إبراهيم عوض
ضغوط أميركية نزعت الملف اللبناني من يدي كوشنير لتضعه في عهدة ساركوزي

آثرت أوساط سياسية سورية متابعة عدم التعليق على ما نُشر في بعض وسائل الإعلام أمس عن وجود اتجاه لدى الإدارة الأميركية لفرض عقوبات على شخصيات سورية نافذة تطال أموراً مالية وقنصلية تمنع بموجبها هذه الشخصيات من دخول الولايات المتحدة بعد اتهامها بزعزعة الاستقرار الداخلي في لبنان وتزايد نشاطاتها في الفترة الأخيرة، وخصوصاً بعد اغتيال النائب وليد عيدو. ورأت أنه «من المبكر التعاطي مع هذا الخبر الذي لم يخرج بعد عن إطار الأحاديث الصحافية»، موضحة أن دمشق «ستقول رأيها في الموضوع حين يصدر عن جهات أميركية رسمية».
واستغربت هذه الأوساط مسارعة أطراف في قوى 14 آذار إلى اتّهام سوريا بالوقوف وراء التفجيرالذي استهدف قوة اسبانية تابعة لـ «اليونيفيل» في جنوب لبنان وأودت بحياة ستة جنود إسبان، وأدرجتها «في خانة الهلوسة السياسية» التي أدمن عليها فريق معادٍ لسوريا لا يتورّع عن ربط تبدّلات المُناخ في لبنان بالعامل
السوري».
وفيما أكدت هذه الأوساط «أن الضربة التي لحقت بالقوات الإسبانية أصابت سوريا في الصميم نظراً للعلاقات الطيبة بين البلدين» رأت أن «حالة الإرباك والأوضاع المضطربة التي تعيشها الساحة اللبنانية لا تضرّ لبنان فحسب بل تستهدف سوريا أيضاً عبر أدوات ووسائل باتت معروفة الأهداف، وأضحت جزءاً من التحرك السياسي المريب الذي تقوده واشنطن خدمة
لمصالحها».
وتوقفت الأوساط السياسية السورية عند التراجع الفرنسي في الانفتاح على سوريا، بعد ظهور مؤشرات أوحت بذلك منها الحديث عن عزم السفير الفرنسي جان كلود كوسران زيارة العاصمة السورية وما تردّد عن عزم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي القيام بجولة في الشرق الأوسط تشمل دمشق. وعزت هذا التوقف الى «أمر عمليات» صادر من واشنطن استدعى نزع الملف اللبناني من يدي وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ووضعه في عهدة ساركوزي «الصديق الحميم» للرئيس الأميركي جورج بوش. كما لاحظت هذه الأوساط أن الموقف الفرنسي المذكور حصل إثر وقوع جريمة اغتيال النائب عيدو، وما رافقه من موجة حملات ضد سوريا، كما تزامن مع مبادرة الإدارة الأميركية الى خطب ودّ باريس بتسهيل استضافتها لاجتماع «مجموعة الاتصال الموسّعة في شأن
دارفور».
ولا تستبعد الأوساط السياسية السورية المتابعة أن تكون عودة الفتور الى العلاقات بين دمشق والرياض من نسيج الضغوط الأميركية أيضاً، مشيرة إلى أن «الكلام الأخير الصادر عن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل حمل إشارات سلبية تجاه سوريا»، متسائلةً عن مغزى زيارة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الى الأردن في الوقت الراهن، وكشفت هذه الأوساط عن زيارة كان الأمير سعود الفيصل يعتزم القيام بها الى دمشق بعد القمة العربية الأخيرة التي عُقدت في الرياض و«اللقاءات الودية» التي جرت بين الملك عبد الله والرئيس السوري بشار الأسد وذلك للبحث في الأوضاع المتعلقة بالعراق ولبنان وفلسطين وسبل معالجتها، لكنه عدل عن ذلك مقترحاً حصول الاجتماع في الرياض، الأمر الذي لم يرُق للجانب السوري الذي يرى أن «على من يريد شيئاً من دمشق أن يأتي إليها».
وتشدّد الأوساط السياسية السورية المتابعة على ضرورة إيلاء الموضوع الفلسطيني الاهتمام الأبرز، معتبرةً «أن اجتماع شرم الشيخ الأخير خرج بـ«لا شيء» لكنه كرّس وضعاً فلسطينياً خطيراً وهذا ما تبتغيه إسرائيل التي أرست المعادلة ـــــ الفتنة: البحبوحة للضفة والخناق لغزة. ومن هنا تفهم دعوة الرئيس المصري حسني مبارك ـــ دون غيره من المجتمعين ـــ الفلسطينيين الى معاودة الحوار في ما بينهم لعلمه أن القرب الجغرافي لغزة من مصر له محاذيره إذ ما بقيت الأمور على حالها من
التدهور».