أنطوان سعد
فيما تعد القوى السياسية المختلفة في قضاء المتن الشمالي العدة لخوض الانتخابات النيابية الفرعية لملء المقعد الشاغر باغتيال الوزير بيار الجميل، يضع النائب ميشال المر اللمسات الأخيرة على مراجعة للطعن في قرار الحكومة بإصدار مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لدى مجلس شورى الدولة، على أن يتقدم به فور صدور المرسوم في الجريدة الرسمية. وتضيف المصادر المطلعة أن المر شبه متأكد أن مجلس الشورى سيبت بالمراجعة بالسرعة الكافية لصالحه، وسيوقف الانتخابات الفرعية بالاستناد إلى استشارة سابقة عن هيئة الاستشارات برئاسة القاضي شكري صادر وبالاستناد أيضاً إلى صداقاته العديدة في وزارة العدل وفي مجلس الشورى بالتحديد.
وتعتقد أوساط متنية مراقبة أن مسعى المر الجاد والحثيث لوقف الانتخابات الفرعية يتعدى كونه أحد أقطاب المعارضة وحرصه على مقام رئاسة الجمهورية، إلى حسابات متنية متعلقة بمستقبل علاقة آل المر وحزب الطاشناق بآل الجميل. وقد سبق أن قال في مجلس خاص إن خياره الأول هو تحقيق توافق على الرئيس الجميل، ولكن بعد أن يُقدم الأخير على إبداء إشارة إيجابية تجاه العماد ميشال عون تمحي ذيول إشكال عدم الإفساح في المجال أمام الجنرال لتقديم واجب التعزية باغتيال الوزير بيار الجميل. فيما يعتقد مراقبون بأن النائب السابق لرئيس مجلس النواب يعتبر في قرارة نفسه أن الحال العونية طارئة في المتن، وبالتالي ليس بإمكانه التعويل عليها لفترة طويلة، على رغم أن الإحصاءات الأخيرة تؤكد احتلال «التيار الوطني الحر» المرتبة الأولى في لائحة تمثيل القوى السياسية (32.8%) في قضاء المتن الشمالي وبفارق كبير يقارب النصف عن أقرب منافسيه حزب الكتائب (17.1%).
غير أن التحالفات الوثيقة التي يعقدها الكتائب مع حلفائه في قوى الرابع عشر تعطيه تفوقاً ملحوظاً على التيار الوطني الحر (40.7%) الذي سيحتاج في هذه الحال إلى دعم النائب ميشال المر وحزب الطاشناق ليستعيد الصدارة بنسبة 48.4%. ولا بد في هذا المجال من إلقاء الضوء على متغيرين أساسيين عن نتائج الانتخابات النيابية عام 2005 وهما: تنامي قدرة «حزب القوات اللبنانية» في المتن الشمالي حتى يكاد يعادل حزب الكتائب في معقله باحتلاله المرتبة الثالثة بنسبة 16.8%، والأمر الثاني تراجع التأييد الشعبي للعماد عون بنسبة 12 في المئة مقارنة مع الانتخابات العامة الأخيرة.
وفي انتظار أن تعمّم نتائج هذه الاحصاءات على القيادات المعنية بانتخابات المتن الفرعية، يبدو أن حزب الكتائب في صدد درس قراره مطلع العام الجاري بترشيح الرئيس أمين الجميل لخلافة ولده. فبعدما كان المكتب السياسي الكتائبي فوّض رئيسه الأعلى بإعلان ترشحه للنيابة عندما يرى الوقت مناسباً، برز احتمال أن يرشح الحزب سامي الجميل، النجل الأصغر للرئيس السابق، إثر الإعراب عن نيته في الترشح. وللبحث في هذه المسألة، تناول الرئيس الجميل ورئيس حزب الكتائب كريم بقرادوني وسامي الجميل طعام الغداء في بكفيا منذ نحو خمسة عشر يوماً. وقد أعرب الأخير عن قبوله بالعودة إلى حزب الكتائب ولكن بعد تحقيق المطالب، فأجابه رئيس الحزب بأن كل الاقتراحات قابلة للدرس والقبول في مؤتمر الحزب المنوي عقده بعد إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة.
بيد أن مصادر كتائبية متنية تابعت نتائج الإحصاءات المشار إليها أعلاه تعتقد بأن من الأفضل أن يرشح الحزب رئيسه الأعلى في الانتخابات الفرعية المقبلة، إذا حصلت، أولاً لأن مشاركة الرئيس أمين الجميل شخصياً من شأنها أن تحرج بعض الشخصيات المتنية وتقنعهم بالإحجام عن الترشح باعتبار أنه لا يجوز في الظروف الراهنة ضرب قيادة مسيحية بارزة من مستواه، الأمر الذي قد يعزز من فرص الاتفاق على الرئيس السابق للجمهورية كمرشح تزكية، وثانياً لأن ترشيح الابن الأصغر قد لا يقنع القواعد الناخبة بتفضيله على سواه. على رغم أن هذه المصادر تقر بنشاط سامي الجميل وقدراته على مستوى تحريك الأوساط الطلابية خصوصاً إبان توليه هذا القطاع في ما كان يعرف بـ «القاعدة الكتائبية» أيام خلاف الرئيس الجميل مع القيادة الكتائبية في البيت المركزي في الصيفي.
من جهة التيار الوطني الحر، لا يزال الموضوع على مستوى استجلاء المواقف بانتظار انجلاء موقف النائب المر ومعرفة نتيجة المراجعة لدى مجلس شورى الدولة. وهو يستعرض الخيارات المعروضة أمامه ويدرس إمكانية ترشيح أحد أصدقائه.