فاتن الحاج ــ نادر فوز
بدأت أمس المرحلة الثانية من امتحانات الثانوية العامة بفرعيها الاجتماع والاقتصاد والآداب والإنسانيات وسط أجواء أمنية مريحة وفّرتها عناصر القوى الأمنية في محيط المراكز، فيما لم تؤثر أحداث القلمون على سير الامتحانات في طرابلس. وامتحن طلاب الاجتماع والاقتصاد بمادتي الفلسفة والحضارات واللغة الأجنبية، فيما اجتاز مرشحو الآداب والإنسانيات مسابقتي الجغرافيا واللغة العربية

فاجأت مسابقة الفلسفة والحضارات مرشحي الاجتماع والاقتصاد، فلم يكن بعضهم يتوقع محور «الوعي واللاوعي» الذي لم يطرح في أيٍ من الدورات الأربع عشرة الماضية (7 سنوات)، أي منذ انطلاقة الامتحانات وفق المنهجية الجديدة. وفي وقت لم يركز فيه الأساتذة على المحور باعتباره يعني أكثر طلاب علوم الحياة، انعكست الآية هذه المرّة، فكان الإدراك الحسي من نصيب طلاب علوم الحياة، فيما يظن مرشحو الاجتماع والاقتصاد أنّ الموضوع يعنيهم أكثر. وتفاوتت آراء الطلاب حيال مسابقة اللغة الإنكليزية كلّ بحسب تحصيله ومستواه. وإن كان البعض قد تحدث عن تغيير في نمط الأسئلة، إلاّ أنّ الممتحنين استساغوا موضوع النص الذي يندرج في صلب هواجسهم اليومية، أي الهجرة. ولم تنفِ الزميلتان مايا عبد الله وسوزان الوتار من ثانوية فردان إشارة الترجيحات إلى احتمال ورود محور الوعي واللاوعي، غير «أننا استبعدنا الأمر ولم نراجع الدرس في الصباح». وتتحدث الطالبتان عن الضغط الذي يواجهونه في الفرع، إذ ينبغي لهم دراسة 12 مادة تستوجب الكثير من الحفظ والتركيز. وترى إيمان قدورة من مدرسة الإمام علي بن أبي طالب أنّ المشكلة لا تكمن في مسابقات اليوم (أمس) و«الله يستر من بكرا»، حيث يخضعون اليوم لمسابقة الاقتصاد التي تعد مادة اختصاص. وتشكو قدورة من صعوبة نص اللغة الإنكليزية مقابل سهولة الموضوع الإنشائي «writing». ويراهن الزميلان غسان حزيفة وعبد فواز من بيروت هاي سكول على نيل 60 من 80 في مادة الاقتصاد ليضمنا النجاح، وخصوصاً أنّهما لم يتمكّنا من الاستعداد الجيّد للامتحانات التي جرت تحت وطأة الانفجارات والتسمّر أمام الشاشات على حدّ تعبيرهما. وتساءل الطالبان: «لماذا التدخين ممنوع والقهوة مسموح بها؟». وبدا أحمد ابراهيم من العاملية متفائلاً حيال النجاح لأنّ من يدرس ينجح، ولا سيما أنّ الأسئلة تقليدية ومتوقعة. من جهته، رأى خالد طلّاع من ثانوية ابن رشد أنّ الأسئلة لم تراعِ ظروف الطلاب بدليل أنّهم طرحوا في مسابقة الفلسفة والحضارات محوراً ليس لنا على حد قوله. أما الإنكليزي فكان «كتير حلو».
وفي مدرسة الشهيد عبد الكريم الخليل الرسمية (الشياح)، لم يسجّل اليوم الأول من امتحانات الآداب والإنسانيات أي إشكال يذكر. وامتحن الطلاب بمادتي الجغرافيا واللغة العربية. وتشير مديرة مدرسة بعبدا الرسمية، ورئيسة مركز الامتحانات في مدرسة الشهيد عبد الكريم الخليل جان دارك نجيم إلى أنّ 22 طالباً غابوا من أصل 235 مرشّحاً، أي ما يساوي 10 في المئة من الطلاب. وتعزو نجيم سبب الغياب إلى خضوع طلاب إلى امتحانات البكالوريا الفرنسية، متوقفةً عند حالة أحد المرشحين الذي انسحب من الامتحانات «لكونه في السلك العسكري وكان عليه أن يكون على إحدى جبهات الشمال».
وعن هذه الحالة، رأى أحد عناصر القوى الأمنية المتمركزة على مدخل المدرسة، أن «زميله المنسحب من الامتحانات» لم يستطع الدراسة لوجوده طوال الفترة الماضية في منطقة الشمال، ما دفعه إلى تقديم طلب لدى مسؤولة المركز للسماح له بخوض امتحانات الدورة الثانية. كما أفاد أنّ العنصر مصاب بيده اليمنى، ما جعله أيضاً عاجزاً عن الكتابة.
