صيدا ـــ خالد الغربي
حركــة نشطــة لسوســان وحمــود لإبقــاء المنصــب شاغــراً لئــلا «نفجــع»

طرحت وفاة مفتي صيدا والجنوب، الشيخ محمد سليم جلال الدين، على بساط البحث، اسم البديل الذي سيخلفه في موقع له تميزه المستمد من موقع المدينة بوصفها عاصمة للجنوب، وذات خصوصية في علاقاتها مع عمقها وجوارها، بخاصة في حمأة الانقسامات والصراعات التي تعصف بالبلد. وبات من المؤكد، بحسب مصادر مطلعة، أن الخلف سيُعيَّن ولن يُنتخب. وتلفت المصادر إلى أن «ظاهر التعيين هدفه إبعاد المدينة عن المزيد من التوترات والانقسامات الحادة، في حين أن باطنه وصول مفتٍ يدين بالولاء للسنية السياسية والمؤسسة الدينية الرسمية».
وخلافاً لما يُسوَّق من أن آلية التعيين ستعتمد صيغة التوافق والإجماع بين المعنيين بهذا الاستحقاق، ترى المصادر أن «قول الإجماع» ما هو «إلا ذر للرماد وعملية مكياج، لأن الكلمة الفصل في هذه المسألة يحددها خط مجدليون ــــــ قريطم».
وبمعزل عمَّن سيخلف جلال الدين، فإن هناك شبه إجماع على أن «الخليفة» لن يكون قادراً على القيام بالدور نفسه الذي أداه المفتي الراحل، الذي غطّت عباءته الجامعة عمل المقاومين ضد الاحتلال الإسرائيلي للمدينة بين عامي 1982و1985، وكان مدركاً لخصوصية موقعه وسط حرائق ملتهبة عاشتها منطقة صيدا من حروب المخيمات الفلسطينية على تخومها، مروراً بحرب شرقي صيدا، وانتهاء بالعلاقة مع الجنوب، فضلاً عن التجاذب الصيداوي الداخلي. وقد تمكن جلال الدين من صياغة معادلته في مقاربة القضايا بمقياس حسابي دقيق، قد يكون ملماً به منذ كان مدرساً للرياضيات في مدرسة المقاصد. وتشهد على ذلك اجتماعات دار الفتوى في المدينة لمعالجة الأحداث والتطورات وتحصين اللحمة بين اللبنانيين.
أروقة دار الفتوى في المدينة، وهي تستقبل المعزين، كان همس الزوار فيها يسأل عمن سيخلف جلال الدين، وتعمّد مطلقو هذا الهمس «جس النبض» حول الأسماء، ومن بينها رئيس دائرة الأوقاف الإسلامية الشيخ سليم سوسان، الممسك بكل تفاصيل دار الفتوى منذ أن نال تقدم السن من المفتي الراحل، والذي تؤكد أوساط صيداوية قربه من تيار الحريري، على رغم حرصه الدائم على التأكيد أنه «على مسافة واحدة من كل القوى الصيداوية».
ويبدو أن هناك من بدأ جهوداً لتسويق تسمية سوسان لدى النائب أسامة سعد «لنبيعه موقفاً، لأن اعتراضنا لن يقدم أو يؤخر» بحسب قيادي في التنظيم الشعبي ممن تربطهم بسوسان علاقة صداقة.
وترصد مصادر صيداوية متابعة حركة نشطة لرئيس دائرة الأوقاف الإسلامية، وتلفت إلى حضوره 13 اجتماعاً سياسياً عقدتها النائبة بهية الحريري أخيراً مع قيادات سياسية وحزبية لبنانية وفلسطينية من أصل 15 اجتماعاً. ويذهب البعض في تفاؤله بحسم خيار سوسان إلى أن على الأخير أن يقطع فقط مسافة سبعة أمتار هي المسافة الفاصلة حالياً بين مكتبه ومكتب المفتي. إلا أن مرجعاً دينياً مهماً يحظى بجمهور واسع في المدينة يعبّر عن قلقه من ذلك، ولا يتوانى عن وصف الأمور بأنها ستكون «كارثية».
وإلى جانب سوسان، تتردد أسماء أخرى لمنصب الإفتاء تتمتع بحضور جيد وبفقه وعلم، وهي عايشت مراحل متنوعة في حياة المدينة وصقلتها التجربة، إن لجهة إدارة الشأن الديني أو لجهة العلاقات مع المراجع الدينية الأخرى. ومن هذه الأسماء التي يبدو أنها لا تقاتل كثيراً في تسويق نفسها بل يرشحها آخرون الشيخ حسين الملاح، الأستاذ والخطيب والفقيه، ومفتي صور الشيخ محمد دالي بلطة الذي يؤدي حالياً دورا مهماً في منطقة صور لتحاشي الفتنة المذهبية. وتشير بعض المصادر إلى أن قرار تعيينه مفتياً على صور قبل فترة كان لقطع الطريق أمامه في الوصول إلى إفتاء صيدا.
وفيما تساءلت مصادر علمائية في بيروت عن سبب تجاهل طرح اسم الشيخ صلاح الدين أرقدان، في سياق عملية فض عروض الأسماء المرشحة لتولي منصب مفتي صيدا والجنوب، رأى الشيخ ماهر حمود، إمام «مسجد القدس»، في حديث إلى «الأخبار» أن صفات الشيخ محمد سليم جلال الدين لا تضاهيها بعض الأسماء التي يتم التداول بها لخلافته، مشيراً إلى أن المفتي الراحل «فضلاً عن صدقه وانسجامه مع قناعاته، لا يساوم ولا يتنازل، بل هو صاحب رسالة». إلا أن اللافت في كلام حمود، على رغم تأكيده أن «خيار الانتخابات الأسلم»، هو أن الأمور يمكن أن تسير من دون تسمية مفت، و«لا نريد أن يفجع المواطنون بمفت لا يسير على القيم التي ينبغي أن يكون عليها هذا الموقع»، إلى حين توافر ظروف مواتية لانتخاب مفت بعد تعديل القانون، ما يسمح بتوسيع الهيئة الناخبة.