسلحة، والمخيّمات الفلسطينية، وانتشارها على الحدود اللبنانية ـــــ السورية، ومن هنا يمكن قراءة استهداف القوّة الإسبانية الموجودة فيها، قبل انتقالها إلى الملف الأكثر إلحاحاً من فريق السلطة وحلفائه، المحليين والإقليميين والدوليين، وهو سلاح المقاومة في لبنان».
وعن موقع أزمة مخيّم نهر البارد من الاهتمام الفلسطيني تحديداً، في ظلّ هذه الأخطار المحدقة، لم تملك المصادر الفلسطينية إيّاها سوى ترداد مقولة رئيس مجلس النواب نبيه برّي عن أنّ «الجنازة حامية والميت كلب!».