strong>انتقد «الجانب الذي لا يحقق ولا يحاسب» وأبدى احترامه لعدو «مخلص لباطله»
رأى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أنه «نتيجة جهلنا وتخلفنا، بتنا في حاجة إلى أن نحدق بعدونا لنأخذ منه العبرة والمثل الأعلى. هذا محزن، محزن، محزن جداً».
وألقى نصر الله، كلمة خلال افتتاح «معرض المعارف الثاني للكتاب العربي والدولي» في مجمع سيد الشهداء في الرويس، في حضور ممثل رئيس الجمهورية العماد إميل لحود الوزير المستقيل يعقوب الصراف، وعدد من الوزراء والنواب والشخصيات السياسية والثقافية والروحية والإعلامية. أشار فيها الى أن المسألة التي تحكم المشروع الأميركي بكامله في المنطقة، هي النفط. وقارن بين توزع القوات والقواعد والأساطيل الأميركية في العالم، قبل ثلاثين عاماً، وتوزعها الآن «في منطقتنا، من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر ومنطقة الخليج والمحيط الهندي وفي الدول المحيطة المجاورة»، سائلاً: «لماذا؟ هل هي من أجل إنقاذ الشعوب العربية والإسلامية، وهي التي كانت لها سابقة إيجاد ودعم وتقوية وحش مفترس أسكنته في قلب هذه المنطقة يعيث فيها فساداً وقتلاً ومجازر وهي إسرائيل؟ لا، على الإطلاق». وقال: «إن من يمسك بالنفط يمسك باقتصاد العالم وقراره وزعامته وقيادته». وحذّر من تدمير العراق وتحويل شعبه الى «لاجئ في دول الجوار».
وفي الوقت نفسه رأى أن أميركا تواجه اليوم مأزقاً في العراق، وقال: «نحن نسمع بعض القادة يقول: نفذنا خمسة آلاف عملية انتحارية في العراق. لو نفذت هذه العمليات ضد قوات الاحتلال، لا ضد المدنيين من شيعة وسنة ومسيحيين وأكراد وغيرهم، أين كانت أميركا ومشروعها اليوم؟». ونبّه الى أن أميركا «تعرف جيداً أن السيطرة على هذه المنطقة شرطه الأساسي إنهاء روح المقاومة وثقافتها وإرادتها وفكرها وعزمها، طالما هناك إرادة وثقافة وفكر وعزم وروح مقاومة في منطقتنا العربية والإسلامية فلن تتمكن أميركا من السيطرة على مقدراتنا ونفطنا (...) ومن هذا الباب ومن هذه الزاوية، نحن نفهم حرب تموز عام 2006».
ونقل عن قادة الصهاينة إعلانهم بوضوح أن هدفهم من حرب تموز «كان تدمير المقاومة، وهذا التعبير أعمق من تعبير نزع سلاح المقاومة»، واضعاً ذلك في إطار «الحرب الشاملة على حركات المقاومة في منطقتنا». ورأى «أن انتصار المقاومة في حرب تموز، لم يكن انتصاراً للسلاح فقط، بل كان انتصاراً لثقافتها وفكرها وعزمها وإرادتها وروحها وأنفاسها وآمالها وأحلامها»، إضافة الى هزمها لمشروع الشرق الأوسط الجديد «في أخطر معاركه وتحدياته».
ورأى أن النتيجة الأولى لعمل لجنة فينوغراد «أنها حسمت رسمياً ونهائياً مسألة النصر والهزيمة (...) وجاءت لتتحدث عن هزيمة كبيرة جداً، وكلمة الفشل وردت أكثر من مئة مرة في نصوص هذا التقرير، واضطر اليوم (رئيس حكومة العدو ايهود) أولمرت إلى أن يعترف بالإخفاقات الخطيرة في هذه الحرب وأنه فشل في إدارة هذه الحرب... هذه أهم نتيجة (...). ولفت الى أن «الجو اليوم في الكيان الصهيوني يرى: أن هذه حرب فاشلة وفيها إخفاقات خطيرة وقد هزمنا في هذه الحرب، قيادتنا هزمت، جيشنا هزم، لم نكن جاهزين ولم نعرف قدرنا».
وذكّر بقوله في استقبال الأسرى في عملية التبادل الأخيرة «إن آرييل شارون قاتل ومرتكب مجازر ومعتد، لكنني أحترمه وأحترم أمثاله من قادة العدو، الذين هم جزّارون وسفّاكون للدماء. عندما نجد قائداً يهتم بأسيره ويعمل ليل نهار من أجل استعادته، وعندما نجد قائداً يهتمّ ليس بأسيره فقط بل بجثة أسيره أو ببعض رفات منه أو بتراب منه مات منذ خمسين عاماً لا نقدر، بالمعنى الإنساني وبالمعنى النضالي، إلا أن نحترمه ولو كان يملك مواصفات قذرة كثيرة، لكن هذه الصفة جديرة بالاحترام». ورأى أن ما حصل ليس دليل «أخلاقية اسرائيل» بل «إخلاصها لنفسها ولكيانها ولبقائها ولوجودها، يعني إخلاصها لباطلها. هؤلاء مخلصون لباطلهم ونحن لسنا مخلصين لحقنا». ورأى أن «الصهاينة في لجنة فينوغراد، يتصرفون بإخلاص لدولتهم وبقاء دولتهم وبقاء وجودهم، وهنا تصبح المسألة بعيدة عن المجاملات الشخصية، يُضحّى بألف اولمرت من اجل دولة الصهاينة الذين يتحدثون أنها الدولة المنتظرة منذ 3000 عام».
وقال: «عندما يتصرف الكيان المعادي بصدق وإخلاص حتى في قضيته غير المحقة، فلا نستطيع إلا أن تحترمه، وخصوصاً عندما ننظر إلى الجانب الآخر الذي لا يحقق ولا يدرس ولا يحاسب ولا يسائل ولا يشكل لجان تحقيق، كأن شيئاً لم يحصل، بل أسوأ من ذلك، إلى الجانب الآخر الذي يحقق بعض منه نصراً تاريخياً عظيماً فيجحد هذا النصر ويتجاهله ويطعنه في الظهر». ولفت الى أن الإسرائيليين «يدرسون الهزيمة ليستخلصوا العبر ليستعيدوا قوتهم وهيبتهم. أما نحن فلا نعترف بنصر لندرس عبره ونقاط قوته لنتمكن من تحقيق نصر آخر وآخر وآخر في هذه المعركة الطويلة المفروضة علينا وعلى امتنا وعلى مقدساتنا».
أضاف: «أنا لن أقف اليوم، كما توقع البعض، لأشمت لا بأولمرت ولا ببيريتس ولا بحالوتس ولا بأحد، وإن كان بيرتس قد قال: إن حسن نصر الله لن ينسى طوال حياته اسم عمير بيريتس، وأنا أقول له: صدقت لن أنسى هذا الاسم ـالذي وفّر لنا فرصة نصر كبير وتاريخي على دولة اسرائيل». وختم: «لن أقف اليوم لأشمت بعدو، وإنما لأقول لأمتنا عندما ينتصر هذا العدو يجب أن نأخذ العبرة، عندما يهزم هذا العدو يجب أن نأخذ العبرة، عندما يتصرف هذا العدو مع هزيمته باحترام يجب أن نأخذ هذه العبرة. للأسف الشديد».
(وطنية)