فريد بو فرنسيس

على مسافة قريبة من وسط بلدة السفيرة في قضاء الضنية، وعلى ارتفاع يقارب 1350 متراً عن سطح البحر، يقع الموقع الأثري المعروف «بقلعة الحصن» الذي يعدّ ثاني أكبر مجمّع ديني عائد إلى الفترة الرومانية بعد بعلبك.
تعدّ «قلعة الحصن» من أهم المواقع السياحية في لبنان، وتتوزّع في أرجائها المترامية الأطراف أربعة معابد وعدد من المذابح التذكارية.
المعبد الكبير هو أول ما يلفت نظر الزائر، وهو بحالة حفظ جيدة على رغم فقدانه سقفه وجبهتيْه إلا أن جدرانه لا تزال ترتفع بضعة أمتار. وقد حافظ على شكلـــــــــه الهندسي: بناء مستطيل يتألّف من رواق يليه قدس الأقــــــــداس الذي يعلو عن بقية المعبد عدة أمتار. ولا يزال الزائر يدخله عابراً بوابته الأساسية الكاملة. وكما هي الحال في معظم المعابد الرومانية المبنية في الشرق الأوسط، فقد فُتحــــــــــت على جانبيْ هذا المعبـــــــــد بوابتان صغيرتان تؤدي اليسرى منهما إلى سطح المعبد عبر درج داخلي جُهّز في داخــــــــل الجدار، لا يزال قيد الاستعمــــــــال لمحبّي الأماكن الشاهقة، وخصوصاً أن المنظر خلّاب من الأعلى، فيما ترتفــــــــع كتابة لاتينية محفورة في الحجر على جداره الشمالي.
بإزاء هذا المعبد، تبدو أطلال المعبد الثاني الأقلّ ضخامة الذي دُمّرت جدرانه بشكل شبه كامل ولكن لا تزال بعض أعمدته في مكانها. ولم يبقَ من المعبد الثالث، الذي بُني أمام المعبدين، إلا الحجاره الضخمة المنحوتة بشكل جميل. أما المعبد الرابع، فقد فُقدت أجزاؤه بعدما امتدت القرية «وابتلعته». وترتفع أمام هذه المعابد وفي أرجاء الموقع المذابح المعومدة التي لم يستطيع علم الآثار حتى اليوم تحديد أوجه استعمالها بشكل قاطع.
بالإضافة إلى أهمية معابد السفيرة التاريخية، يتميّز موقع «قلعة الحصن» بجمال طبيعي خلّاب. فمن أعلى القمة التي تعلو هذه المعابد يمكن رؤية الساحليْن السوري واللبناني. ويعني عبور هذه القمة الوصول إلى سهل البقاع، وبالتالي فقد شيّد الرومان هذه المعابد على طريق الوصل بين الساحل والداخل.
غير أن هذا المَعْلَم الأثري والسياحي المهم يعاني الإهمال. فقد نبتت الأعشاب البرية في أنحائه، وبدأت الأبنية غير المرخّص لها بتشويه محيطه مع اقترابها منه، ويبقى الخوف من ارتفاع عددها في المستقبل إذا لم تبادر الجهات المعنية إلى إيلائه الاهتمام اللازم للمحافظة عليه.