باريس - بسّام الطيارة
«فكرة» الجامعة العربية: مجموعة خبراء مع قوات عربية لدعم الجيش اللبناني

نهار باريسي آخر حافل باللقاءات، أمضاه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في العاصمة الفرنسية، واكتسب هذه المرة بعداً عملياً أكثر تقنية، وخصوصاً من خلال الاجتماع الذي تم مع فريق العاملين على الملف اللبناني في وزارة الخارجية، والذي كان عنوانه الأبرز موضوع الحدود اللبنانية ــــ السورية.
فقد رافق وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، إلى مقر إقامة السنيورة في فندق «غران أوتيل» في وسط باريس، رئيس دائرة الشرق الأوسط فيليكس باغانون، السفير جان كلود كوسران والسفير الفرنسي في لبنان برنار إيمييه، إضافة إلى عدد من الخبراء.
وعلمت «الأخبار» أن الاجتماع تطرق إلى «عرض عام لمجمل القضايا» كما جرى «تقويم لقاءات باريس». وصرح مصدر مقرب من كوشنير أن الفرنسيين عرضوا للسنيورة «حصاد اللقاءات التي قام بها كوسران وردات فعل الجهات التي تواصل معها بشأن المبادرة الفرنسية».
وبعد أن تطرق المجتمعون إلى مجمل العلاقات الفرنسية اللبنانية، تم استعراض «مجريات الأمور على الأرض من ناحية أمنية، وما وصل إليه الوضع العسكري في مخيم البارد». ثم انتقل الحديث إلى «المرحلة الجديدة» المتمثلة بما يمكن تسميته «ما بعد التقريرين» في إشارة إلى تقرير لاس كريستنسن حول الوضع على الحدود اللبنانية ــــ السورية، والتقرير المنتظر حول تطبيق القرار ١٧٠١.
ويرى مراقبون أن «مسألة الحدود» برزت بشكل شديد في الأيام الأخيرة، وخصوصاً مع نشر تسريبات حول نتيجة تقرير كريستنسن في بعض الصحف. وقال الناطق الرسمي للخارجية الفرنسية جان باتيست ماتيي، رداً على سؤال لـ«الأخبار» إن «مسألة تشديد الرقابة على الحدود السورية اللبنانية هي من أولويات المجتمع الدولي»، معتبراً أن «الأحداث الأخيرة» أبرزت «مدى أهمية هذه المسألة». وأعاد التذكير بالحظر على إدخال السلاح الذي ينص عليه القرار ١٧٠١، والذي يجب أن يطبق من قبل الجميع «وفي طليعتهم سوريا». وذكر أن «معلومات من مصادر متنوعة تفيد بوجود عمليات تهريب غير شرعية للأسلحة على الحدود»، ورأى أن هذا الأمر «مثير للقلق بشكل كبير».
من هنا، ترى فرنسا ضرورة مساعدة الحكومة اللبنانية على ضبط حدودها، وقال ماتيي إن اللجنة المكلفة تقديم التقرير قد «لحظت عدداً من نقاط الضعف في نظام المراقبة الحالي»، وأشارت إلى طرق معالجتها، معلناً أن فرنسا سوف تدرس هذه التوصيات مع شركائها و«خصوصاً في مجلس الأمن، لتقرير ما يجب فعله».
وقد علمت «الأخبار» أن «شق الحدود» احتل حيزاً مهماً من هذا الاجتماع الذي تم في حضور الوزيرين: مروان حمادة وطارق متري. وتطرق الحديث إلى «انشاء نوع من القوة المختلطة» تجمع خبراء، إلى جانب عدد من القوات العربية لدعم عمل الجيش اللبناني في ضبط الحدود. وأوضح كوشنير لدى خروجه من الاجتماع «أن هذه الفكرة نابعة من الجامعة العربية» وتهدف إلى نشر «مجموعة خبراء». ونفى رداً على سؤال لـ«الأخبار» أن يكون وراء الفكرة، قائلاً «ليس عليّ أن اقترحها»، إلا أنه استطرد بالقول: «ولكنني سوف أكون سعيداً بها». وأكد مصدر فرنسي مقرب من الوزير هذا التوجه، مجيباً «لمَ لا؟»، مشيراً إلى أن «قضية الحدود مسألة تعود إلى عام ٢٠٠٤ وقد ذكرها القرار ١٥٥٩»، نافياً بلغة دبلوماسية أن تكون هذه المسألة «الأجندة المقبلة»، قائلاً إن هدف المجتمع الدولي ما زال السعي إلى «إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين لبنان وسوريا».
من جهته، رفض السنيورة تأكيد هذا التوجه في معالجة مسألة الحدود، وأجاب لدى خروجه من الفندق، متوجهاً نحو مجلس الشيوخ، على سؤال لـ«الأخبار» حول وجود فكرة قوات عربية بقوله «رواق رواق»، وأردف «من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه».
وفيما أشارت معلومات إلى أن المجتمعين تطرقوا إلى الملف الرئاسي، إلا أن أياً من أعضاء الوفدين اللبناني أو الفرنسي، لم يتحدث عن حيثيات البحث. واكتفى مصدر فرنسي، رفض ذكر اسمه، بالقول إن الفرنسيين يعملون «على تطوير العملية السياسية في ملف الرئاسة»، مؤكداً تناول هذا الموضوع خلال الاجتماع «في سياق أفق المرحلة التي تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية بهدف الوصول إلى توافق»، مشيراً إلى رغبة فرنسا في أن يلعب البطريرك الماروني «دوراً أساسياً في آلية تقود إلى هذا التوافق». وأكد أن دعوة الرئيس نبيه بري للحضور إلى باريس «ليست مستبعدة ولا شيء يقف عقبة دون توجيه هذه الدعوة»، مستطرداً «حتى لو أن بطاقة الدعوة الكرتونية لم توجه له، فالدعوة مفتوحة، وهو يدرك هذا».