strong>حسن عليق
وافق مجلس الوزراء أخيراً على طلبين من وزارة العدل لإجراء تلزيم بالتراضي لأعمال التنظيفات في مبان تابعة لها وفي قصور العدل والمحاكم، ولتركيب كاميرات مراقبة أمام منازل «المعنيين بالمحكمة ذات الطابع الدولي». يطرح هذان القراران اسئلة عن مدى الالتزام بمبدأي الشفافية وتكافؤ الفرص بين المواطنين الذين تتوافر فيهم الشروط اللازمة للاشتراك بهذه الأعمال، من خلال مناقصات سرية

نشر في العدد 25 من الجريدة الرسمية الصادر بتاريخ 26/4/2007، قرار «نافذ حكماً»، صادر عن مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها بتاريخ 3/4/2007، يوافق فيه، بناءً على طلب وزارة العدل، على إجراء اتفاق بالتراضي لتلزيم التنظيفات في الادارة المركزية للوزارة والمباني التابعة لها وفي قصور العدل والمحاكم المنفردة في المحافظات. وقد اعتمد مجلس الوزراء في هذا القرار على قرار سابق اتخذه يوم 9/3/2006، ووافق بموجبه «على إجراء عقد اتفاق بالتراضي لتلزيم التنظيفات» في المباني المذكورة، «وذلك على إثر إجراء مناقصة لهذه الغاية تعدت فيها كلفة الالتزام الاعتمادَ الملحوظ في موازنة وزارة العدل لعام 2006 وبزيادة قدرها /514,232000/ل.ل». وقد رأت الوزارة في طلبها المقدم الى مجلس الوزراء أن «الأسباب التي من أجلها تم إجراء اتفاق بالتراضي لا تزال قائمة، وأن الاعتماد الملحوظ والذي يصرف على أساسه لم يتغير، لذلك، فإن الوزارة تعرض الموضوع على مجلس الوزراء للموافقة على الاستمرار في إجراء اتفاق بالتراضي لتلزيم التنظيفات، وفقاً للاعتماد الملحوظ في الموازنة، مع الاشارة الى أن أي اتفاق بالتراضي سيتم مع وزير العدل».
اللافت في هذا القرار أنه اعتمد على نتائج مناقصة جرت في عام 2006، كان قد تبين جراءها أن المبالغ التي عرضت تزيد على الأرقام المرصدة في الموازنة لهذا الأمر، من دون أن تحاول وزارة العدل تنظيم مناقصة جديدة هذا العام. كما أن مجلس الوزراء، ووزارة العدل في طلبها، أغفلا أي حديث عن المواصفات أو نوعية الخدمات التي ستقدمها الشركة الملتزمة، خاصة بعدما ذكر مصدر رفيع في وزارة العدل لـ«الأخبار» أنها الشركة ذاتها التي كانت متعهدة تنظيفات قصور العدل في العام السابق، حين كانت النفايات تتراكم على أبواب قاعات بعض المحاكم، ومنها تلك التي كانت تجرى فيها جلسة لمحاكمة متهمين بقضية محاولة تفجير قطارات في ألمانيا، والتي كان يحضرها مندوبون عن وسائل إعلام محلية وعالمية. وهنا، لا بد من التذكير بما كانت «الأخبار» قد نشرته منذ بدء صدورها عن أوضاع قصور العدل في بيروت والمناطق، والتي يمكن مراجعتها عبر موقعنا الالكتروني، وهي تشير الى حالة غير لائقة لأوضاع المباني والتجهيزات حيث لا تتوافر أدنى معايير النظافة. كما أن زائر أي قصر للعدل ليس بحاجة إلا إلى رؤية وضع الأروقة وحتى قاعات المحكمة، أو الباحات الخارجية، لملاحظة نوعية الخدمات المتعلقة بالتنظيفات التي تقدّم في هذه المرافق.
وعلمت «الأخبار» أن الشركة التي جرى تمديد العمل بالعقد المبرم معها خلال عام 2006، للقيام بأعمال التنظيفات في المباني التابعة لوزارة العدل وقصور العدل والمحاكم، هي شركة يملكها كارل فغالي. وذكر مصدر رفيع في وزارة العدل أن تنظيف قصر عدل بيروت يتم مقابل مبلغ 900 ألف ليرة شهرياً. اتصلنا بكارل فغالي لكنه رفض بانفعال التحدّث عن الموضوع.
