النبطية ــ كامل جابر
لم يمنع «التشويش» المتعمّد من قبل بعض أعضاء بلدية النبطية وزوجة رئيس البلدية الدكتور مصطفى بدر الدين، استمرار اعتصام الفاعليات الثقافية والفنية والاجتماعية، تحت عنوان «لا لهدم الذاكرة والتراث»، أمام المنزل التراثي المعروف بمنزل «إم رمزي حريبي» الذي بدأت إحدى الورش بهدمه، على رغم أن تاريخ بنائه يعود إلى أوائل القرن الماضي، لبناء مركز تجاري.
لوحة للبيت الجاري هدمه، على رغم الاعتصام، للفنان هشام طقش، ولافتة دعم من «جمعية تشجيع حماية المواقع الطبيعية والأبنية القديمة في لبنان ــ APSAD»، تظلّلان المعتصمين، على أنغام عزف منفرد على العود للفنان الشاب لبنان عون، وقراءات شعرية عن «البيوت» للشاعر محمود درويش بصوت الفنّانتين حنان الحاج علي وياسمينا طوبيا، ثم كلمة للحاج علي حول «ازدواجية المواطن المجرم والجريم» قالت فيها: «... ماذا عسانا نقول عن تنكيلنا بذواتنا، عن مجازرنا التي تمعن تقتيلاً بعقولنا ونفوسنا وتاريخنا، وتراثنا وحاضرنا ومستقبلنا... أهذا هو درسنا الأخير في التربية الوطنية؟ نغتال ثقافتنا، ننحر إبداعاتنا، نستبيح حرمات ذاكرتنا، نمعن إبادةً بما بقي من شواهد على ما هو حيّ فينا... نشهد أن لا إله إلا الله ونشهد أن لا إله إلا المال.. لا نخاف في انتهاك الحق لومة لائم.. ولمَ نخاف؟ فلا ضابط ولا وازع ولا وارع ولا قاسط... كلنا شركاء في الجريمة.. كلنا ساكتون عن الحق.. كلنا خرس.. كلنا شياطين... ربّ عدوّ لك ولدته أمك وهو أنت نفسك! الهوية هي ما نورِّثُ لا ما نرِث... أهذه مدننا التي نريد أن نورثها؟ أهذه هي النبطية التي أردناها «مدينة علم وعراقة»؟ ها هي النبطية تتحول إلى مدينة الجهل واليباب؟ اتركوا للحجر حقّ الشهادة... ليشهد على الحضارة والجمال والإبداع... أو الحق بالشهادة، بالاستشهاد على يد عدو غادر».
ثم بيان للمجلس الثقافي للبنان الجنوبي منه: «إذ يقف المجلس، أميناً عاماً وأعضاءً، مستغربين أمام ما يجري اليوم، تحت أعين الجميع، ولا سيما المرجعيات المحلية، من تدمير للذاكرة، من خلال تدمير البيوت التراثية فيها، وآخرها المنزل المعروف باسم منزل «إم رمزي حريبي» الذي شكل في حقبة من تاريخ النبطية، إلى ميزته العمرانية الرائعة، منتدى ثقافياً وأدبياً رائده الأديب الشاعر الراحل السيد جعفر الأمين، يعلنون حزنهم البالغ لمآل المنزل المذكور، ويطالبون بلدية النبطية، بسنّ مقترحات وقوانين وإجراءات تحدّ من هذا النزف الحاصل في ذاكرتها التراثية، وتحمي المتبقي من بيوت وقصور تراثية يمكن تحويلها منتديات ومراكز فكرية وأدبية وبيوتاً للثقافة ومكتبات عامة ومتاحف محلية تدلّل على تاريخ النبطية وحركاتها الثقافية والفكرية والأدبية والدينية والعلمية والاجتماعية والفنية. ويدعو المجلس إلى تأليف لجنة دائمة، تحمل العناوين عينها، لتقف بالمرصاد في وجه كل ما يشوّه الذاكرة ويعبث بمكوناتها الفكرية والثقافية والعمرانية».
وكانت كلمة للفنان فؤاد جوهر عرض فيها المقررات التي اتخذتها «لجنة تطوير مدينة النبطية وإحياء تراثها» متعاونةً مع بلدية النبطية، والداعية إلى حفظ الذاكرة والتراث. وقد سجلت محاضر اللجنة بحضور رئيس البلدية والعديد من أعضائها المقررات المتعلقة بهذه البيوت بعد تسميتها بيتاً بيتاً، وسجلت تعهداً بالحفاظ على البقية الباقية من الإرث التراثي. وما نراه اليوم مغاير تماماً لتعهدات البلدية، تحت عنوان عدم توافر الإمكانات.