البقاع - رامح حمية
أوقفت قوى الأمن الداخلي أمس مطلوباً من آل زعيتر في بعلبك وما لبث أن قام والده بمساعدة آخرين باختطاف أربعة دركيين ونقلهم إلى منطقة مجهولة. وبعد تدخّل سياسيين وفعاليات تمّ اطلاق الشرطيين. الحادث يطرح تساؤلات عن قدرة قوى الأمن على ضبط الأمن بينما يبدو جلياً عجزها عن حماية عناصرها



«تضمنت إحصائياتنا لعام 2006 توقيف 2140 شخصاً من جنسيات مختلفة، بجرائم مخدرات توزعوا ما بين: تاجر، مروج، متعاطٍ، مهرب، مصنّع، ومزارع، كذلك ضُبط نحو 691،829 كلغ من حشيشة الكيف، و596،439 كلغ من شتول الحشيشة وبزورها، إضافة إلى 8 كيلوغرامات كوكايين وكيلوغرامين من الهيرويين، وقد جرى إتلاف مساحة 217،100 م2 مزروعة بالخشخاش ومساحة 3,786،000 م2 مزروعة بالحشيشة». أرقام أعلنها المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات. وقال «إننا في قوى الأمن الداخلي، على الرغم من كثرة المهمات المُلقاة على عاتقنا، ما زلنا نُولي الاهتمام اللازم لمكافحة آفة المخدرات، بدءاً بتأهيل عناصرنا أو توفير التجهيزات اللازمة لهم، عملاً بمبدأ الجودة الشاملة في العمل الأمني الذي أُقر بالإجماع في مجلس القيادة».
لكن عشية اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، حدثت تطوّرات أمنية في البقاع قد تدلّ على نقص في قدرة قوى الأمن على حماية عناصرها. وإذا كانت عملية توقيف مطلوب قد أدّت إلى بلبلة أمنية وإلى خطف أربعة شرطيين لساعات، يتساءل المواطنون عن قدرة قوى الأمن الجدية على توقيف مئات المطلوبين للعدالة في كل انحاء البلاد.
كيف خُطِف رجال الدرك؟
أقدم مهدي زعيتر على اختطاف الدركيين الأربعة بعدما أُعلِم بأن ولده موسى قد قتل على أحد حواجز قوى الأمن في بلدة طليا البقاعية، ثم نقلهم بسيارته الـ«شيروكي» وتوارى عن الأنظار. وقبل ساعة من اختطاف الدركيين، أثار زعيتر حالة من الذعر في بلدتي حدث بعلبك والنبي رشادة ومحلة التليلة حيث أطلق النار في الهواء مرات عدة طالباً من أصحاب المحال التجارية الإقفال التام. وبحسب شهود عيان فقد أقدم زعيتر وأحد أبنائه على كسر واجهة محل تجاري بالإضافة إلى إطلاق النار على سوبر ماركت الساحة حيث أصاب أحد البرّادات.
وأوضح مصدر أمني في حدث بعلبك أن زعيتر وابنه أقدما أيضاً على إطلاق النار على عدة منازل في بلدة حدث بعلبك والسبب أن أصحابها إما تابعون لجهاز أمن الدولة أو للشرطة القضائية، بالإضافة إلى إطلاقهما النار على مبنى مخفر حدث بعلبك مرتين، وتبين لاحقاً أن مهدي زعيتر أصيب بحالة هستيرية بعدما تبلغ أن حاجزاً لقوى الأمن الداخلي في بلدة طليا عمد إلى إطلاق النار على ابنه موسى الذي قُتل.
وفيما يتعلّق بخلفية عملية الخطف، أكد مصدر أمني لـ«الأخبار» أنه قُبض على موسى زعيتر في مكتب أحد كتاب العدل في بعلبك، وهو موجود في نظارة مخفر بعلبك، وأن التصرف الذي أقدم عليه مهدي زعيتر ناتج من المعلومات الكاذبة التي وصلته. وكانت قد تنوقلت رواية أخرى عما حدث مفادها أن موسى زعيتر وبرفقته المدعو سابا ف ب، توجها من حدث بعلبك إلى مكتب أحد كتّاب العدل في بعلبك، بغية نقل ملكية سيارة موسى إلى سابا بموجب وكالة، وفي طريقهما إذا بحاجز لقوى الأمن أمام مخفر طليا، فترجل سابا من السيارة بسرعة وأعلمَ عناصر الحاجز بأنه مخطوف وأن زعيتر يريد بيعه السيارة بالقوة. فما كان من عناصر قوى الأمن إلا أن ألقوا القبض على موسى. وقال مصدر أمني إن عناصر قوى الامن عثروا في السيارة على كمية من المخدرات لم تعرف كميتها.
