نهر البارد ـ نزيه الصديق
شهدت الاشتباكات الدائرة في مخيّم نهر البارد بين الجيش اللبناني ومسلحي حركة «فتح الإسلام» منذ 20 أيّار الماضي، تحوّلاً تكتيكياً هاماً لمصلحة الجيش الذي تطوّرت على نحو ملحوظ أساليب وطرق تعامله مع عمليات الكرّ والفرّ التي كان يستخدمها المسلحون في المواجهات الدائرة معه خلال الفترات السابقة.
وتمثل هذا التطور اللافت في نصب عناصر الجيش الموجودة عند تخوم المخيم القديم كمائن للمسلحين، الذين نزحوا باتجاه أحياء المخيم القديم، باستثناء بقاء بعضهم في الجيب الباقي في حي المهجرين الواقع على التخوم الفاصلة بين المخيمين، وتحديداً عند تقاطع مثلث مجمع ناجي العلي والتعاونية وشارع أبو الحجل الكائن في حي صفوري ضمن نطاق المخيم القديم.
فمنذ ساعات الفجر الأولى من يوم أمس، كانت اشتباكات عنيفة تدور عند المحورين الشرقي والجنوبي من المخيم، استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، قبل أن تشرع مرابض الجيش في قصف مواقع المسلحين بالمدفعية الثقيلة. وفي هذه الأثناء حاولت مجموعة من المسلحين التسلل والالتفاف حول مواقع الجيش التي استحدثها داخل المخيم، فتركتها عناصر الجيش تقوم بتقدمها بين أطلال الأبنية المهدمة والمتصدعة، وعندما أصبحت المجموعة في متناول اليد ووقعت في الفخ الذي نصب لها، أطبق عناصر الجيش عليها من كل الجهات، وأوقعوا في صفوفها إصابات كبيرة، حيث تحدثت معلومات عن سقوط نحو 15 مسلحاً في تلك العملية بين قتيل وجريح، في معركة استمرت عنيفة حتى ما بعد ظهر أمس.
إضافة إلى ذلك، شهد المحور الجنوبي من المخيم اشتباكات لا تقل عنفاً عن غيرها على بقية المحاور، وخصوصاً على ضفة نهر البارد التي حاول المسلحون إقامة متاريس قربه في مواجهة مواقع الجيش عند الجهة المقابلة، وهو ما أدى إلى انفجار لغم أوقع 3 إصابات في صفوف المسلحين، فضلاً عن اندلاع اشتباكات استمرت متواصلة طوال يوم أمس.
وشهدت الواجهة البحرية من ناحية سعسع ومعظم أطرافه القريبة من الشارع الرئيسي للمخيم، قصفاً مدفعياً متقطعاً من مواقع الجيش، الذي تعرضت مواقعه لإطلاق نار وقذائق الآر.بي.جي، وخصوصاً في تلتي بحنين والست، الأمر الذي ردت عليه مدفعية الجيش البعيدة المدى بقصفها محيط مسجد الحاووظ، ومدخل الشارع الرئيسي للمخيم القديم.
في موازاة ذلك، تجاوز القصف من داخل حدود المخيم نقاط مواقع الجيش، إذ سقطت قذيفة هاون مصدرها مخيم نهر البارد في بلدة المنية المجاورة، وتحديداً قرب مسجد المخاضة، ما أدى إلى إصابة رفيق عبد الله منصور (75 عاماً) بجروح نقل على أثرها إلى مستشفى الخير في المنطقة، فضلاً عن وقوع أضرار في منزل نديم الخير، كما سقطت قذيفة أخرى في كرم آل الأخرس في دير عمار.
من ناحية أخرى، تحدثت معلومات عن أن عدداً من جثث مسلحي حركة فتح الإسلام قد سُحِبَت من أرض المعركة، ونُقِلَت إلى المستشفى الحكومي في طرابلس، غير أن مسؤولين فيه نفوا لـ«الأخبار» وصول أي جثة إليه يوم أمس.
على صعيد آخر، ذكر مصدر طبي أن قافلة للهلال الأحمر الفلسطيني والصليب الأحمر اللبناني نقلت أمس عدداً من الجرحى من داخل المخيم إلى خارجه، بينهم عنصر في حركة فتح أصيب الأحد الماضي خلال اشتباك بين عناصر الحركة وفتح الإسلام. وقال مسؤول حركة فتح في شمال لبنان الحاج خالد إن حركته تخطط لسحب مقاتليها البالغ عددهم نحو خمسين والمنتشرين في الجزء الجنوبي من المخيم. وأضاف إن «رجالنا واقعون بين نارين، نار فتح الإسلام التي تريد السيطرة على آخر مربع نسيطر عليه ولجأ إليه مئات المدنيين الباقين في المخيم، ونار الجيش الذي يقصف فتح الإسلام».
وأفادت مصادر فلسطينية أن عدد المدنيين الذين لا يزالون داخل المخيم المدمر في جزء كبير منه قد انخفض إلى أقل من ألف.