دمشق ــ إبراهيم عوض
حرص وزير الإعلام السوري الدكتور محسن بلال على الترحيب والاهتمام بالإعلاميين اللبنانيين الذين دُعُوا للحضور والمشاركة في الدورة الثالثة للمؤتمر الدولي للإعلام العربي والإسلامي لدعم الشعب الفلسطيني الذي عُقد في دمشق على مدى الأيام الثلاثة الماضية، وحضره أكثر من 350 شخصية سياسية وفكرية وإعلامية من العالمين العربي والإسلامي ومن دول أوروبا وأميركا اللاتينية. وكان يسعد لرؤيتهم ويعرِّف عنهم أمام الوفود المشاركة بالقول: «هؤلاء هم أشقاؤنا، ولا يمكن لمخلوق على وجه الأرض أن يفرّق بين لبنان وسوريا». كما راح يشير إلى السبحة التي يمسك بها، مؤكداً حرصه عليها «لكونها من الصديق جوزف سماحة الذي فقدناه كما فقدنا معه الكلمة الحرة والشريفة».
واللهفة التي يبديها الدكتور بلال للإعلاميين اللبنانيين تراها حاضرة في كل لقاء يجمعهم مع مسؤول أو آخر، حيث يستهل حديثه بالسؤال عن الأوضاع في لبنان، مبدياً تأثره بوصول الأمور إلى ما وصلت إليه.
كما يستفسر عن «السر» الكامن وراء التبدل المفاجئ الذي طرأ على مواقف رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط بين ليلة وضحاها. وحين يجيبه أحد الزملاء بأن رئيس مجلس النواب نبيه بري عليم بشخصية جنبلاط، وهو يرى أن الأخير خبير بـ«الاستشراف عن بعد» ويتقن قراءة المتغيرات، يهز السائل رأسه موافقاً على هذا الشرح ويعلق ضاحكاً: «إذاً هذه هي البوصلة الجنبلاطية التي تتحدثون عنها».
وفي مستهل الغداء الذي أقامه رئيس الوزراء المهندس محمد ناجي عطري تكريماً للمشاركين في المؤتمر وحضرته نائبة رئيس الجمهورية الدكتورة نجاح العطار وعدد من الوزراء، نوه صاحب الدعوة في دردشة مع «الأخبار» بالرئيس بري قائلاً: «الله يكون في عون أبو مصطفى... فما يقوم به ليس بالأمر السهل على الإطلاق. ولقد أثبت أنه رجل دولة من الطراز الأول حريص على وطنه وأمته ووحدة وسلامة أبنائه».
ويتناول عطري الزيارة «اليتيمة» التي قام بها الرئيس فؤاد السنيورة إلى دمشق بعد توليه رئاسة الحكومة فيؤكد أنها «كانت ناجحة وقد لقي ترحيباً مميزاً من الرئيس بشار الأسد الذي أشاد يومها بوطنيته وعروبته، وأوعز الاهتمام بطلبه حل مشكلة الشاحنات المتوقفة على الحدود السورية ــ اللبنانية. كما أن الساعات الثلاث التي استغرقها الاجتماع بيننا تناولت مختلف المواضيع وجرت بروح أخوية فاض خلالها السنيورة بعبارات الإشادة بسوريا ودورها المدافع عن الحقوق العربية وتصديها للضغوط والمؤامرات التي تحاك ضدها».
وبصوت هادئ لم يخل من غصة تابع عطري كلامه، مستغرباً «التبدل الذي طرأ على مواقف السنيورة بعد تلك الزيارة، والتبخر الذي أصاب الوعود التي قطعها لنا، فبات يصر على جدول أعمال والبحث في أربع نقاط كشرط للقيام بزيارة دمشق». وكشف عطري أنه بعث إلى السنيورة قبل أشهر برسالة شفهية نقلها له الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني ــ السوري نصري خوري مفادها «أن محضر اجتماع الساعات الثلاث ما زال شاهداً على أقواله في دمشق التي تخالف كل ما يقوله اليوم، وهناك اتجاه لنشرها وإطلاع الرأي العام عليها».
من جهتها أسفت الدكتورة نجاح العطار لما بلغه خطاب بعض السياسيين في لبنان من انحدار وإسفاف، وقالت إن «أكثر من يحز في النفس رؤية من كانت تجمعهم بالعديد من المسؤولين السوريين علاقات أخوة وصداقة وهم يتنصلون لها ويغدرون بها».
وتوقفت أوساط سورية متابعة عند ما أصدره المكتب الإعلامي للسنيورة من نفي للمعلومات التي تحدثت عن توجيه «رسالة سرية» إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يؤكد فيها استمرار تهريب السلاح من سوريا إلى لبنان، خلافاً لما سبق أن أعلنه خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع بان خلال زيارته للبنان من أن «القوى الأمنية اللبنانية تبذل كل طاقاتها لمراقبة الحدود، وحتى الآن لم تتمكن من تحديد حالة واحدة من تهريب الأسلحة».
ورأت الأوساط في هذا النفي اعترافاً واضحاً من السنيورة بعدم وجود تهريب سلاح، الأمر الذي يتناقض مع المواقف التي يطلقها فريق 14 آذار الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة، كما يدحض ما ورد في التقرير الصادر عن الأمم المتحدة بهذا الخصوص. وتساءلت هذه الأوساط عمّا إذا كان النفي هذا والغيرة المفاجئة التي أبداها السنيورة أخيراً على سلامة العمال السوريين تشكل «صحوة جديدة» تضاف إلى «الصحوة» التي ظهرت عند النائب وليد جنبلاط.