تلزيم كاميرات مراقبة بالتراضي أيضاً
في العدد ذاته من الجريدة الرسمية، نشر القرار رقم 100 الذي كان مجلس الوزراء قد أصدره بتاريخ 3/4/2007، ووافق بموجبه، بناءً على طلب وزارة العدل، على «إجراء عقد مصالحة مع الملتزمين لتغطية نفقات شراء وتركيب الكاميرات والتجهيزات التي تم تركيبها، وشراء وتركيب كل التجهيزات المطلوبة امام منازل المعنيين في المحكمة ذات الطابع الدولي وذلك بطريقة الاتفاق الرضائي». وقد عللت وزارة العدل طلبها بأسباب عدة أهمها: «الظروف الامنية التي تمر بها البلاد، والتخوف من حصول اي اعتداء على الجسم القضائي، النقص الحاصل في عديد المجموعات الامنية المولجة حماية قصور العدل في بيروت والمناطق، وعدم امكان تغطية جميع النقاط التي يتوجب مراقبتها بشكل كامل، الظروف الراهنة التي اقتضت زيادة عديد عناصر الحماية الامنية لقصر العدل في بيروت ووزارة العدل ولعدد من منازل القضاة والمعنيين، الذين هم على علاقة مباشرة بوضع نظام المحكمة ذات الطابع الدولي، معززة بكاميرات مراقبة وتجهيزات سلكية ولاسلكية ومعدات تقنية وتجهيزات مختلفة. الاوضاع الحالية لا تتحمل اي تأخير في تنفيذ تركيب هذه التجهيزات والمعدات، في ظل حاجة الوزارة الى تركيب مجموعة اخرى من التجهيزات التقنية (سلكية ولاسلكية...) امام منازل المعنيين بالمحكمة ذات الطابع الدولي».
لكن وزارة العدل، التي ذكرت أسباب طلب تركيب التجهيزات، لم تذكر في طلبها سبباً للجوء إلى التراضي لتلزيم تركيب المعدات التي هي بحاجة إليها. كما أنها لم تذكر كلفة هذا العمل، أو عدد الأشخاص المنوي حمايتهم، مع العلم أنه لا مبرر لوجود «نقص في عديد المجموعات الأمنية المولجة حماية قصور العدل» والمحاكم والقضاة، وخاصة أن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي فصلت مئات العناصر لحماية الشخصيات السياسية والإعلامية والجمعيات وبعض المؤسسات الخاصة، بينهم أكثر من 130 عنصراً لحماية منزلين لزعيم سياسي واحد. كذلك، أبدت المديرية العامة للأمن الداخلي استعدادها لتأمين حماية أي مواطن لبناني يمكن أن يستهدف بعمل إجرامي. وتجدر الاشارة إلى أن القرار المذكور (الرقم 100) يشمل «الموافقة على نقل اعتماد بقيمة /600/ مليون ل.ل. من احتياطي الموازنة العامة الى موازنة وزارة العدل ـــ النيابة العامة التمييزية لعام 2007 على أساس القاعدة الاثني عشرية. (لزوم النفقات السرية للنيابة العامة التمييزية والمحققين العدليين في قضايا الانفجارات التي حصلت منذ اغتيال دولة رئيس مجلس الوزراء السابق الشهيد رفيق الحريري ولغاية آخر انفجار في منطقة عين علق وغيرها من القضايا التي تستوجب نفقات سرية).»
وللتعليق على هذين القرارين، اتصلت «الأخبار» بوزير العدل شارل رزق الذي ذكر أن قرار تلزيم التنظيفات تم بسبب الحاجة، ولأن المبلغ المعروض في المناقصة السابقة أكبر من المبلغ المرصد في الموازنة لهذا الأمر.
أما وزير الثقافة طارق متري، فذكر أن «القانون يفرض المناقصة، لكن مجلس الوزراء يوافق أحياناً على تلزيمات بالتراضي، وذلك تحت ضغط الاسراع بتنفيذ مشروع ما، أو بسبب الكلفة المعروضة من قبل المشاركين في المناقصة، والتي تكون أعلى مما هو مرصد في الموازنة».
وأضاف متري أن وزارة الثقافة لجأت مرة الى تلزيم بالتراضي لأعمال تنظيف قصر الأونيسكو، لأن السنة كانت قد انتهت، وتبين أن الشركة التي فازت بالمناقصة غير مستوفية الشروط لناحية عدد الموظفين المسجلين في الضمان الاجتماعي، فتم فسخ العقد معها، وجرى اللجوء إلى اتفاق بالتراضي بعد تراكم الأوساخ في المكان المذكور».
أوضاع قصور العدل ما زالت على حالها من الإهمال... هل من يتحرك؟