وبالعودة إلى عناصر قوى الأمن المخطوفين، فقد تبيّن أن الدركيين اللذين اختطفا على مفرق مجدلون هما أحمد القاضي ومحمد سلمان وهما من عناصر سير بعلبك، أما العنصران الآخران فهما محسن ضامن وهو سائق آليات عسكرية، وخليل امهز. ولفت مصدر متابع إلى أن حادثة الخطف جرت في الوقت نفسه، وهو ما يرجح فرضية أن الخاطفين كانوا أكثر من اثنين، ذلك أن التحريات الأمنية أثبتت أنه بينما كان مهدي زعيتر وأحد أبنائه يطلقان النار في حدث بعلبك والنبي رشادة جرت عمليتا الخطف في حوش بردى ومفرق مجدلون. وتضاربت الأنباء حول مكان وجود المخطوفين، فقد أشار مصدر أمني إلى أنهم في محيط بلدة حوش تل صفية فيما تحدثت معلومات قوى الأمن الداخلي عن توجههم إلى جرود بلدة بريتال.
تدخّل النائب غازي زعيتر
النائب غازي زعيتر تابع المشكلة وسخّر كل جهوده من أجل الإفراج عن المخطوفين، وبعد جهود مضنية تم التواصل مع مهدي، واتفق مع النائب زعيتر على تسليم المخطوفين. وعند السابعة مساءً وبعد مضي نحو خمس ساعات على الاختطاف، تم تسليمهم إلى العميد غسان حكيم مدير فرع المخابرات في أبلح، وعمد من بعدها المقدم مظلوم في قوى الأمن الداخلي إلى تسلّمهم من مخابرات الجيش.
وأعرب النائب زعيتر عن استيائه وانزعاجه من العمل المشين الذي أقدم عليه مهدي زعيتر، وأكد أنه عمل مرفوض بشدة، واعتبره حادثاً فردياً وأدانه بشدة، و«عائلة زعيتر بأكملها تدينه»، وتابع النائب زعيتر أن الخاطف سلم الدركيين الأربعة إلى بعض الشبان الذين أرسلهم، ورفض ذكر المكان الذي تم تسلمهم فيه. كذلك هنأ النائب زعيتر الدركيين الأربعة على سلامتهم، وأكد أنهم لم يتعرضوا لأي نوع من أنواع التعذيب أو الضرب، وهم معافون تماماً.
ابن عمّ الضحية محمد علي زعيتر
وقال ابناء المنطقة إن مهدي زعيتر هو ابن عم علي حسين زعيتر والد الضحية محمد علي زعيتر الذي توفي بتاريخ 26/3/2007 على طريق دير زنون البقاع بعدما أطلقت عليه القوى الأمنية النار وأردته قتيلاً داخل سيارته. اتصلت «الأخبار» بعلي حسين زعيتر الذي أكد أن هذا العمل الذي قام به مهدي هو «عمل فردي ومشين للعائلة ولا علاقة له بمشكلته»، ورأى أن حادثة الخطف وإطلاق النار في بلدتي حدث بعلبك والنبي رشادة ومحلة التليلة «أعمال لا يقبلها صاحب كرامة وشرف لأن أفراد قوى الأمن هم إخوة لنا ولا يجوز أن يتم التصرف بهذه الطريقة الهمجية». وأضاف أن قضية مقتل ولده محمد تسلمها القضاء و«نحن ننتظر نتائج التحقيق، وقضيتي تختلف عن قضية مهدي زعيتر لأنني التزمت الصبر ولا يحق لي التصرف بانفراد وبحق جيراننا وأهلنا من قوى الأمن الداخلي».