أما الطلاب، ففوجئوا بمعظمهم بسهولة الأسئلة رغم الوضع السلبي الذي رافق تحضيرهم للاستحقاق الرسمي. وفي مادة الجغرافيا، رأى علي جمال أنها مسابقة في المعلومات العامة، «ولا تتطلّب الكثير من الدراسة والحفظ». وتضمّنت مسابقة الجغرافيا هذا العام، كما في السنوات الماضية، مستندات عن الأوضاع الاقتصادية، وتناولت موضوعات الاستيراد والتصدير والنفط والديون العامة في أفريقيا واليد العاملة في مجال الحاسوب في الهند. أما الموضوع الإنشائي فتطرق إلى أوجه الاختلاف بين دول العالم الأول والثالث في مجال العولمة. وفي اللغة العربية، واجه الطلاب مقطعاً شعرياً للأخطل الصغير بعنوان «بيتها والربيع». وكما في الدورات السابقة تخلّل المسابقة سؤال عن قصة «جنى الثمار» لطاغور، فطرح تحليل لمقتطف من هذا الكتاب.
وفي مدرسة الشياح الرسمية للبنين (مدام عون)، تحدث عمر الساحلي عن التباين في تشديد المراقبة، فهناك قاعات «شبه فلتانة» وأخرى «مضبوطة بشكل صارم جداً». وأكّد الساحلي، في الوقت نفسه، سهولة الأسئلة. وأشار إلى الظروف الصعبة التي رافقت فترة التحضير للامتحانات، وأضاف «مساءً، ندرس للساعة التاسعة وننتظر بعدها وقوع الانفجار أو نتابع تطوّرات الأحداث في الشمال». وأعرب الساحلي عن استعداده لامتحانات الأيام المقبلة، مشدداً على أنّنا نعوّل على مادتي الفلسفة العربية والعامة.
على صعيد آخر، وبتكليف من المدير العام للتربية فادي يرق أصدر رئيس اللجان الفاحصة مدير التعليم الثانوي وائل التنير تعميماً عن تغيب بعض أفراد الهيئة التعليمية المكلفين أعمال مراقبة الامتحانات الرسمية. وأكد يرق أن المديرية العامة للتربية ستتأكد بوسائلها الخاصة من صحة التقارير الطبية الواردة على مراكز الامتحانات الرسمية وستدقّق في صحة غياب بعض أفراد الهيئة التعليمية عن مراقبة الامتحانات، وأنها ستتخذ العقوبات المناسبة بحق المخالفين.
ومن صيدا أفاد مراسل «الأخبار» خالد الغربي أنّ الامتحانات انطلقت في سبعة مراكز في مدينة صيدا مخصصة لطلاب أقضية صيدا وصور وجزين. وقد يبلغ عدد المرشحين في هذه المرحلة 2663 مرشحاً غاب منهم 74، وتوزّع الطلاب على الشكل الآتي: - فرع الاقتصاد والاجتماع: 2280 مرشحاً موزعين على ستة مراكز.
- فرع الآداب والانسانيات: 383 مرشحاً في مركز واحد مختلط هو متوسطة حارة صيدا الرسمية.
وكان لافتاً أيضاً استقبال بعض مراكز الامتحانات في صيدا لطلاب من خارج منطقة الجنوب وتحديداً من محافظتي جبل لبنان والشمال وعددهم خمسة طلاب لأسباب إما سكنية، وإما أمنية، كما هي الحال بالنسبة إلى الطلاب الوافدين من الشمال. وفي أجواء الممتحنين، وصفت دارين سعد مسابقة الفلسفة والحضارات بالمقبولة. وأكد محمد حمزة «أننا تغلبنا على حرارة الجو»، وعالجنا «الوعي واللاوعي» بوعي كبير.
أما طلاب الآداب والإنسانيات فلم يجدوا بدورهم صعوبة في الأسئلة، إذ ينتقي الطالب الرياضي محمد المصري «استعارة» رياضية ليصف الوضع بأنه «مرحلة تسخين وتحمية» واللياقة والاستعدادات جيدة وأجبنا عن الأسئلة بشكل مريح. من جهتها، تفقدت رئيسة المنطقة التربوية في الجنوب جمال بغدادي مراكز الامتحانات في صيدا واطّلعت من رؤساء هذه المراكز ومن المراقبين والطلاب على سير انطلاقة المرحلة الثانية.
وعزت بغدادي ارتفاع نسبة الغياب في المرحلة الثانية من الامتحانات في الجنوب إلى ازدياد أعداد الطلبات الحرة والأوضاع التي دفعت ببعض الطلاب إلى الاعتقاد خطأً بإمكان تأجيل الامتحانات، رغم تأكيد الوزير الدائم أنها ستجري في موعدها.