strong>يطرح 23 باحثاً «التمييز والتسامح في الشرق الأوسط» من منطلقات سياسية ودينية واجتماعية في المؤتمر الدولي الذي تنظمه الجامعة اللبنانية ــ الأميركية ويستمر حتى يوم غدٍ الجمعة

ينظر أستاذ الدراسات العربية والفارسية في قسم العلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية ــ الأميركية وحيد بهمردي إلى التسامح كنوع من التمييز. يقول بهمردي: «إذا كنتُ مستعداً لأسامحك وأتحمّلك، إذاً أنا أميّزك، وعندما أسامحك أتعامل معك بفوقية، ما يتعارض مع مبدأ المساواة بين الإنسان وأخيه». هكذا تتنوع المقاربات لموضوعي التمييز والتسامح في المؤتمر الدولي الذي يقيمه قسم العلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية ــ الأميركية، بمشاركة 23 باحثاً من 12 جامعة في الشرق الأوسط وأوروبا وأميركا. ويوضح بهمردي أنّ المؤتمر يعالج التمييز والتسامح في الشرق الأوسط من العصر البيزنطي حتى اليوم، مشيراً إلى «أننا اشترطنا أن لا تمس الأبحاث أي فئة سياسية أو دينية أو عرقية، وأن تبقى في الإطار العلمي بعيداً من العصبيات».
وقد افتتح أمس قسم العلوم الإنسانية المؤتمر، بالتعاون مع «المعهد الألماني للأبحاث الشرقية» (مؤسسة أورينت ــ بيروت OIB) في أوديتوريوم «أروين هول» في حرم بيروت.
بدايةً، رأى رئيس الجامعة الدكتور جوزف جبرا أنّ هناك تقدماً ملحوظاً في منطقة الشرق الأوسط، لجهة تحسين الظروف الإنسانية، على رغم طغيان الضجيج الناجم من التمييز السياسي والاقتصادي والثقافي والديني على التسامح. واعتبر أنّ غياب الوعي لأهمية الحقوق المدنية والحريات الأساسية هو ما يطبع غالبية دول المنطقة بما في ذلك اسرائيل التي يدّعون أنّها تمثل ديموقراطية العالم الغربي.
من جهتها، أشارت ممثلة رئيس مؤسسة أورينت ــ بيروت الدكتورة فيليس كرالب إلى أنّ المؤتمر يسمح بمناقشة المتناقضات والعوامل الثقافية والدينية التي تؤدي دوراً في العلاقات بين الناس.
وتحدثت عميدة كلية الآداب والعلوم في الجامعة الدكتورة سميرة آغاسي، فأكدت أنّ اللاتسامح والتعرض للحريات الإنسانية بما في ذلك حرية المعتقد الديني، تهدد الأمن والاستقرار في هذه المنطقة من العالم.
وأكد المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسون أنّ انخفاض مستوى الحوار بين مختلف الأطراف اللبنانيين أفسح في المجال أمام نشوء، وأحياناً ثبات، بعض نواحي سوء الفهم بينهم، ما أدّى إلى جعل فرص التقدم نحو الحلول أكثر تعقيداً. وشدد بيدرسون على أنّ الحوار مكوّن أساس لمناقشة القرارات، وهو مطلوب بشكل طارئ في لبنان. ولفت إلى أنّ الاختلافات لا يجوز أن تتسبب في نزاعات وهي ليست بالشيء الحتمي في مجتمعات تعددية، داعياً إلى إدارة هذه الاختلافات في إطار سياسي واجتماعي واقتصادي أوسع.
وفيما شرح بيدرسون أهداف الأمم المتحدة في لبنان وفلسطين والعراق والصومال والسودان... الخ، أكد دعم المنظمة الدولية للعملية السلمية، معلناً «الحاجة الماسة إلى سلام شامل في المنطقة، فأبناؤها عاشوا الكثير من اللااستقرار وعلينا أن نسعى لنؤمن مستقبلهم». وقال: «إنّ الأزمة الإنسانية والسياسية في العراق وفلسطين تسوء، والتقاتل اليومي يمزق البلاد من دون أي إشارة إلى تحسن ما، والوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بات رهينة». أضاف: «إنّ العرب عموماً واللبنانيين خصوصاً يحملون إلى الملأ وعياً لأهمية التضامن الأممي، فمع وجود العدد الكبير من اللبنانيين في الخارج لا بد من أنكم تعلمون مدى أهمية الحفاظ على الجذور في وقت يفترض فيه زرع بذور جديدة في ناحية أخرى من العالم».
وأشارت الأمينة العامة للجنة الوطنية للأونيسكو سلوى السنيورة بعاصيري إلى جهل الاختلافات والخوف من الآخر وانعدام الثقة وعدم التفهّم والحكم المسبق والتعميم كحواجز يجب إزالتها لترسيخ الاستقرار والتناغم بين الشعوب.
وقالت إنّ البعض ينظر إلى التسامح على أنه ميزة أخلاقية، فيما تتطلب ترجمته ترحيباً بالآخر وتفهّماً له. ويستمر المؤتمر حتى يوم غدٍ حيث تشهد محاوره نقاشات معمّقة في عناوين أساسية أبرزها: لبنان أرض تنوّع، الشرق الأوسط وقضايا الجندر، التسامح في المفهوم الديني، المسيحيون في ظل النظام العثماني، والخشيات المستمرة.
(الأخبار)