نهر البارد ـ نزيه الصديق
راوح الوضع الأمني في نطاق مخيم نهر البارد مكانه أمس، بعد أن تمكّن الجيش اللبناني من إحكام سيطرته على حرم المخيم، وتضييق الخناق على مسلحي حركة «فتح الإسلام» الذين باتوا يتمركزون في أحياء محصورة في المخيم.
وقد عزّز الجيش المواقع التي سيطر عليها، وتوقف عندها غير راغب في التقدم نحو حرم المخيم.
وفي معلومات من داخل المخيم، فإن عناصر «فتح الإسلام» «ما عادوا يملكون مواقع محددة داخل المخيم، وهم يطلقون النار أو يمارسون القنص من مكان معين، ثم يختفون ليظهروا في مكان آخر». كما أن الجيش اللبناني «يرد على مصادر النار بدقة وعلى كل محاولات التسلل». وقد قام بتدشين مواقعه وتعزيزها بحواجز الباطون الجاهز والسواتر الترابية العالية وأكياس الرمل، التي استغرقت منه العمل الكثير دون أن يجابه بموانع من داخل المخيّم، مما يشير إلى تراجع القدرة الهجومية للمسلحين؛ وبذلك بات المخيّم مطوّقاً من الجيش المتمترس في مواقعه بشكل أكثر أماناً، ويتعامل مع تحركات المسلحين بالقصف البعيد، وبتبادل النيران من مواقعه دون الاضطرار إلى التقدم، مما يقيه دفع المزيد من الخسائر البشرية في صفوفه.
إلا أن هذا المنحى السائد حالياً، يعرّض المخيم لمزيد من التدمير، حتى إذا طال أمده فلن يبقى من المخيم ما يعوّل عليه لرجوع سكانه اليه، وسيدخل المخيم إذ ذاك في محظور إزالته، المسبب لقلق سكانه وفاعلياته على مصيره.
إلى ذلك، سُحب جريح من «الجبهة الديموقراطية» صباحاً من المخيم. كما جرى دفن نحو 16 جثة باقية في براد المستشفى الحكومي، وتراكمت فيه منذ بدء المعارك، يعود جلّها إلى عناصر من «فتح الإسلام» لم يتعرف عليها أحد. كما خرجت من المخيم بعد ظهر أول من أمس مجموعة من العناصر، من بينهم مسؤولان محليان من حركة «فتح» المركزية، عبر سيارة إسعاف تابعة للصليب الأحمر اللبناني.
على صعيد آخر، صدر عن مديرية التوجيه في الجيش بيان أشار الى أنه «لا تزال فلول تنظيم ما يسمّى فتح الإسلام تعمد الى استهداف مراكز الوحدات العسكرية بنيران القنص من عمق المخيم، مستخدمةً منازل المدنيين منطلقاً لهذه الاعتداءات، ومستغلةً من بقي من الإخوة الفلسطينيين للاختباء بينهم ومصادرة موادّ الإغاثة المرسلة اليهم، وتقوم قوى الجيش بالرد على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة وبشكل مركّز ودقيق، وقد حققت إصابات مؤكدة في صفوف المسلحين الإرهابيين».
وأوضح البيان أن قيادة الجيش «تجدّد دعوتها الى الإخوة الفلسطينيين داخل المخيم بوجوب اتخاذ الموقف الشجاع والمسؤول عبر التصدي لهذه الجماعة الإرهابية وإقناع هؤلاء المسلحين الضالين بتسليم أنفسهم، لأن استمرارهم في قتالهم العبثي لا جدوى منه سوى إلحاق الضرر بالشعبين اللبناني والفلسطيني أصحاب القضية الواحدة»، معاهدةً «شهداءها وجميع اللبنانيين ملاحقة الإرهاب أينما وجد»، ومؤكدةً في موازاة ذلك «التزامها تنفيذ القرار 1701، وأن الجنوب لن يكون ساحة مباحة لصراع الآخرين على أرض لبنان، وهي لن تألو جهداً في الحفاظ على أمن الجنوب وسلامته كمدخل لأمن لبنان واستقراره».
في مقابل ذلك، أكد مجلس خطباء مخيم نهر البارد «الحرص على العلاقة الإيجابية والطيبة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني». مشيراً الى «أن المجلس سعى إلى متابعة الأحداث قبل وقوعها وأثناءها وبعدها، وتواصل مع جميع الفرقاء على الساحة الفلسطينية واللبنانية للوصول الى حل سلمي»، داعياً «اللجنة السباعية الفلسطينية للتوافق على الحلول المقترحة لإنقاذ الوجود الفلسطيني في لبنان وإنقاذ ما بقي من مخيم نهر البارد».
كما دعا المجلس الى «عودة النازحين وتفعيل هذه القضية»، مطالباً «أهلنا والقيادات المعنية بإنضاج هذه العودة من خلال الإذن الرسمي من الجيش بعودة الناس، وأن تشرف على هذا التحرك اللجان الشعبية والفصائل الفلسطينية كلها ومجلس الخطباء، وأن يثبّت وقف إطلاق النار في المخيم وتُنزع الألغام».