الكورة ـــ فريد بو فرنسيس
لم تترك وحدات الجيش اللبناني، التي اشتبكت مع مجموعة من العناصر الإرهابية التي كانت متحصّنة داخل مغارة وادي العويني في أحراج بلدة دده في قضاء الكورة، الوقت الكافي لهذه العناصر للملمة أغراضهم الخاصة وعدّتهم القتالية، فتركوها في أرض المعركة، قبل أن يُقضى عليهم.
«الأخبار» زارت المغارة التي كان يتحصّن فيها المسلّحون، والتي تقع في منطقة وعرة جداً في ذلك الوادي، يصعب الوصول إليها لخطورة موقعها ووعورة طريقها، فالمنطقة صخرية بامتياز، لا ينبت فيها إلا الشوك والعلّيق وبعض الأشجار البرية، وتحيط بها الصخور من كل حدب وصوب. عند أول الطريق تقع مغارة «مارينا»، وهي مغارة صخرية كبيرة مسوّرة بالحديد لها سلّم صخري يوصل إليها، وهي أيضاً موقع أثري وديني يؤمّه الناس باستمرار للتبرّك وإضاءة الشموع.
على طول الطريق الممتد الى المغارة، تبدو آثار المعركة واضحة، وهي ربما تكون الدليل القاطع على الطريق الموصل إليها، حيث يمكن معاينة القفازات البلاستيكية وكذلك أكياس النايلون والكمامات التي استعملت أثناء انتشال جثث القتلى، وكلما تقدمت أكثر تشعر أنك اقتربت من موقع المعركة، حيث تبدأ بالظهور أمامك أشياء أكثر أهمية كفراغات الرصاص الموجودة على الأرض، وآثار الدماء على الصخور، وكذلك الأحذية التي كان ينتعلها المقاتلون والتي تناثرت على الطريق، ومنها ما هو معلق على الأشجار المجاورة ما يشير الى قرب الوصول من موقع المغارة وبالتالي من موقع المعركة.
المغارة هي عبارة عن تجويف صخري ليس بعميق، إلا أن الأشجار التي تحيط بها وكذلك الصخور الضخمة تجعل منها موقعاً محصّناً وبعيداً عن الأعين. ويلاحظ أن المسلحين تركوا عتادهم وعدّتهم على مدخل تلك المغارة، وأمكن العثور على حقيبة ظهر محروقة وفيها بقايا قذيفة، وقد سببت اندلاع حريق في الأشجار المحيطة بالموقع. ويبدو أن التحرك خارج المغارة، منها وإليها، صعب جداً، إذا لم نقل محفوف بالمخاطر بالنسبة الى هؤلاء المسلحين، وخاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار التدابير الأمنية التي كان يفرضها الجيش اللبناني منذ 20 أيار الفائت في محيط تلك الأحراج، لذا يمكن الملاحظة من بعيد أي حركة أو أي نشاط حول تلك المغارة، ما يدل على أن المسلحين لم يتحركوا كثيراً في تلك المنطقة، أو ربما كانوا يدرسون تحركاتهم بشكل دقيق. في بلدة دده وخاصة في المنازل القريبة من موقع المعركة، اختلفت روايات الأهالي، فمنهم من قال «إنه كان يشاهد أشخاصاً غرباء يأتون إلى البلدة، يشترون الطعام، وخاصة الخبز واللبن والحليب، ويدفعون ثمنه إلى أصحاب الحوانيت، ولم يشكّ أحد في أنهم ربما يكونون عناصر إرهابية».